الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسامو الجدران .... فنانون أم مخربون ...

إبتهال بليبل

2008 / 8 / 12
الارهاب, الحرب والسلام


فوق مساحة الجدران الكونكريتية ، عند حوافي المدن والطرقات ، وصولا الى جدران المؤسسات ودوائر الدولة
، مساحات واسعة تحولت الى ملعب فسيح للرسامين ، في العاصمة بغداد ، والتي تضم اليوم مجموعات متنوعة
وعديدة منهم .
الغرافيتي ... الذي يعني الكتابة والرسم على الجدران ، في بغداد يزاول هذا الفن الرسامين بتألق ، ويرمقها المارة بنظرات
الاعجاب والتقدير .. أما عالميا فقد أصبحت ظاهرة دولية يكافحها القانون ، وبين هذا الامر وعكسه ، تبقى رسوم
الغرافيتي السمة الاكثر تميزا لهذه المدينة او تلك ...وجانباً تزينياً لايمكن تجاهله ...
لو بحثنا في ملفات التأريخ عن اسباب ظهور هذا الفن لوجدنا حقيقة واحدة هي انه يهدف الى التعبير عن الطبقات
المحرومة لنفسها بطريقة فنية تجنح احياناً الى التمرد والثورة على وضع ما .
والدليل على ذلك أن معظم رسامي الغرافيتي في العالم هم من الطبقات المحرومة ، الذين أرتاؤا التعبير عن تمردهم
بهذه الطريقة . أذ تمثل الغرافيتي بالنسبة الى هؤلاء شيئاً من الاحساس باليقضة وبالتعبير عن الرأي ، من خلال تحدي
قانون او نظام بطريقة غير مؤذية ، بالمعنى الاجرامي .
بغداد مدينة السلام تحيط بأحيائها السكنية ذات التأريخ العريق جدران كئيبة رمادية اللون كونكريتية موحشة ....الحقيقة
أن مايشد أنتباهنا اليوم .. مجموعة رائعة من الرسومات الملونة تنتمي لعصور سحيقة .. تبعث في أنفسنا أحساساً عميقاً
جارفاً بالتأريخ يفوق تأثير نص يقرأ أو يسمع ....
اليوم وأن يجتاحنا ذلك الاحساس الساحر وذلك التشوق الذي يمتلك الاطفال حين يبدأ الكبير بالحديث مستهلاً الحكايا بالعبارة
المشهورة " كان ياما كان "
وبهذه العبارة تبدأ الحكايا ،،، مالذي يحدث ؟؟!
سؤال يؤرقنا !!!!
جميع القوانين الدولية اليوم قررت وصف فن الرسم على الجدران بأنه " فن التخريب " وكافحته بكل الطرق والاساليب
الدولية وبات ممنوع قانونياً ، اننا لانستغرب ذلك حيث أننا على دراية أو وعي بأن تاريخ البشر يحتوي على قدر متواصل من
العنف والقتل وإراقة الدماء .. وان البشر كانوا اميل واقرب الى تدمير ذواتهم منذ بدايتهم على الارض ..نحن هنا لانتكلم
عن التاريخ البشري ولكن نضعه في الاعتبار .. ربما يتبادر الى ذهن القارىء ماعلاقة التاريخ البشري بفن الغرافيتي ..
ان قدرة الانسان العراقي الخلاقة المبدعة هي الحقيقة المركزية الوحيدة في نظرنا هنا .. وهو انه ينثر الالوان والرسومات
بدل رصاص المدافع الرشاشة ، أنه فنان متحمس كرد فعل لنموُ قدرته على الخلق وألابداع ....كان ذلك الادراك الطبيعي
لأخر مراحل التمرد على القتل والارهاب بطريقة الهداية والاقناع بذكاء ، من رسوماته يعلن أن الحرب نشبت لتنتهي حرباً
وسيسود أرضنا القتل والعنف والقسوة والوحشية ...
حيث يجد الرسام أمراً حقيقياً هو ان الدافع الاجرامي ، الآن ، ليس شذوذاً أو جنوحاً لفعل الشر ، أكثر من فعل الخير ، بقدر
ماهو مركب طفولي وميل طفولي يدفع الى الاستسهال والاختصار ، كل جريمة في أرضنا تنطوي على طبيعة تتسم بالتدمير
والانتزاع وأغتصاب شيء بالقوة وبالعنف ... هي نزعة للحصول على شيء مقابل لاشيء ...
قد يبدو لنا الرسام ساذجاً ، في معتقداته ، فهو برسوماته يٌذكر الى حد كبير مسألة الانتماء لمكان او الاحساس بأمتلاكه ، حيث
يوضح لنا أن كل الحروب كانت تدور حول امتلاك المكان ... فيدعوا الى عدم تجاهل مابدواخلنا من أنتماء وحب لهذه الارض
وأدراكه بشكل جيد بأننا على قدرة للتطور وطوي صفحات الجراح ...
وحقيقة اخرى ثابته هو أن التاريخ البشري كان بشكل رئيسي تاريخاً من الاجرام ألا انه مليناً ايضاً بالابداع ...
في هذا العالم ، من حولنا ، كافة الرسامين لفن الغرافيتي يواجهون المخاطر وملاحقات من قبل الشرطة دائماً وهم بأستمرار
يحاولون الهرب منهم .. بأعتبارهم مخربون ... علماً أن الاهداف المتحركة ، تمثل تحدياً مثالياً لرسامي العالم الغرافيتي الجادين
الذين يطمحون الى تحقيق أنجازات يطالب بها أقرانهم ... في هذا العالم الفني القائم بحد ذاته ...
ولرسامي بلاد الرافدين .. يواجهون المخاطر ايضاً ولكن ممن ؟؟؟؟!!!...
من الارهاب والارهابيين ، بينما تقوم الدولة وتخصيصاً دوائر الشرطة ، بحمايتهم بأعتبارهم فنانون وليس مخربون ...
وتنتهي الحكايا لتقول .... يشقينا النظر ... ويشقينا أننا نبصر ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل قامر ماكرون بحل الجمعية الوطنية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حل الجمعية الوطنية، سلاح ذو حدين محفوف بالمخاطر




.. كولومبيا تقرر وقف بيع الفحم لإسرائيل حتى وقف الإبادة الجماعي


.. قوات الاحتلال تنشر فرق القناصة على أسطح وداخل عدد من البنايا




.. فيضانات تجتاح جنوب النمسا والسلطات تناشد السكان بالبقاء في ا