الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موريتانيا ..انقلاب على طريق الفشل

معقل زهور عدي

2008 / 8 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بنظر كثيرين من المواطنين العرب ، كانت الديمقراطية الموريتانية مزاحا ، او لعبا في الوقت الضائع ، فالأصل في بلادنا العربية هو الاستبداد ، حتى صرنا نميل للاعتقاد بأن نبتة الديمقراطية غير قابلة للحياة في تربتنا العربية لأسباب أزلية مثلما ان الرمال لاتصلح لتكون بستانا للزهور ، من أجل ذلك استقبلنا الانقلاب الموريتاني بقليل من الدهشة ، بل ، بشيء من التوقع ، وكأنه عودة الأشياء الى طبيعتها الأصلية ( الطبع يغلب التطبع ) ، لكن الواقع يختلف قليلا هذه المرة ، وأزعم ان الشعور المزمن بالاحباط ، يمنعنا من رؤية العناصر الجديدة حتى الآن .

مايهمني في المشهد الموريتاني اليوم ليس الانقلاب العسكري الذي حدث ، بل كيف يواجه ذلك الانقلاب مقاومة غير مسبوقة ، داخل وخارج موريتانيا ، مقاومة سوف تغلق أمامه شيئا فشيئا الأفق لانتزاع أية شرعية سياسية ، وتضعه في ثلاجة ، في انتظار انهياره من الداخل ولو بعد حين .



فالبيئة السياسية الدولية التي كانت تتسامح مع الانقلابات العسكرية واستخداماتها السياسية قد تغيرت ، وهو تغيير لايرتبط بمصلحة دولة كبرى بعينها بقدر ما يرتبط بتبدل الشروط الموضوعية التي تشكل الأرضية للصراعات الاجتماعية والاقتصادية الجارية على نطاق العالم .



لنلاحظ أن كافة الكتل السياسية العالمية ذات الوزن قد وقفت ضد الانقلاب على اختلاف مصالحها وتضاربها ، وكذلك الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ، وكأنهم يقولون للعسكر في موريتانيا : (انتبهوا أنتم تلعبون خارج حدود الملعب ) .



حتى الدول العربية الغارقة في أساليب الحكم العسكرية ، لم تتمكن من التعبير عن غبطتها العميقة في التخلص من تجربة ديمقراطية عربية كان يمكن أن تمتد فيروساتها خارج حدود موريتانيا ، أو تصبح على الأقل احراجا للحاكم العربي الذي تعود على القول ان الديمقراطية جميلة كحلم لكنها غير واقعية في بلادنا العربية .



هذه البيئة العالمية الجديدة التي لاتمتلك القدرة على مواجهة الأنظمة العسكرية وتغييرها ، والتي تعبر عن محصلة تطور البشرية نحو الأمام أكثر مما تعبر عن مصالح اقتصادية وسياسية محددة ( في الواقع لم يعد بامكان المصالح الاقتصادية والسياسية تجاهلها مهما كان اتجاهها ) ، تمتلك القدرة على عرقلة ومحاصرة أي انتكاسة نحو الوراء مفسحة المجال للقوى السياسية والمدنية الداخلية للعمل بفعالية أكبر لاستعادة الحياة السياسية الديمقراطية .



الشعور بالعزلة الداخلية والخارجية هو المعول الذي سيهدم الحركة الانقلابية ويحولها الى محاولة عبثية تصطدم بحائط سميك ، دون الحاجة للعنف وسفك الدماء ، وهنا تبرز أهمية الأطر السياسية المدنية ( أحزاب ، نقابات ، جمعيات ...الخ ..) ليس من أجل اسقاط الانقلاب بالقوة ، ولكن من أجل عزله داخليا ، وتوضيح رفض المجتمع له بغض النظر عن الحجج والذرائع التي يقدمها باعتباره خروجا عن أسس الديمقراطية ومبادئها .



بسقوط الانقلاب العسكري ( وهو ما سيحدث على الأغلب ) ، سوف تتعزز الديمقراطية في موريتانيا ، بالتأكيد ذلك لايعني نهاية المتاعب والأزمات السياسية وربما بعض العنف ، لكنه سيعني أن الانقضاض على النظام الديمقراطي سيكون أكثر صعوبة من أي وقت مضى .



لكي لايفرح الديكتاتوريون العرب كثيرا أقول لهم لاتستعجلوا ، فالانقلاب على طريق الفشل ، ولكي لايحزن المواطن العربي الذي أصبحت الديمقراطية بالنسبة له حلما طائرا أقول له : لابد من صنعا وان طال السفر.



9/8/2008









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حريق في صفد اندلع مجددا بعد إخماده أمس إثر قصف من جنوب لبنان


.. حجاج بيت الله الحرام يتوافدون إلى صعيد عرفات لأداء ركن الحج




.. حلف النيتو يعلن أنه سيتولى دورا أكبر في تنسيق إمدادات الأسلح


.. اعتصام أمام البرلمان السويدي للمطالبة بإيقاف تصدير السلاح لإ




.. أكثر من مليوني حاج يقفون على صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظ