الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمود درويش شاعر شيوعي متغير في زمن متغير( 2/3 ) رؤية ذاتية

فراس عبد المجيد

2008 / 8 / 15
الادب والفن


كنا ، في أمسية بغدادية عذبة ، نتجمع في ساحة الجامعة المستنصرية ، في مطلع السبعينات ، في انتظار السماح لنا بدخول القاعة التي سيلقي فيها الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش قصائده . وحضرت سيارة النقل الخارجي للتلفزيون العراقي لتسجيل ، أو لنقل الحفل المذكور . ومن الطريف أن يلمح المنتظرون الفنان العراقي المبدع حمودي الحارثي ( وكان المخرج المكلف بالنقل الخارجي ) فيستحضرون دوره في آخر حلقة من سلسلة " تحت موس الحلاق " فيقابلونه بهتاف : " الله وياك عبوسي " .. والقراء العراقيون يعرفون أبعاد هذه الشخصية الكوميدية الجميلة . يختفي " عبوسي " داخل سيارة النقل .. وندخل جميعاً الى " معبد " القراءة الشعرية لمحمود درويش .
ما زلت ذكره .كان يرتدي بدلة سوداء و" بلوز " أحمر قانياً ذا رقبة ، وكان وسيماً ، وكان حزيناً أيضاً . من المشاهد التي ظلت عالقة في الذاكرة ، ما نقله التلفزيون حينها من القاعة ، تلك الدمعة التي سالت على خد الشاعر شفيق الكمالي ، وكان وقتها مسؤولاً كبيرا ً في إعلام حزب البعث الحاكم ، وهو يستمع إلى قصائد محمود درويش .. قبل أن تطحنه ماكنة التصفيات الجسدية .
وضعت المفارقة الشاعر محمود درويش أمام واجهتين : واجهة السلطة التي استضافته ، والتي حاصرته ( باعترافه هو ذاته أمام الشعراء العراقيين غير البعثيين ) وواجهة الجماهير التي أحبته وأرادت أن عناقه في قاعة الجامعة المستنصرية . ومن هنا جاء اختياره لقصائده التي قرأها في تلك الأمسية متميزاً وذا دلالة : " لن تفهموني " .. لا زلت أذكر هذه اللازمة التي بنيت عليها إحدى قصائده التي ألقاها آنذاك . كان صادقاً بالتأكيد وهو يحس ازدواجية الموقف : بين السلطة الغاشمة التي استضافته ، وبين الجماهير الزاحفة التي جاءت لعناقه .
يتسارع المشهد القمعي في العراق في أواخر السبعينات ، وتتسع الهجرات . وفي الكويت أجد نفسي مجدداً في ذات " المعبد " .. ولكن هذه المرة في قاعة إحدى كليات جامعة الكويت في الشويخ . كان الجو مختلفاً هذه المرة . وكان محمود درويش قد دخل مرحلة التأثر بأدونيس منذ أن نشر قصيدته الشهيرة " سرحان يشرب القهوة في الكافتريا " . وبرغم هذا التحول الفني ، أصر الطلبة والمثقفون على سماع قصيدة " سجل أنا عربي " ، فاضطر لقراءتها وسط همهمات طغت على جواء القاعة ، وهو ما سأتناوله في الجزء الثالث من هذه المقالة .
تستمر الهجرات ، فأحضر مجدداً قراءات شعرية لمحمود درويش ، وهذه المرة في العاصمة المغربية الرباط . وظل محمود درويش في معظم قراءاته الشعرية يسحر مستمعيه ويحسن قيادتهم . فيبدأ بقراءة نصوصه ذات الطابع التأملي العميق .. ثم يعقبها بشحنة من التدفق الإنساني المتميز ، ليختتم قراءاته بايقاع متسارع محتدم يستثير العواطف الوطنية والقومية ليضع مستمعيه أمام الخيار الثوري المفتوح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟