الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرب يشن حربا غير عادلة على روسيا

فالح الحمراني

2008 / 8 / 13
السياسة والعلاقات الدولية


مارس الغرب وهو يتابع الحرب التي شنها رئيس جورجيا على جمهورية اسيتيا الجنوبية الصغيرة التي لايبلغ سكانها سوى 500 ألف نسمة، سياسة الكيل بمكايلين. ولم تعلق وسائل الاعلام الغربية ولم تعرض ما تكبده هذا الشعب الصغير الذي ينشد الحرية والخروج من ربقة واضطهاد الامة الجورجية" الكبرى" وما اقترفته القوات الجورجية ضد المدنيين. ولم يشاهد ولا يسمع المتلقي الغربي شئ عن ان عناصر الجيش الجورجي قتلوا الابرياء من المارة والهاربين والمختفين في الاقبية من القصف الجوري وحولوا مدينة سيخنفالي " ذلك العش المسالم" الى انقاض. واكتفت وسائل الاعلام الغربية فقط بعنواين مثل: "الروس ينزلون الضربات بمطار تبليسي" و "الطائرات الروسية تقصف بالقنابل انبوب نفط باكو تبليسي جيهان" و "الروس يصفون جورجيا" اضافة الى "ان الصحافة الغربية قارنت الاحداث في شمال القوقاز بغزو القوات السوفياتية لافغانستان عام 1979"، وتعيد للاذهان " ربيع براغ" عام 1968 واحداث هنغاريا عام 1956.ويتناسى الغرب ان ساكشفيلي وجه قواته المسلحة ضد ابناء " شعبه" فهو لم يكف لحد الان عن التاكيد على ان اسيتيا الجنوبية جزء من جورجيا. ومن دون شك ان الاحداث المأساوية التي وقعت في اسيتيا الجنوبية واسفرت عن قتل 2000 شخص وتشريد الالاف الاخرين وتدمير المدن والمواقع العسكرية، ومهما كانت خلفياتها فانها تشهد على انهيار سياسة كافة الاطراف المتورطة فيها
وتشير قراءة نتائج الحرب بموضوعية الى ان رئيس جمهورية جورجيا ميخائيل ساكشفيلي يتحمل مسؤولية اندلاع العمليات الحربية في اسيتيا الجنوبية في شمال القوقاز وتداعيات الرد العسكري الروسي عليها، وما نجمت عنها من خسائر بالارواح وتدمير المدن. وان الغرب يتخذ موقفا غير عادل الى صف الرئيس ساكشفيلي وتجاهله ما قامت به قواته من فضائع في جمهورية اسيتيا الجنوبية، ومحاولته تصوير روسيا على انها المعتدي وان جورجيا هي الضحية.
ومن دون شك فان روسيا اذا ربحت المواجهة العسكرية مع جورجيا فان الرئيس الجورجي ساكشفيلي ربح الحرب الاعلامية بدعم غربي .وخاض في الايام الثلاثة الماضية حربين الاولى ساخنة ضد شعب اسيتيا الجنوبية وقوات حفظ السلام الروس، والاخرى ضد روسيا من دون سفك دماء ـ اعلامية.
وحقا وكما عبر المحلل السياسي فيودر لوكاينوف فانه لم يكن لدى موسكو خيار آخر سوى قرار استعمال القوة لوقف الغزو الجورجي لاسيتيا الجنوبية، فبعد الدعم الذي قدمته موسكو على مدى السنوات الماضية للجمهوريات الانفصالية فان الابتعاد بنفسها في اللحظات الحرجة سيكون موقف غير اخلاقي، وكان من شانه ان يعدم الثقة بسياسة الكرملين (ليس في القوقاز وحده) واظهر العجز عن الضي بالنهج السياسي الذي يختطه" اما ما يتعلق بجورجيا فان الرئيس ميخائيل ساكشفيلي كان يهدف للقيام بحرب خاطفة والاعلان عن استعادة وحدة الاراضي الجورجية ولكن هذا الهدف لم يتحقق وانما تم تحقيق هدف اخر يتمثل بجر للحرب وانها لم تعد وسيط في النزاع بين ابخازيا والجمهوريتين الانفصاليتين.
وتشير الدلائل الى ان روسيا ستتعرض قريبا لحرب اعلامية غربية .وان الرئيس ساكشفيلي سيعمل كل ما في وسعه لاقناع العالم بان جورجيا وقعت ضحية عدوان من جانب روسيا. وثمة احتمال من ممارسة كافة اشكال الاستفزازات العسكرية او السياسية ضد روسيا.وضربت مثلا باحتمال انعاش منظمة " غوام" " رابطة الخيار الديمقراطي" التي تضم الدول الموالية للغرب في اطار رابطة الدول المستقلة، او تنفيذ اوكرانيا تهديدها بعدم السماح لعودة قطعات اسطول البحر الاسود الى قاعدة مرابطتها في سيباسوتوبل. واشتداد حملة انصار انضمام جورجيا لحلف الناتو التي ستركز على التهديد الروسي لاوروبا.
وثمة قناعات بان الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية ما حصل لانها سلحت بسخاء زعيم ثورة الزهور الرئيس ساكشفيلي، وقدمت الدعم السياسي له وغضت الطرف عن سلوكه المغامر. ولم يؤثر على علاقات اشنطن المتعاطفة مع ساكشفيلي، تفريق المعارضة في العام الماضي التي لوثت صورة الرئيس الجورجي كزعيم ديمقراطي ".
وكانت زيارة وزيرة الخارجية كوندليزا رايس لتبليسي قبل نصف شهر عاملا اضافيا لتفاقم الاحداث الراهنة" رايس وقفت بحزم الى جانب جورجيا في النزاعات مع الجمهورتين الانفصالتين، ودعمت ايضا تقاربها مع حلف الناتو.ويشير مراقبون الى ان تفعبل نشاط الدبلوماسية الامريكية في منطقة القوقاز مرتبط بحاجة الرئيس الامريكي جورج بوش المنتهية ولايته لإحراز نجاحات ما على الساحة الدولية، وبعكسه فان تركته على الساحة الدولية ستتمثل فقط بجملة من الاعمال الفاشلة، وان دعم خطة العمل لحصول لاوكرانيا وجورجيا على عضوية الناتو في ديسمبر المقبل، ستكون الفرصة الاخيرة لتحقيق انجاز ملحوظ للادارة الامريكية الحالية .
ومن المستبعد ان يكون الابيض قد اعطى الضوء الاخضر لتبليسي للبدء بالحرب ضد اسيتيا الجنوبية، من اجل استعادة وحدة اراضيها، ولكن ساكشفيلي فسر دعم واشنطن له، ، بانه إشارة الى ان الولايات المتحدة لن تتخلى عن جورجيا ، كما فسر صدام حسين قبله كلمات السفيرة الامريكية بانه ضوء اخضر لاحتلال الكويت. ان تبليسي وفقا للعديد من القراءات تتعجل الامور لتحقيق اهدافها قبل انتهاء ولاية بوش للقناعة بان واشنطن ستحدث تغيرات على سياستها لغير صالح جورجيا، سواء فاز المرشح الديمقراطي باراك اوباما او الجمهوري جون ماكين.
ان الأحداث في استيا الجنوبية اظهرت السياسة الامريكية في محيط الاتحاد السوفياتي السابق الكمين الذي وقعت فيه ". فواشنطن تدخلت بنشاط في التطورات هناك وراهنت على الأنظمة الموالية لها. ولكن ليس لدى الولايات المتحدة قدرة على التحكم بها، و لا على الدفاع المطلوب عنها عند تفاقم الاوضاع. إضافة الى انه ليس بمقدور الولايات المتحدة الابتعاد بنفسها عن التطورات الجارية في المنطقة ـ فقد قدمت الكثير من التعهدات للدول التي تدور بمحورها. ويجعل كل هذا الحضور الامريكي عامل لزعزعة الاستقرار". في محيط الاتحاد السوفياتي السابق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل