الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثالوث السياسة العربية

محمد سيد رصاص

2008 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


لم يتجاوز العرب،بعد،مهام المرحلة الوطنية،إذا أخذنا بعين الإعتبار قضايا (فلسطين)و(الوحدة العربية)،اللتان لم تنجزا،هذا إذا لم تتأخرا وتتدهورا من حيث الشروط عن مرحلة الخمسينيات،كمايمكن القول أيضاً بأن الإدارة الأميركية الحالية،من خلال احتلال العراق وسعيها ل"إعادة صياغة المنطقة"عبره كبوابة،قد أرجعت العرب إلى المرحلة التي كانت في زمن عمر المختار ويوسف العظمة.
بهذا المعنى،يمكن القول بأن المرحلة العربية الراهنة تتحدد وتتعين،كسمة رئيسية للمرحلة وكتناقض أساس يؤخذ أي بعد آخر بدلالته،من خلال (البعد الوطني)،أي من خلال الموقف من مشاريع الولايات المتحدة الأميركية الهادفة إما إلى الإحتلال(= العراق)،أودعم احتلال آخر(=فلسطين والصومال)،أوالهيمنة(=لبنان)،أوالتأثير(=مصروبلدان الخليج والأردن)،أوتغيير السياسات(=سوريا)،أومسك وإدارة المشكلات الداخلية المتفجرة من أجل ايقاع البلد في قبضتها(=السودان).
في بلدان عربية ،تخضع للإحتلال،يمكن أن يكون(الوطني)منفرداً كعامل تحديد وتعيين لحركة وحدود التحالفات والتباعدات بين القوى السياسية المحلية،أما في البلدان العربية الأخرى فلايمكن أن يكون الأمر كذلك،حيث يؤخذ البعدان(الوطني)و(الديموقراطي)كرزمة واحدة،وذلك في أقطار تعاني من غياب الديموقراطية ومن الإستئثار والإنفراد بالسلطة من قبل حزب واحد أوحاكم فرد،حتى ولوكانا في حالتي ممانعة وصدام مع واشنطن،خاصة بعد أن أثبتت تجربة صدام حسين بأن الديكتاتورية لاتؤمن الشروط الملائمة لمجابهة الخارج المستهدف للبلد.
هذا يعني بأن (الوطني) لايؤخذ منفرداً في بلدان عربية،غير فلسطين والعراق والصومال،وإنما هو مربوط ب(الديموقراطي)،حيث أثبتت العديد من التجارب العربية بأن التلاقيات والتحالفات من خلال المهمة الواحدة ليست ناجحة أوقابلة للإستمرار،كما أثبتت تجربة"إعلان دمشق" لما اجتمعت قوى سياسية سورية معارضة،ليبرالية واسلامية وقومية عربية وماركسية وقومية كردية،على مهمة(الديموقراطية)وشكَلت تكتلاً عريضاً في يوم16تشرين أول2005،ليعيش تناقضات كبرى رافقت مسيرته اللاحقة بسبب الخلاف بين أطرافه حيال(العامل الأميركي)،حتى انفجر"إعلان دمشق"في مجلسه ،المنعقد بيوم 1كانون أول2007،عندما أقصى(الإتجاه الأميركاني)،ممثلاً في ثالوث(ليبرالي- إخواني اسلامي- قومي كردي)،الإتجاهين القومي العربي والماركسي من قيادة "الإعلان"،حيث كان الموقف من المشروع الأميركي هو مسطرة التلاقيات والتباعدات بين هذين الطرفين طوال عمر"الإعلان" حتى انتهاء أعمال ذلك المجلس.
ينطبق هذا أيضاً على السلطات التي تتلاقى معها قوى،إما من خارجها أومن محيط القوى الموالية لها أوالمتحالفة معها،على مهمة واحدة ،هي(الوطنية)،في وجه الأميركي المستهدف للبلد،حيث لايؤمن التلاقي على (الجانب الوطني)لوحده جبهة داخلية متماسكة في بلد- أوبلدان- يعاني من أوضاع داخلية صعبة بسبب غياب المجتمع عن المشاركة في تسيير الأمور،وفي الوقت نفسه فإن (الديموقراطية)لاتؤمن إطاراً برنامجياً كافياً إن تم أخذها منفردة بمعزل عن (الوطنية)،وذلك في منطقة وقعت تحت وطأة هجمة أميركية حملت دباباتها الغازية لبلاد الرافدين برنامجاً ديموقراطياً ليبرالياً للمنطقة،لتعيش بلدانها أيضاً استهدافاً لإعادة صياغة دواخلها وسياساتها الإقليمية واتجاهاً من الخارج الغازي إلى الإمتداد نحو جوانب(الثقافة)و(التربية)،إضافة لمحاولته السيطرة على الثروات والمقدرات.
الآن،يبرز بعد ثالث في السياسة العربية،هو(البعد الإقتصادي الإجتماعي)،بعد أن بدأت بالتبلور والنضوج رأسمالية جديدة،أتت من رحم(أومن تحت خيمتها)الأنظمة،التي أسماها السوفيات في الستينيات ب"الديموقراطية الثورية"واعتبروها تنهج نهجاً"لارأسمالياً"،حيث بدأت هذه الرأسمالية الجديدة بالهجوم على الفقراء والفئات الوسطى،مايهدد النسيج الإقتصادي الإجتماعي القائم،وفي الوقت نفسه فإنها-أي هذه الرأسمالية- لايمكن أن تبني"ليبرالية في بلد واحد"،على طراز"الإشتراكية في بلد واحد " التي طرحها ستالين ضد تروتسكي بالعشرينيات،وإنما هي تحمل نزعة التحاقية بمركز الليبرالية العالمية في واشنطن،ولو بعد ممانعة وصدام مع هذا المركز لهذا السبب أوذاك.
من كل ذلك فإن هناك ثالوثاً في السياسة العربية،يشمل مُرَكباً واحداً يتألف من الأبعاد الثلاث:(الوطني- الديموقراطي- الإقتصادي الإجتماعي)،يقف في وجه ليبرالية(الخارج الأميركي)،وتلك التي يطرحها الداخل أوالدواخل في بعض السلطات وفي بعض المعارضات،والتي تشمل أيضاً ثالوثاً معاكساً يتضمن برنامجاً مناقضاً،هو متعارض مع مايطرحه الطرف الآخر على صعيد طوابق هذا الثالوث.
المسألة الآن:إذا كانت تلاقيات وتحالفات المهمة الواحدة قد فشلت واصطدمت بالحائط ، فهل يمكن إقامة التلاقيات والتحالفات على مهمتين من ذلك الثالوث،بشرط أن يكون( البعدالوطني)أحدهما،باعتباره السمة الرئيسية للمرحلة وتناقضها الأساسي،مايمكن أن يؤدي مثلاً إلى تلاقٍ على مهمتين،هما(الوطنية)و(الديموقراطية)،بين قوى أيديولوجية مختلفة من اليسار واليمين ضمن إطار"خط ثالث"،يقع خارج خطي الأنظمة الممانعة- والداعمة للمقاومة- والإتجاه الأميركاني المعارض؟............أم أنه يجب بناء التلاقيات والتحالفات على الطوابق الثلاث لهذا الثالوث معاً؟..... ثم من جهة أخرى : هل يمكن بناء التلاقي بين أطراف سياسية على أساس(الوطني)و(الإقتصادي الإجتماعي) فقط ،من دون(الديموقراطي)؟.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA