الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخاب و الديمقراطية كونها -تجربة-!!

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2008 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


نعم إنها حكومة جهلاء و جبناء و نائمين، و إذا كانت ثقافة حكومتنا ـ كأغلبية مسؤولين ـ لا تقتصر إلا على مبدأ: هذا لي و هذا لك .. هذا ربحي و هذا ربحك .. يجوز أن تقول كذا و لا يجوز أن تقول كذا و كذا.." فإن ذلك يُعد حقا مصيبة و وبالا على العراقيين أن يُبتلوا بحكام هم أبعد الناس عن الثقافة، و هذا طبيعي ما دمنا ننتخب على أساس الطائفة و القداسة و النضال القومي للبطل و الزعيم الذي كان أبـــــوه يقاتل الأنظمة عبر الجبال، و كنت أتوقع أن أجد و لو مسؤولا أو نائبا برلمانيا يسألني عما أكتب و ما أطرحه من مواضيع تمس الواقع العراقي، لكن يبدو لي أن هناك هوة سحيقة بين المسؤول و الثقافة و المثقفين.
إن الخلل يعود إلى العقل الثقافي نفسه الذي يتحكم بالعراقيين، الذي أوصل هذه الحفنة من المغامرين إلى أعلى عليين، فهؤلاء لا ينظرون ـ و طبعا هناك استثناء و لكنه قليل ـ إلى المسؤولية كتكليف ثقيل و أمانة يجب أداؤها إلى المواطن الذي انتخب المسؤول و أوصله إلى دفة الحكم، بل إن مسؤولين كبارا و في قمة الهرم لا يرون في منصبهم أي نوع من التكليف أو استمداد شرعية من المواطنين، لهذا نجده دائم الحديث عن الشعب بصيغة التملك "شعبي" و يتجاهل كلمة "مواطن" أو "فرد" كونها تحسسه بأن هناك مثيلا له بين الناس و لكنه يفضل عبارات كـ"الجماهير" و "أبناء شعبنا" لكي يشعرهم على الدوام بأنهم صغار بالنسبة إليه أو أنهم "قطعان" أو حفنة من ممتلكاته الشخصية، بالتالي فأقصى تواضع يظهر منه هو أن يتحدث عن "استفتاء"!! قد يشتم منه "عتابا" من الشعب، فمن الممكن أن لا يحصل بطلنا القومي هذا على 100% فيحصل على 97% فقط.
من هنا نجد أن عقلية كهذه لا يمكن أن تقدم للشعب أي شيء أو إنجاز أو خدمة و ستكون المصيبة كبرى لو تكرر انتخاب الأحزاب الطائفية و القومية ذاتها كونها أثبتت فشلها، و ما يخشى هو أن أحزابا بعينها تجاهلت و لا تزال تتجاهل فتاوي المرجعية و الرفض الواضح للنخبة العراقية المثقفة من استعمال صور و رموز الدين و المرجعية في العملية الانتخابية، بل إن قناة حزب من هذه الأحزاب تعلق دوما صورة المرجع الأعلى وراء كل مؤتمر خطابي لزعيمها.
لا زلنا نربط بين الدين و المسؤول، و المصيبة أننا نقيس أهلية المسؤول و كفاءته عبر مسبحته و مظاهر التقوى أو نقيس كفاءته بنضال أجداده و آباءه، و من هنا كان تقييمي للتجربة السياسية في العراق سلبيا كون الديمقراطية تتيح لنا فرصة تصحيح المواقف، لكن آليات العمل سيئة و تفتقر إلى المنهج الذي ينبغي أن يكون مركزه هو الفرد و ليس العشيرة أو القومية أو الطائفية و لا حتى الأسرة، و كمثال فإنني لا أتوقع أن تنجح الأقاليم الكبيرة التي تتكون من أكثر من محافظة كون المدن في هذه الحالة تغرق في الروتين الإداري و البيروقراطية و الشعارات، و لو كانت هذه المدينة و أقضيتها إقليما قائما بذاته لرأينا خطوات حقيقية نحو الأفضل و شعورا بالمواطنة و الانتماء إلى المدينة.
إن القومية و الطائفية كأساسين لأي ثقافة كفيلان بهدم الدولة على رؤوس مواطنيها، فهاتان العقليتان قائمتان على "الصراع" و رؤية المواطن الآخر المختلف قوميا و مذهبيا على أنه امتداد لما هو وراء الهوية الوطنية متجاوزا الحدود و بالتالي فهو "عميل" أكثر من كونه "مواطنا" و معلوم كم سقط من ضحايا تحت شعار "العمالة" و "الخيانة" فكان البعث مثلا يقتل الشيعي على أساس أنه ينتمي إلى مذهب "فارسي" أو هو عميل "الفرس المجوس" كما كان يسميهم البعث المجرم و موهما أيانا بأن "المجوس" هي صفة مشينة مع أن المجوس هم أحد أكثر الديانات الراقية و هادفا إلى مخاطبة العقل المتخلف ليقنعه بأن التشيع هو "مذهب إيراني عميل".
علينا الآن أن نقنع العراقي بأن تغيير المرشح و تجربة أناس جدد في السلطة هو أفضل من الابقاء على هذه الطغمة الفاسدة و إن كان الذين سندخلهم إلى البرلمان أناسا لم نجربهم بعد، لكن هذه هي الديمقراطية، يصوت الشعب لأناس معينين فإن هم نجحوا فإن الأمور تسير بشكلها الطبيعي و إن فشلوا فإن الشعب يأتي بأناس آخرين لتنفيذ المهام المطلوبة منهم و هذا هو هدف الانتخاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة: مدينة منكوبة تاريخها عريق ومستقبلها غامض


.. ما أهم ردود الفعل في إسرائيل على خطاب حسن نصر الله وتهديداته




.. الولايات المتحدة.. بائعة قهوة تلقن زبونا درسا قاسيا! • فرانس


.. ممثلو الأحزاب الفرنسية يعرضون برامجهم أمام جمعية -أرباب العم




.. مراسلنا: قوة خاصة إسرائيلية تقتحم جنين وسط اشتباكات مع فلسطي