الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفعيل اليات التنسيق لاستقطاب رؤوس الاموال العراقية المهاجرة

عبد المنعم عنوز

2008 / 8 / 16
الادارة و الاقتصاد


من اوليات تفعيل اليات استقطاب رؤوس الاموال العراقية او الاجنبية هو دراسة القضية القانونية في عملية استقطاب رؤوس الاموال . ولاهمية الموضوع فاننا نتناوله بالتاكيد والتعمق برصد معاييره الاساسية التي سبق ان تطرقنا اليها في مناسبة سابقة .( مؤتمر المهاجرين في مانجستر14-15 كانون الثاني 2006 ) وفي تلك الفترة لم يكن لدينا التحليل المعمق حول اهمية الاستثمار في بناء اقتصاد الدولة وخاصة عند غياب قانون الاستثمار الذي نحاول جاهدين تفعيله لتحقيق بواعث تشريعه وحاجة السوق الاقتصادية العراقية لوضعه موضع التطبيق.

ان اهمية البحث تكمن في ضرورة تشخيص التخطيط السليم الذي يهدف الى ان نؤسس لمشروع اقتصادي وطني متكامل والذي لاشك فيه ان موضوع استثمار واستقطاب رؤوس الاموال العراقية في المهجرتشكل احد روافده الفعالة في خطط التنميةالتي يراد التخطيط اليها.

أما التمهيد القانوني لاستقطاب رؤوس الاموال العراقية هذه ، يلزمنا ابتداءا معرفة دوافع الاستثمار في المفهوم العام ، وعند ذلك لابد اذن من تحديد معنى الاستثمار في المفهوم الاقتصادي الذي هو باختصار تلك العملية التي تسعى الى خلق وتطوير رأس المال النقدي أو الانتاجي ، أي الصناعي أو الزراعي أو الخدمي او الثقافي ...... واستقطاب وتفعيل الاليات اللازمة لاجل ضمان وتحسين كفائته الانتاجية .

ان مبدأ الاستثمار لرأس المال يستند على معيارين رئيسيين يقرران شروط ومستقبل الاستثمار وديمومته و هما المعيار المادي والمعيارالامني التقليدي ونزاهة التعامل المالي.

الاول : هو المعيار المادي .

ضمن هذا الاطار ، يلزم علينا فهم بعض البديهيات وخاصة تلك التي تتفاعل مع ضوابط رسم سياسة الاستثمار لراس المال عند مالكه سواء كانوا أفراد أو شركات ذات غرض تجاري . فمن المعروف عند مبدأ القانون الاقتصادي الاستتثماري بان من اهم اهداف الاستثمار هو الحفاظ على راس المال وحمايته من مخاطر المضاربات والمنافسة والعمل على تنميته وتطويره تدريجيا كي يكبر حجما في قيمته يؤهله لاحقا الى انجاز مشاريع اكثر اهمية واكبر انتاجا كما يبدو ذلك من تعريف معنى الاستثمار . كيف يتحقق كل ذلك الغرض؟ أولا ، ان مايدفع رأس المال الى مشروع الاستثمار هو تحقيق الربحية بالطرق التي يجلب الاستثمارفي نتائجه قدرا من فائض القيمة الحقيقية وهي تلك التي تعبر عن مقدار الدخل المتحقق لراس المال عند نهاية الدورة السنوية لاستغلاله. هذا يعني ان اي مشروع اقتصادي لابد ان يحقق ابتداءا اكتفاءا ذاتيا ناتجا عن حجم مبلغ الاستثمار المالي او العيني أو حتى الكفاءة المهنية . وهذا هو الحد الادنى لسياسة الاستثمار ، ولا يهم احيانا أن لايكون ذلك متحققا في محصلة الحسابات لعائدات المشاريع الاستثمارية المخطط لها في الامد القريب. ان مايدفع في استقطاب رؤوس الاموال للاستثمار اذن هو مدى انتاجيته التي تسمح عائداته بحماية قيمته الاسمية المستثمرة المتمثلة بأصل رأس المال أوبتطويره في مشاريع اخرى او في تجديد ما هو قائم من المشاريع ، صناعية كانت او خدمية او مؤسسات مالية وذلك عند ضرورة زيادة رأس المال لها.

هذه هي نظرة عامة لدوافع الاستثمار لرأس المال في معيارها المادي بغض النظر عن جنسيته وحجمه القيمي. أما رؤوس الاموال العراقية المهاجرة ، فهل يكون لها مبدأ عمل استثنائي يخرج عن مقومات هذه القاعدة الاقتصادية المالية بحيث تكون اكثر تسامحا في حسابات الارباح والخسائر ؟ الجواب بالايجاب ليس مؤكدا. فأن كان راس المال العراقي مهاجرا بالاصل ، فله من الاسباب المادية والمعنوية التي دفعته الى اسواق الاستثمار الاجنبية ،وفيها اعتاد على التمتع بمعطياتها المالية المقبولة والموثوق بها والمضمونة ، ماعدا نتائج فترات الازمات الاقتصادية العامة التي تسري اضرارها على الجميع . أما اذا كان رأس المال العراقي قد نشأ وتطور في الحجم والقيمة في بلدان المهجر ، فانه اخذ شكل المشاريع المتطورة نوعيا في وسائل الاداء بفضل الاستقرار السياسي والقانوني والمالي ودعم وتسهيلات المعاملات المصرفية وكذلك وضوح القواعد التي تحكم علاقات العمل وغير ذلك مما يتصل بوسائل الانتاج وكفاءة الاداء أو بمستلزمات السوق الاستثمارية. ويمكن تصنيف رؤوس الاموال في المهجر وهي:

- السيولة النقدية والائتمانات المصرفية من الاسهم والسندات

- وحدات تجميعية أو انتاجية من معامل أو مصانع أو مكاتب استشارية متخصصة....

- خبرات وكفاءات تخصصية فنية او هندسية وبحوث علمية ومراكز طبية ....

هل يمكن اذن القول بالهجرة المعاكسة لرؤوس الاموال العراقية دون ان نخطط لتحقيق عائدا ماليا مناسبا لقيمة راس المال المستثمر مستقبلا في المشاريع داخل الوطن؟ وحيث ان هنالك حقيقة لايمكن تجاهلها بان رؤوس الاموال العراقية في المهجر ليست عاطلة وانما هي مستثمرة في مشاريع منتجة واكيدة في ما تحققه من دخل مالي وفائض في القيمة كما قلنا سابقا في مشاريع عمل مقبوله ومؤكدة ومحمية بنظام قانوني استثماري واقتصادي مستقر نسبيا في مداه القصير. لاشك ان مايميز اصحاب رؤوس الاموال العراقية عن غيرهم هو انتمائهم التاريخي الذي يشدهم للوطن والمجتمع العراقي بقيمه الاصيلة التي عهدوها. هذه الحقيقة قد تكون دافعا لتقليل سقف العائدات ممكنة القبول من عائدات الاستثمار الى حدودها الدنيا في المدى القريب ، ولكن لاتسمح مطلقا لاحتمال فقدان اصل راس المال وهدر الكفاءات عند استثمارها في مشاريع غير منتجة وغير اكيدة العائدات ومهددة بالابتزاز والفساد الاداري والمالي . وبالمقابل ، فان هذا الافتراض يلزم ايضا لجهاز التخطيط الاقتصادي للدولة العراقية في منح هذه الاستثمارات قدرا من الحماية القانونية والادارية والمالية التي طابعها ومضمونها الدعم والتشجيع.

هذه الافتراضات تلزمنا ابتداءا الى تفعيل الاليات المالية والمعلوماتية الضرورية والمتخصصة كي تعمل على أولا ، دراسة السوق الاقتصادية العراقية بهدف تشخيص ماهي المشاريع التي يمكن ترشيحها لتشجيع الاستثمار لرؤوس الاموال العراقية المهاجرة ، وباعتبارها من المشاريع الاكيدة والناجحة في محصلتها الاستثمارية ،هذا من جهة . ومن جهة اخرى ، يجب تقييم مدى المنفعة العامة في بناء مثل هذه المشاريع الاقتصادية الحيويه لخدمة الوطن والمواطن لتقدير ما لها من اثر مباشر في حياة الناس كي تنجح في ايجاد سوق واسعة لها. ان كل ذلك ينبغي ان يتكامل مع تشخيص بعض المعطيات الفنية والمالية بعد أن تحدد دراستنا ايضا طبيعة رؤوس الاموال هذه في جانبيها النوعي والكمي ومدى تاثيرها وقدرتها وطاقتها الاستثمارية طبقا لحاجة السوق الاقتصادية المحلية وفي جميع اشكال نشاطاتها الخدمية منها او الانتاجية ، او تلك التي يمكن ان تؤسس لمشاريع مالية ممكن ان تساهم مع راس المال المحلي او الاجنبي ، على شكل مصارف ومؤسسات التمويل المالي او شركات تامين. هذه في الحقيقة جزء من الخطوط الرئيسية التي ينبغي تناولها في التحضير الى ضوابط خطط التنمية والاعمار في المستقبل في ظل نظام الخصخصة.

إن ذلك يدعو اذن الى انشاء – مركز استشاري - ليس باعتباره فقط مصدر متطور للمعلومات بفعل عامل وجوده الجغرافي في اوربا او في منطقة الخليج ، وبالتالي يتم من خلاله تزويدنا بكل تلك المؤشرات والمعلومات الضرورية لعملية الاعمار سواء منها الاقتصادية ، المالية ،القانونية أوالفنية. كما ان هذا المركز الاستشاري سيمثل جهاز تنفيذي يتفاعل مع مراحل وضع المعاملات المعتمدة موضع التنفيذ وطرق مراقبتها. ثانيا ، ينبغي تفعيل اليات قانونية مناسبة لاستقطاب رؤوس الاموال العراقية في المهجر من خلال ايجاد التشريعات اللازمة لتشجيع الاستثمار واستقطاب رؤوس الاموال الضروري له ووضع الحوافز المناسبة لتحمل مخاطر الاستثمار . كل ذلك سنتناوله بالبحث لاحقا. .

ماهواذن النظام القانوني والاداري للمركز الاستشاري في المهجر؟
لغرض تفعيل عمل ونوع نشاط المركز الاستشاري فانه يستلزم ما يلي :
1- ان يتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة ، من الناحية القانونية والمالية، عن النظام الداخلي لوزارة التخطيط للحكومة الاتحادية. هذا الوضع القانوني والمالي يمنحه حرية التعامل مع كافة المؤسسات والشركات في المهجر أو داخل العراق من خلال مكتب الارتباط والمتابعة الذي يؤسسه لهذا الغرض .

2- صياغة نظام داخلي يحدد هيكلية ووظيفة العاملين في المركز الاستشاري ونوع وحدود المسئولية المدنية والتقصيرية الناتجة عن نشاطاته والتزاماته المالية أوالعقدية وما ينتج عنها، باسمه كشخص معنوي مستقل أو نيابة عن الغير من الوزارات العراقية او مجالس المحافظات .

3- أن يتمتع بالدعم اللوجستي من قبل مؤسسات الدولة الاتحادية باعتباره احد مؤسسات الدولة العراقية في المهجر لاغراض اقتصادية وتجارية ومعلوماتية في اطار ضوابط عمل قواعد الاقتصاد الدولي بتنوعها الجغرافي .

4- أن تتوفر في هذا المركز تخصصات متنوعة تتفق مع طبيعة الاستثمارات ونوع المعاملات والدراسات التي يقوم باعدادها. وهذا يستلزم توفير كوادر متخصصة وكفوءة قادرة علميا على تحقيق الغرض الذي من اجله تم انشاء هذا المركز .

5- ان يساعد في اعداد الشروط الفنية والقانونية والمالية عند صياغة وتحرير العقود الدولية مع المؤسسات والشركات الاجنبية ومتابعة تنفيذها طبقا لمحتوى العقود المبرمة.

ثانيا : المعيار الامني التقليدي والنزاهة

ان معيار الربحية في حسابات الاستثمار لرؤوس الاموال ليس لوحده قادرا على تفعيل الاليات أودفعها بالاتجاه الصحيح، انما يلزم ان يرافقها قدر كاف من الامن والاستقرار السياسي واستتباب للنظام العام وتطبيق احكام القوانين ذات العلاقة لحماية الاستثمار من اجراءات الفساد المالي والاداري . وقد يكون تحقيق هذا المعيار من اكثر الامور تعقيدا في المرحلة الراهنة ، وقد يكون سببا مثيرا للتردد في استقطاب رؤوس الاموال سواء عراقية أو عربية أو اجنبية. فعند غياب النظام ضمن هذه المعاييرالجوهرية وتراجع سلطة القضاء وضعف اداؤها في الحد من ارتكاب مثل هذه الجرائم بتطبيق القانون وتنفيذ العقوبات مصدر قلق مشروع لاتخاذ قرار الاستثمار . كيف يتصور تامين وتنظيم العمل وتطبيق احكامه القانونية أوتأهيل العمالة أو تأمين الانتاج أو أداء الخدمات بشكلها الصحيح ؟ والى اي قدر يمكن تامين وسائل النقل لتجهيزالمواد الاولية التي تدخل في الصناعة أو اداء الخدمات اوتسويق المواد المنتجة لتشمل كل مساحة السوق العراقية ؟ لانريد ان نتوسع كثيرا في هذا الجانب لانه مؤكدا ويشكل عامل معرقل لقواعد العملية الاقتصادية بمجملها ويدعو الى القلق لانه دائما يكون مصدر أساسي من مصادر انهيار اركان النظام الاقتصادي في تأريخ اقتصاد الدول عند تفاقم فوضى غياب القانون وانحسار النزاهة الضرورية لتامين نظام التعامل الاقتصادى الداخلي . لاشك ان هذه الحالة ستعطل عمل الماكنة الاقتصادية وحتى المنجزة منها و تمنع تحديثها بالسهولة وتجعلها أحيانا غير قادرة على اداء طاقاتها الانتاجية بالكامل . فكيف اذن أن ندعوا الى استقطاب وتشجيع رؤوس الاموال العراقية في المهجر للقدوم والاستثمار في العراق في ظل تلك الظواهرالواقعية ؟

ومن ناحية اخرى يمكن ايضا التطرق الى الخلل الذي يهدد سلامة قواعد احكام الاستثمار المالي وهو ذلك الناشيءعن الوباء الذي أصاب مبدأ حسن المعاملات الادارية والمالية والذي يطلق عليه بالفساد الاداري والمالي الذي أصاب كل الحلقات الاقتصادية والمالية والادارية للعراق سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. لقد فرزت الايام الاخيرة بان هنالك ليس فقط ارهاب يستهدف المواطن العراقي في حياته أو اجهزة الدولة الامنية ، وانما الارهاب الاكثر اثرا في مستقبل بناء الدولة الديموقراطية هو ذلك الارهاب الذي يستهدف مقومات الاقتصاد العراقي في صيانة المال العام أو مستوى أداء الخدمة العامة أو انتاجه للبنى التحتية كل انواع الارهاب التقليدية في القتل والسلب والتهديد يمكن ان تعالج بشكل أو بآخر عندما تقوى دولة القانون ويتطور مضمون قانونها باتجاه بناء الدولة الديمقراطية السليمة، وتكون لسلطة القضاء القدرة الفعلية على تطبيق قانون العقوبات العراقي وتنفيذ احكامه على من يعرضوا الامن والسلم الاجتماعي للمخاطر، ولكن استمرار ظاهرة الفساد الاداري والمالي سيجعل من العراق دائما بلدا متخلفا لامكان لدولة القانون أوالداعين اليها سبيلا ، لانه وباء قادر على تعطيل كل شيء ومنها سلطة القضاء وتجميد تطبيق احكام القانون المختص الذي يحكم العلاقات العامة والعلاقات الاقتصادية ومنها الاستثمارية وغيرها من العلاقات الخاصة في حدودها الشرعية .

كيف نفعل اليات الدعم المالي وتشجيع الاستثمارلاستقطاب رؤوس الاموال العراقية في المهجر ؟ للاجابة على ذلك ، لابد من تشخيص موقف التشريع الدستوري وقانون الاستثمار من جهة ومدى تفاعل رؤوس الاموال العراقية في المهجر مع واقع الاقتصاد العراقي ومكوناته المالية والاستثمارية .

المحور الاول : موقف التشريع العراقي.
أولا : الدستور الدائم لعام 2005

لقد تأكد نوع سياسة الدولة الاقتصادية من خلال احكام التشريع الاساسي في الدستور الدائم لعام 2005 الذي أخذ بمبدا نظام اقتصاد السوق ، حيث تنص المادة 25 من الدستور بان ( تكفل الدولة اصلاح الاقتصاد العراقي على وفق اسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته ) . ثم يتأكد العمل بهذا المبدأ في نص المادة 26 من الدستور حيث ( تكفل الدولة تشجيع الاستثمارات في القطاعات المختلفة وينظم ذلك بقانون ).

ومن حيث تطبيق هذه القاعدة الاساسية التشريعية ، فهذا يعني انفتاح السوق الاستثمارية العراقية لرؤوس الاموال ليس فقط العراقية وانما الاجنبية منها . ولكن تطبيقا لتحقيق النفع الاقتصادي ، للمشرع العراقي الحق في ان يمنح الاستثمار الوطني قدر من اليات الدعم والتشجيع للاستثمار بالشكل والمضمون الذي يراه ضروريا. هذه السياسة التشجيعية معمول بها في كثير من دول العالم التي تريد النهوض باقتصادياتها وجلب رؤوس الاموال الضرورية لها بسبب غياب رأس المال الوطني أوتردد أو ضعف في حجمه لبناء أو تطوير مشاريع مهمة وكبيرة.

في تقديرنا يتمتع الاقتصاد المالي العراقي رغم حجم المديونية في الميزانية العامة والتي بدأت ملامح انحسارها تتحقق بسبب الزيادة في عائدات النفط ، هذا مايدفع باعتماد مبدأ التمويل الذاتي بحيث يجعله قادرا على ان لا يدع الابواب مفتوحة على مصراعيها لاستقطاب رؤوس الاموال الاجنبية كما هو الحال لدول العالم الفقيرة التي غالبا مايكون رصيدها من الثروات الطبيعية أو من راس المال الاحتياطي سلبيا أو ضعيفا جدا. او حالة الدول الغنية الكبرى التي فيها نشاط صناعي ومالي هائل يحكم سياساته الاستثمارية سوق التنافس الدولي التي لاحدود لها وكان طبيعيا ان تعتمد في تشريعاتها مبدأ حرية انتقال الاموال والبضائع والاشخاص كما هو الحال لدول المجموعة الاوربية.

في مرحلة الاقتصاد العراقي الحالي ، نرى ضرورة وضع سياسة استثمارية تشجيعية منضبطة وتؤدي فعلا الى استقطاب رؤوس الاموال العراقية في المهجر ولكنه بنفس الوقت تمنع فوضى الاستثمار للقطاع الخاص . وعليه ينبغي ضبط نشاط الاستثمار الخاص بما يضمن أداء دوره في التنمية الاقتصادية والاعمار. ومن ناحية اخرى نجد أن استقطاب رؤوس الاموال العراقية في المهجر ينطوي على مزايا كبيرة .

ثانيا : قانون الاستثمار :

إن تشجيع الاستثمار لاستقطاب رؤوس الاموال العراقية في المهجر لابد ان يتضمن بعض المزايا لهذا النوع من الاستثمار والذي يجب ان يخضع من ناحية اخرى لبعض الضوابط على المشرع العراقي ان لايتجاهلها .

أولا : أثر القانون في وضع مزايا الاستثمار .

• الاعفاء الضريبي على عوائد الدخل الناتجة عن الاستثمار ( بنسبة محددة وفترة زمنيةيقررها القانون المختص)

• الاعفاء الضريبي من رسوم الشركات في فترة الاستثمار ( بنسبة محددة وفترة زمنية محددة)

• مساهمة الدولة في بناء او اعادة بناء البنى التحتية لمشاريع الاستثمار بنسبة مشجعة .

• تسهيل التمويل المالي من بنك الدولة بشروط تفضيلية من حيث سعر الفائدة وآجال تسديد القرض .

• تعليق العمل في دفع الرسوم التي يقررها القانون المالي والضريبي النافذ المفعول على الاجهزة والمعدات والمكائن والمواد الاولية المستوردة الضرورية لسير عملية الاستثمار.

• مساهمة الدولة في تحمل نفقات الضمان الاجتماعي والضمان الصحي المفروضة على رب العمل عند استثماره المشروع.

• الزيادة في سقف هذه المساعدات والاعفاءات الضريبية تبعا لنوع المشروع خاصة في المشاريع ذات الطابع الثقافي والاجتماعي . ومثال ذلك في قطاعات الخدمات الثقافية ، معاهد التأهيل المهني والجامعات ، أو المجمعات الصحية من المستشفيات والمختبرات الطبية أوالنقل العام . وبشكل عام في كل المشاريع التي تحتل الاولوية في حياة الناس وتمتص اعداد كبيرة من البطالة .

• الافضلية المطلقة في بيع المشاريع والشركات المعطلة المملوكة للدولة والتي يراد خصخصتها الى المستثمر العراقي اوالى العاملين في هذا المشروع بثمن رمزي بشرط اعادة اعمارها وضمان عودة تشغيلها بطاقات افضل نوعيا وكميا وشروط اخرى يحددها القانون.

• حماية الانتاج المحلي من البضائع والخدمات الاجنبية بشرط توفر الجودة والانتاج والاسعارالمنافسة في الانتاج المحلي بين المنتجين المحليين، حيث على الدولة العمل والتدخل بدعم كلفة الانتاج الوطني.
من حيث تطبيق احكام تشجيع الاستثمار لرؤوس الاموال العراقية في المهجر.

• يترك لرؤوس الاموال العراقية في المهجر حرية اختيار غرض الشركة الاستثمارية ،أي نوع نشاطها بشرط أن لايتعارض مع احكام التشريع العراقي. ودائما مايكون ذلك محددا في مجالات معينة ضمن احد القطاعات الاقتصادية التي نص عليها القانون.

• اعتماد النظام القانوني لقانون الشركات التجارية العراقي ( رقم 36 لسنة 1983 ) بهدف تنظيم شركات الاستثمار لرؤوس الاموال العراقية وتطوير نشاطاتها وفقا للسياسة الجديدة الهادفة الى اعمار العراق وخطة التنمية المستقبلية .

• تشغيل ايدي عاملة عراقية واعتماد سياسة التأهيل المستمر والدوري لتطوير كفاءة العاملين.

• تفضيل المواد الاولية المحلية للمشاريع الانتاجية ومشاريع الخدمات.

• تفضيل التعاقد مع المقاولين من الباطن في السوق المحليةعند توفرالتخصص والكفاءة والعروض المنافسة.

• شرط مساواة السعر ونوع الخدمة وفترة الانجاز لتنفيذ المشاريع أو تقديم الخدمات مقارنة بالشروط التي تقدمها الشركات الاجنبية بنفس الاختصاص.

• احترام مبدأ المنافسة الحرة لضمان تقديم افضل الاسعار وتحسين الانتاج . وهذا يعني منع احتكار تقديم الخدمات أو انتاج السلع لشركة واحدة في السوق العراقية لانه يجلب ضررا بخيارات المستهلكين افرادا أو مؤسسات في القيمة والنوعية للبضائع.

• أن لاتسري قواعد قانون الاستثمار على بعض المؤسسات ذات الاهمية الستراتيجية كاستخراج النفط أو السكك الحديدية الا لاسباب استثنائية . على ان لايشمل ذلك بما يتعلق بتقديم الخدمات الفرعية أو التكميلية أو توزيع المنتجات مع مراعاة عدم الاحتكار واحترام سقف الحد الاقصى للاسعار .

• المساهمة مع رأس المال المحلي وذلك من خلال تطبيق احكام نظام الشركات المساهمة عند الاستثمار في المشاريع الكبيرة او لتأسيس الشركات ذات المسئولية المحدودة للمشاريع المتوسطة والصغيرة.

• اعتماد سياسة المشاركة المالية للعاملين في المشروع الكبير تشجيعا لنجاح المشروع وتحقيق المنفعة الاجتماعية.

• جعل قرارات الادارة التي تتعارض مع اجراءات الاستثمار قابلة للطعن امام القضاء العراقي الذي له وحده صلاحية فض النزاع .

• أن لاتتعارض بعض هذه الضوابط مع قواعد واحكام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتجارة الحرة الملزمة للدولة العراقية.

المحور الاول : مزايا تنسيق استقطاب رؤوس الاموال للعراقية في المهجر.

اولا : في جانبها المالي ، فهي تعتبر جزء من احتياطي راس المال الوطني . وبالتالي فان تطورها ونموها هو بالنتيجة يقود الى ازدهار اقتصاد الدولة العراقية وثراء ابنائه من معطيات خيراته . ففي ظل اقتصاد السوق، وعندما يدفع هذا النوع من الاقتصاد الى تشجيع القطاع الخاص بجانب القطاع العام ، فلا بد أن تنشأ في داخل المجتمع قوة مالية مهمة ممكن ان ترفد قدرات الدولة الاقتصادية والمالية . وهذه التركيبة الاجتماعية بكفائتها المالية يطلق عليها في تعبير الاقتصاد – السياسي ( البرجوازية الصغيرة ) والتي تعتبر في تقديرنا عامل ايجابي في نهضة الاقتصاد الوطني وتطور الحالة الاجتماعية في خصائصه الانمائية والحضرية عندما لاتغفل الدولة ضمان الحد الادنى لمستوى الدخل لمكونات المجتمع الاخرى بتوفير الضمان الصحي والضمان الاجتماعي .

ثانيا : ان رؤوس الاموال العراقية ليس بمقدورها احتكار السوق والتحكم بسياسته لان نشاطاتها ، اما ان تكون محددة بمشاريع صغيرة متعددة ، او مساهمة في المشاريع الكبيرة كما سيحددها القانون المختص. وهنا لابد ان يتدخل المشرع العراقي في وضع ضوابط الاستثمار ورسم حدوده المقبولة كي لا يرتبك اقتصاد السوق وخاصة فيما يتعلق بحماية قواعد المنافسة في نوع الانتاج ومستوى الاسعار لخدمة المستهلكين من خلال تحقيق مبدأ الانتاج الجيد والسعر المعقول وتنوع طبيعة النشاط الاقتصادي. كل ذلك ينبغي ان يخضع لاحكام قانون الاستثمار الذي لابد ان تتطابق احكامه مع ما أكد عليه مضمون المادة 26 من الدستور. وعند ذلك يتحقق لنا ماندعوا اليها بسياسة اقتصاد السوق ذات النفع الاجتماعي . وهذه السياسة التي يلزم أن يتكفلها التشريع الحديث كي تسري احكامها على نشاطات القطاعات المختلفة،العام والخاص ، لتحقيق العدالة الاجتماعية دون المساس بمبدأ حرية مزاولة العمل الاستثماري الحر أو التعرض الى معايير اقتصاد السوق .
ثالثا: ان زيادة مساهمة رؤوس الاموال الوطنية في الاستثمار يؤدي الى الاعتماد على العمالة المحلية والى التوسع في تشغيل المهارات منها ومن ثم على امكانية اكتساب الخبرات في كافة القطاعات الانتاجية والخدمية . وانها بالنتيجة تؤدي الى امتصاص البطالة المتفشية بين الشباب لسعة السوق العراقية. ويتحقق عند ذلك المبدأ الدستوري الذي يقضي باعتبار ( العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة ) كما نصت على ذلك المادة 22 من الدستور الدائم لعام 2005. ان هذا الافتراض يجعل من المجتمع العراقي مجتمعا منتجا وليس فقط مستهلكا كما هو عليه الحال في دول الجوار الغنية. كل هذا يضمن بالنتيجة حالة التوازن في عناصر انتاج الدخل القومي ونموه بالشكل الصحيح وكذلك تقليل الضغط على ميزان المدفوعات في جانبه السلبي الناتج عن حجم السلع والخدمات المستوردة وعدم توفراعادة التمويل الذاتي.
ان تحقيق التنسيق لاستقطاب رؤوس الاموال العراقية في المهجر يستوجب اذن الاخذ بالاعتبار بكل ماتقدم ذكره. وبالتالي ينبغي الاسراع في توفير عوامل نجاحه ابتداءا من تشريع القوانين الملائمة الاخرى مرافقة لقانون الاستثمار . ثم تاكيد المبدأ الذي يقضي بان هدف الاستثمار هو بناء ذلك المشروع الذي يجب ان يعبر عن واقع وحدة اقتصادية متنامية وقابلة للتطور والتي تقوم على اساس تضافر جهود المستثمرين لتطوير مرفق اقتصادي معين. اما المنفعة من هذا المشروع فهي تتجاوز منفعة المؤسسين له لتشمل منفعة العاملين والدولة والسوق الاقتصادية بشكلها الواسع ..... . وعليه ينبغي تظافر كل الجهود لانجاح هذا المشروع الاقتصادي الوطني. ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون . صدق الله العظيم ) .
د. عبد المنعم عنوز

[email protected]

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.


.. محمد رفعت: الاقتصاد المعرفي بيطلعنا من دايرة العمل التقليدي




.. هل تستثمر في حقيبة -هيرميس- الفاخرة أفضل من الذهب؟


.. كل الزوايا - شركة -فري زونر- تناقش فرص الاستثمار في دول -الم




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 2-5-2024 بالصاغة