الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وسائل الإعلام و أزمة المصداقية

محمد طيفوري

2008 / 8 / 11
الصحافة والاعلام


قد يبدو هذا العنوان في نظر بعض القراء غريبا بيد أنني لم أجد غيره مناسبا للتعبير عما وصلت إليه بعض وسائل الإعلام التي ما فتئنا نسمع من المسؤوليين عليها شعارات " تحرير القطاع المسعي البصري" و " تطوير المشهد الإعلامي" و ... الأمر الذي بدأت ثماره تجنى منذ وقت ليس بالطويل إذ صارت لنا بعض وسائل الإعلام ( قنوات، صحافة...) شغلها الشاغل وهمها الأول والأخير التربص ببعص الصحفيين والإعلاميين المؤمنيين برسالة مهنة المتاعب بهدف تفنيذ و إعدام كل الأخبار والحقائق التي يكشف عنها هؤلاء. والأمثلة على هذا كثيرة فكم من من المرات تحضى بعض المنابر الإعلامية بالسبق الصحفي بخصوص معلومات حول قضية معينة بدلت الجهد الجهيد في سبيل الوصول إليها وإيصالها للمتلقي. في مقابل هذا يأتي هذا الصنف الجديد من "وسائل الإعدام لا الإعلام" لتفنيذ هذا واتهام أصحابه واصفين إياهم بأشنع الأوصاف دون التزام بأدنى أخلاقيات المهنة. غير أن الحكم بين هؤلاء وأولئك والمتلقي هو التاريخ الذي يكذب الأوهام ويزكي الحقائق دون أن يجامل أحدا.
وبالأمس القريب فقط وقعت حادثة على هذا المنوال حيث قامت قناة إخبارية عربية بإيداع خبر حول أحداث وقعت بمدينة سيدي إيفني أرفقتها ببعض الصور وبيان لهيئة حقوقية مغربية هي "المركز المغربي لحقوق الإنسان" ـ فرع سيدي إفني ـ ، هذا الخبر الذي نفته إحدى القنوات المحلية جملة وتفصيلا مطالبة تلك القناة بالإعتدار عن نشر الإشاعات والسعي لتشويه سمعة هذه البلاد. وهنا نتساءل عن مصدر القوة التي تمنح هولاء القدرة على تكذيب قناة إعلامية تشتغل معهم في نفس الحقل إضافة إلى هيئة حقوقية ؟ فأن يقع سيناريو الاحتمال الأول (الخاص بتكذيب القناة) أمر مقبول في إطار المزايدة الإعلامية بين القنوات، لكن أن تضاف إليه هيئة حقوقية وطنية أمر يدعو للغرابة والتعجب !
إلا أن العودة إلى التاريخ وقراءته لا تجعل شيئا غريبا في هذا البلد فإلى الأمس القريب كان الكل سياسيين وإعلاميين و ما جاورهم إلا من رحم ربك ينكر بالبث والمطلق ما يسمى بسنوالت الرصاص بما لها وما عليها بل إن مجرد التفكير فيه خيانة للوطن في نظرهم، إلى أن قرر أهل القرار وذوا آلات التحكم عن بعد الحديث عن هذا الموضوع حيث صار الصحفي الذي كان يخصص حلقات للرد وتكذيب كل من سولت له نفسه الحديث عن هذا الملف يفرد له حوارات ومقابلات مدعما ما كان ينفيه حتى الأمس القريب بشهادات وآراء من عاشوا المرحلة وأحرقوا بنيرانها، أمام هذا لا نجد قولا غير سبحان مبدل الأحوال الذي له الأمر من قبل ومن بعد.
إن هذه العبارة الأخيرة تكون الخاتمة في كل مرة أقف فيها على مثل هذه الوقائع، غير أن تجشم عناء البحث والتحليل يفضي إلى حقيقة قالها ويقولها رجل آمن بها ودفع الثمن في سبيلها وهي " المصداقية أهم ثروة متراكمة لا يمكن شرؤاها في بورصة وول ستريت ولا بورصة نيويورك " إنها قولة المفكر المغربي الدكتور المهدي المنجرة التي بتأملها نستطيع أن نفك شفرة مثل هذه الأحداث إذ لو كان لمثل هؤلاء الأفراد ذرة من مصداقية وحبة إيمان برسالة مهنة المتاعب لما أقدموا ويقدمون على مثل تلك الأفعال التي سجلها ويسجلها عليهم التاريخ .
غير أنه شتان بين من حملوا الرسالة بمصداقية كاملة وجعلوها نصب أعينهم وبين من جعلوها وراء ظهورهم محولين ذواتهم إلى أبواق لجهات معينة تمرر عبرها ما يروقها من خطابات.
حقيقة إن موضوع المصداقية في المجال الإعلامي والصحفي ليشكل أزمة في بلادنا، فنحن على ما يبدو في أمس الحاجة إلى المصداقية والالتزام والصدق في هذا الميدان أكثر مما نحن بحاجة إلى قنوات إعلامية جديدة وصحف تدعي الاستقلالية والحياد وبينها وبين هذه الأوصاف ما بين الفيل والفول كما يقال. والأدهى والأمر من كل ما سلف أن ما ينقصنا (المصداقية) لا يدرس في مراكز التكوين ولا يمنح من الوزارات ولا الهيئات المعنية إنما هي التزام وسلوك وممارسة، وقبل ذلك كله إيمان و قناعات أمن به البعض غير أن أكثرهم به كافرون.
قد يبدو المتحدث عنه شيئا غير ذي أهمية في نظر البعض بيد أنه أساسي لاعتبارات عدة لعل أبرزها كون هذه الأبواق قف حجر عثرة أمام من يبدل كل ما بوسعه لايصال رسالته، إذ يحول جهوده من هدفه الأمثل وغايته السامية إلى النقد والرد على هؤلاء، لتضيع مطلب وحق المتلقي الذي هو الحقيقة بين هذا و ذاك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام