الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ودعتنا بلا وداع يا محمود درويش

عبلة درويش

2008 / 8 / 15
القضية الفلسطينية


رحل الشاعر المقدام، وشاعر الثورة والحرية، رحل العظيم فرحمة الله عليك يا محمود درويش، تركتنا دون انذار، فلم ننس بعدْ اخر بسمة على شفاهنا باخر لقاء لك فودعتنا بلا وداع وتركتنا وسط الضياع.

لو انذرتنا لدفعنا ارواحنا لك، لو انذرتنا لدفعنا عجلة الزمان الى الخلف واعدناك امام اعيننا، فلم تركت شعبا يتيما وحيدا، لتترجل عن عرش الثورة شهيدا شاعرا قائدا ومناضلا.

حملت هم امة وشعب على اكتافك، نتمنى ان تتقبل اعتذارنا فلقد اتعبك الحِمل كثيرا وهرمت باكرا من ثقل القضية، تقبل منا كل اعتذار.

لقد انهكك تدفق الدم الفلسطيني - الفلسطيني على اروقة المساجد والشوارع، بعد ان طال ظلم الاحتلال لك، كم تمنيتَ ان تعود الى قريتك البروة شرقي عكا، وكم تمنيت في السنة الاخيرة زيارة غزة، فلم يقتلك يا كبير عملية في القلب بل قتلك موت الوحدة الوطنية واستباحة الدم الفلسطيني، عندما قلت "لولا الحياء والظلام، لزرت غزة، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان، ولا أسم النبي الجديد. ولولا ان محمدًا هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابة نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا".

ولعلك انتظرت قبل رحيلك اعلان قيام الدولة الفلسطينية قبل نهاية العام الجاري، وربما هناك قصيدة بين دفاترك لهذه المناسبة، ولكنك كنت حينها ستحزن وسيغمر الدمع عيونك كما حزنت على اوسلو وغيرها، لقد جاءت نهاية العام، وسنحزن ونبكي فرادا دون اب وشاعر يملئ علينا وحدتنا ويشجينا كلاما وحروفنا لم نتعلمها يوما لا في مدرسة ولا في اي ثورة، فتلك هي ثورة محمود درويش ثورة الحرية وثورة المقاومة ثورة التحرير.

ارهقتك يا درويش قصيدة القيتها في اراضي الـ 48 بعنوان "أنت منذ الآن غيرك" حول الاقتتال الفلسطيني بين حركتي حماس وفتح في قطاع غزة، وفي هذا النثر الذي تحسرت فيه على حال الشعب الفلسطيني الذي "أصبح بدولتين" "هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا... لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟ كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء!"

ولسنا استثناء ولو كان هناك امل... الان فقدناه بعد رحيلك يا درويش لنفقدك والامل معا، لكن برحيلك ...موجود بيننا وستبقى حتى لو تركناك ملفوفا بالكلمات والقصائد وحيدا هناك ولكنها ستملئ عليك وحدتك ايضا.

ليتك اخبرتنا ان لقاءاتك الاخيرة وكلامك الاخير وشعرك الذي القيته علينا في فلسطين قبل اسابيع قليلة هو لقاء الوداع، لكنا تلمسنا ما بقي لنا وقلنا وداعا والى لقاء قريب يجمعنا بالعلي العظيم، لماذا ودعتنا بلا وداع ولماذا ابقيت لنا املا بالعودة لسماعك، كما رحلت وبقي في قلبك حلم العودة الى عكا والبروة.

لمن تركتنا ولماذا ؟ وكيف ستعيش الثقافة الفلسطينية والثورة الفلسطينية بعدك، كيف تركتنا يتامى يستباح بنا السب ويستابح بنا الكلام، بلا محام ؟ يحمل كلمتنا وهمنا وقضينا وعشقنا وحبنا للحرية والعودة امام العالم اجمع.

رحلت عنا ولن ترحل منا، فانت هناك وهنا وهنا دوما في قلوبنا وعقولنا كفلسطينيين.
ماذا سنقول لمرسيل خليفة، ما هو حاله الان، يرثي صديقه وكيف سيغني لنا احن الى خبز امي وقهوة امي، وكم نحن اليك.

ما تبقى لنا كان بيدك وعزتنا ارتبطت بهمتك، ودوما سنسير على خطاك، فاحمل سلامنا للقادة العظام الذين رحلوا، ولا تنسى ان تقبّل لنا جبين ابو عمار فسيسعد للقائك، وربما ستلتقي جورج حبش لا تخبره بما يجري في فلسطين وقل له ان فلسطين موحدة، ودع ابو عمار فرحا بفلسطين ولا تخبره انها بحكومتين وهناك انقلاب هز قوة الشعب الفلسطيني، ولا تقل له اننا ما عدنا استثناء، الى جانب تمرد الاحتلال الاسرائيلي علينا.

تركت لنا الكثير كي لا ننساك، وتركت لنا كلماتك وشعرك وحبك وسعيك للحرية، فكم سيسعدنا وجودنا بين كلماتك دوما.

كم سنشتاق لك يا درويش، رحمك الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد