الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا نبي الشعر .... وداعا

وليد العوض

2008 / 8 / 15
الادب والفن


يوم الأربعاء الثالث عشر من أيار العام 2008 ليس كأي يوم عادي، فلسطين كلها من بحرها إلى نهرها تتشح بالسواد، القلوب يعتصرها الألم ودموع الشباب والصبايا كما الأطفال والنساء والشيوخ تغسل الأرض الطيبة في يوم وداعك الحزين يا محمود،
الأرض الطيبة التي نسجت لها في شعرك أجمل الكلمات وزينت فيها قصائدك وقلت فيها (على هذه الأرض ما يستحق الحياة) اليوم هذه الأرض بجبالها وسهولها الخضراء بوديانها بروابيها وكل شبر منها تفتح ذراعيها لتستقبل ابنها الأعز محمود درويش.كما احتضنت في مثل هذا التاريخ قبل سبعة أعوام صديقه الذي أحبه سليمان النجاب أبو فراس،تحتضنك اليوم كما احتضنت كل الشهداء وأفردت المكان ت لتقر عينك بجوار الرئيس الراحل الذي احبك وأحببته أبو عمار وأنت من أمضى إلى جانبه سنوات طويلة من الكفاح الوطني وحققتما معا ومعكم كل الشهداء معجزات ومنجزات شعبنا الفلسطيني في مسيرة ثورته المعاصرة.
الأرض الطيبة والناس الطيبون الذين أحببتهم فأحبوك، أشجار اللوز ذابلة وسنابل القمح تنحني وأوراق العنب تجف أمواج البحر تثور وحتى الزعتر يا محمود الذي كتبته شعرا يبكيك السماء تدمع والقمر يتوارى خجلا من غيابك. يوم وداعك كل شي في فلسطين ينحني تحية لك يوم الرحيل الاليم.
البروة حيث ولدت ودير الأسد حيث ترعرعت والجديدة حيث نشأت وحزبك الشيوعي حيث خطوت أولى خطوات كفاحك يبكونك يا محمود.
بيروت يا فارس الشعر وأطفال المخيمات في صبرا وشاتيلا وكل المخيمات ،أطفال تل الزعتر الذين كتبتهم في قصائدك تملا دموعهم المقل يا درويش، اللبنانيون في شوارع بيروت ومسارحها ينتظرونك كماهم دائما ،، قلوبهم يعتصرها الألم والعرب كل العرب،، من دمشق لبغداد لتونس الخضراء لمصر والسودان والمغرب وليبيا والجزائر واليمن وكل دول الخليج العربي كل هؤلاء ومعهم كل الأحرار في العالم الذين أحبوك يبكونك اليوم .آه لو تعود حتى للحظة لترى كم احبك الناس الذين أحببت.
يا نبي .... الشعر ...أخيرا تمكن منك الموت، هذا الذي قاومته بل وتحديته في أكثر من زمان ومكان ، تمكن منك وانتزعك من على صهوة الجواد لكنه لن يتمكن من انتزاعك من قلوب محبيك، هذا الموت ،،هذه الفاجعة،، كم كرهناه وهو يخطف الأحبة ولكننا اليوم نكرهه أكثر فقد خطف زين الأحبة ، وبعد أن نال منك هذا الموت بتنا نشعر أن كل شيء متاح يا محمود.
يا نبي الشعر،،،يا فارس بلا سيف بل قلم.... أمضى من سيوف الدنيا ، رحلت ونحن في أمس الحاجة إلى كلماتك تبلسم جراحنا وتنير عتمتنا في زمن تطل فيه رؤوس الظلاميون يشحذون سيوفهم ليذبحوا فينا كل شيء جميل، رحلت يا درويش وكأن قلبك الطيب لم يعد يحتمل ما آل إليه حالنا المخجل، رحلت لأنك لم تطيق هذه الحال فأنت ابن فلسطين الواحدة الموحدة أساءك بل وأوهن قلبك أن يكون لنا كما قلت دولتين وسجنين وأنت العارف أنهما سجنين يديرهما الاحتلال ونحن نسجن أنفسنا داخل كل سجن منهما.
يا فارس ترجل قبل موعده ترحل اليوم ويحملك أخوتك ورفاقك على الأكتاف ملفوفا بعلم فلسطين الواحد لتعيد مجده بعد أن كادت الإعلام الفئوية في زمن التناحر ان تسود.
في رحيلك يا درويش سيبكي الجميع ويفتقدك الجميع إلا أولائك أعداء العلم والفكر والنور الذين لا يعرفون إلا الظلام.
ترحل يا محمود بعد أن كتبت للإنسانية ولفلسطين الكثير وستبقى كلماتك نبراسا هاديا لكل المناضلين من اجل الحرية رحلت بعد أن صغت بإبداعك السياسي والأدبي وثيقة الاستقلال الوطني ويا حبذا لو قام احدهم في وداعك وتلا ما كتبت فيها حيث قلت ان دولة فلسطين هي دولة للفلسطينيين أينما كانوا فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق تصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية في ظل نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب ورعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام الأقلية قرارات الأغلبية وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة ،هذه العبارات الحكيمة التي نحتاجها اليوم يا فقيدنا الغالي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان