الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإصلاح العربي...من دافوس!

باتر محمد علي وردم

2004 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


بشكل غير مسبوق ولأول مرة في التاريخ السياسي العربي الحديث يتفق مسؤولون حكوميون ومتخذي قرار رسمي من عدة دول عربية على ضرورة الإسراع بإجراء إصلاحات سياسية في العالم العربي، ومن منتجع دافوس المثلج  في المنتدى الاقتصادي العالمي كان النقاش في جلسة "النهضة العربية" ساخنا جدا ووصل صداه إلى الإعلام العربي والمثقفين العرب.
هذه ظاهرة غريبة أفرزتها تداعيات 11 أيلول والحملة الأميركية على العراق، فالمناداة بالإصلاح باتت تنطلق من الحكومات العربية أكثر من الشارع العربي، والمفارقة مدهشة وسببها واضح وهو الصورة النمطية للولايات المتحدة في أذهان الشارع العربي ومعرفة حكومات الدول العربية بحقيقة الضغط الأميركي.
الحكومات العربية تحس بضغط أميركي شديد نحو تحقيق "إصلاحات" أو تغيرات في أنماط الحكم العربية التقليدية لإفساح المزيد من المجال أمام مشاركة تعددية في القرار السياسي بناء على تحليلات أميركية مفادها أن ظهور وانتشار التطرف الأصولي في العالم العربي سببه غياب الديمقراطية. ونتيجة للخوف من الضغط الأميركي باتت دعوات الإصلاح السياسي من الحكومات العربية متكررة، مما يضع الكرة في ملعب الأحزاب والتنظيمات السياسية والمدنية العربية في أن تدعم هذا الطلب الرسمي العربي للإصلاح وتساهم في تحقيق المطالب التاريخية بالإصلاح للشعوب العربية.
وفي المقابل يمكن للمقتنعين بنظرية المؤامرة أن يقولوا بأن دعوات الإصلاح العربية هي  خدمة للمطالب الأميركية وليست توجهات حقيقية، وطالما أن الولايات المتحدة تريد الإصلاح فالتنظيمات السياسية العربية يجب أن تكون ضد الإصلاح باعتبار أن المعيار السياسي الساذج الوحيد الذي يحرك هذه التنظيمات هو رفض كل ما تطالب به الولايات المتحدة. ولهذا نجد الكثير من التنظيمات السياسية والمثقفين العرب من اصبح يدعم التسلط والدكتاتورية والقمع والوحدانية في القرار من قبل الحكومات فقط نكاية بالولايات المتحدة ونشأ تحالف عجيب بين مثقفين إسلاميين ويساريين وقوميين مع الحكومات العربية ضد الإصلاح السياسي بحجة أن هذا الإصلاح مطلب أميركي، وهذا ما يحدث بشكل واضح في السعودية وسوريا ومصر بشكل رئيسي.
وبغض النظر عن المواقف الحقيقية وراء دعوات الإصلاح فإن المنطق الذي قدمه وزير التخطيط الأردني باسم عوض الله وجمال مبارك رئيس لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم في مصر والشيخ سلمان بن حمد ولي عهد البحرين في دافوس هو المنطق الصحيح والذي لا يمكن الاختلاف معه على صعيد التشخيص الدقيق للواقع، ويجب أن يتوقف العرب بالفعل عن خداع أنفسهم والتأكد بأن الإصلاح السياسي هو مطلب عربي بحت أكثر من كونه تدخلا أميركيا في "خصوصيات العالم العربي".
وزير التخطيط باسم عوض الله أشار إلى أن الحكومات العربية فشلت في التحرك علي مدى السنوات الماضية لذا فهي بحاجة الان لاعادة التفكير في أساليب التنمية التي تتبعها، وأن الحكومات العربية تعيش حالة من النكران وتقول ان الادارة الامريكية الحالية ستذهب وعندها سيتوقف الضغط ولكن الإصلاح ينشأ من حقيقة أن الحاجة إليه ستزداد مع تزايد مطالب الشباب الذين يشعرون انهم محرومون من الكثير من الاشياء التي يتمتع بها ابناء العالم المتقدم. وقال جمال مبارك أن العالم العربي يعاني من تزايد في مجال الفقر، ودرجات عالية من البطالة، وحرمان المرأة من حقوقها، وانتهاك صارخ لحقوق الانسان، وبسبب تزايد عدد السكان ومعدلاته في العالم العربي، لم يعد النظام التعليمي قادرا علي توفير التعليم الجيد.
وقال ولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد أن  الحواجز قائمة في كل انحاء العالم العربي، هناك حواجز في مجال التجارة، وحاجز علي الافكار، والبعض حساس جدا، وبناء علي ذلك علي الجميع ان يتكيف مع الواقع، وبهذه الطريقة يتم الحفاظ علي القانون، بينما يتم اجهاض وقتل الابداع والعمل الحر.
الآن مطلوب من أصحاب القرار العرب والذين كانوا في دافوس أن ينتقلوا من التنظير إلى الواقع ويطبقوا هذه الأفكار والمبادئ في دولهم طالما أنهم أصحاب القرار فيها ويحملون مسؤولية التطبيق وكذلك كل الصلاحيات المطلوبة لذلك.
كل هذا الكلام الذي أكد عليه متخذو القرار في الدول العربية هو نفسه الذي يقوله المثقفون والسياسيون والمواطنون في العالم العربي منذ عدة سنوات، فهل نشهد بداية نقلة نوعية للإصلاح إذا توفرت المصداقية الكاملة في هذه الطروحات الحكومية، وهل من الحكمة أن يرفض المعارضون للولايات المتحدة هذه الإصلاحات بحجة أنها تأتي تحت تأثير الضغوطات؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة