الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وثيقة الاستقلال وصية درويش

علاء نايف الجبارين

2008 / 8 / 15
القضية الفلسطينية


رحل محمود درويش، هاجر إلى عالمه الذي طرزه ليبقى فيه للأبد ، تركنا العنيد قبل أن ينهي ترتيب صورتنا المتخبطة ، ربما كان موته احتجاجا على وطن ضاع وسط طموحات الصغار بالعظمة ، رغم انه عشق الحياة خوفا من دمع امه ، لكنه علمنا أن الوطن يستحق أن نموت من اجله
الخاسر الأكبر بفقدان شاعر فلسطين هم الشباب، الذي كان ملهما وموجها لهم حيث الانتماء والوطن والكرامة، التي حاول أن يغيبها سماسرة الموت، والمغامرات الكارثية ، وخيبة الأمل من وضع سياسي تفاوضي غير مجدي.

حاول أن يضرب بسوط شعره كل الجناة ، ويعبر عن سخط شعب مصدوم من الواقع المرير الذي وصل إليه
ترك لنا درويش ارث لا يستهان به من الشعر والمواقف المشرفة، و وصية خطها بيده اسمها وثيقة الاستقلال ، التي توجت تضحيات ونظال الشعب الفلسطيني في الانتفاضة الأولى ، وأعلن فيها باسم الله والشعب قيام دولة فلسطين على أسس الشرعية الدولية
نجح درويش ورفاقه في قراءة النظام الدولي بشكل صحيح وعقلاني ، وصياغة إستراتيجية فلسطينية لمرحلة قادمة ، فكانت مفاجئة دوت أرجاء العالم، وصدمة لإسرائيل التي كانت تراهن على الرفض الفلسطيني للشرعية الدولية حتى لا تقوم بتنفيذ واجباتها اتجاه قرارات الأمم المتحدة التي تطالبها بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها وعودة اللاجئين وتعويضهم.

لو نظرنا لصورة الوضع الذي تعيشه قضيتنا، سنجد احتلال بغيض وجدار يلتهم أرضنا بشكل مستمر ومستوطنين حقراء يعيثون فسادا في حياتنا اليومية، والداخل الفلسطيني يعيش انقسام خطير يتخلله مصادرة للحريات وغياب للقانون وتبعية بعض الأطراف لقوى خارجية، قضايا حولت الشعب الفلسطيني من النموذج الذي يحتذي به في العالم إلى مجموعة من المليشيات التي تفتك ببعضها البعض.

بالعودة للوثيقة التي خطها محمود درويش سنجد الحلول لكافة الإشكاليات التي تحدثنا عنها، فهي لم تقتصر على الجانب السياسي بالاعتراف بالشرعية الدولية كأساس لإقامة الدولة الفلسطينية بل تطرقت إلى شكل الحكم بالدعوة لنظام ديمقراطي برلماني ، وتحدثت عن حرية الرأي وتشكيل الأحزاب واحترام كرامة الإنسان الفلسطيني والمساواة وعدم التمييز وكذلك سيادة القانون وغيرها من القضايا التي رسمت و وضعت كأساس لتسير الحياة الفلسطينية بشكل يؤمن الاستقرار والتقدم والتطور
الشرعية الدولية هي ملاذنا الأخير ، لان اغلب المبادرات التي خرجت لحل القضية الفلسطينية سواء مع الاسرائيلين أو حتى الخلافات الداخلية لوجدنا أن سقفها ادني بكثير مما جاء في الوثيقة ، واغلب أطروحاتها لا تحقق الحد الأدنى من طموحات الشعب الفلسطيني وحتى أن تحدثت عن دولة فإنها تعود جزئيا لما ذكر في وثيقة الاستقلال
إن احتكام الوثيقة التي صدرت عن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبإجماع فلسطيني غير مسبوق للشرعية الدولية لم يأتي من فراغ ، وعلى القوى الفلسطينية المختلفة أن تنتهج الوثيقة كمرجعية لها، وذلك لتوحيد الخطاب السياسي أمام العالم حتى نستطيع الضغط على الاسرائيلين لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ، لنبني دولتنا على تراب فلسطين الذي يحتضن جسد ابن فلسطين الغالي الذي لن ننساه

لنكرم عاشق فلسطين ونكرم أنفسنا، بإخراج وثيقة الاستقلال من أدراج النسيان ، ونصنع جداريه لها، من صخر فلسطين على قبر الشهيد، ونكتب عليها من هنا بدأنا نحو مستقبل رائع
إنها دعوة لكل محبي محمود درويش من سياسيين وقادة فصائل وأحزاب بتبني وثيقة الاستقلال، وعلى مؤسسات المجتمع المدني العمل نشر وتوعية الجماهير بأهميتها والاستفادة من تجربة المركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية الذي تبنى وثيقة الاستقلال وعمل منذ سنوات على توعية المواطنين باهمتيها ودعوة السياسين لتبنيها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة