الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنوان للرقص

ازهار علي حسين

2008 / 8 / 17
الادب والفن


لم اكن قد رويت شهوة الرقص في داخلي حين رقصت امامك لاول مره ، بفوضويتك التي حسمتَ امري معك من خلالها ، بجنونك الذي تكفل بحق اعادتي للحياة لك ومن اجلك ، فهل عدت لتعيدني الى طابور الحياة الممل ، ام لتوردني حتفي ؟
لايمكن لبعض الاسماء الا ان تكون هلالا يبشر وجودنا ، بولادة زمن جديد ، واسمك كان ميلادا لزمن لم يحدد ملامحي يوما قدر ما حددتها ، ايها الرجل الاول منذ تاريخ الاسماء ، مالك تعود بعد ان فقدت الايمان بصلة انتماءي للزمن ، ذلك الذي يفصلنا دائما عن الانتماء اليه ذاكرة يتيمة وتيه ..
حين توقفت الموسيقى ، كنت لا تمتلك حق سؤالي عن عمر الرقص على جسدي ، ولا عن ابتسامة فرح غيبتها عنك في دهاليز طفولة رقصتي ، تصرخ برغبتي الاكيدة فيك ، انت الذي لا تمتلك اي حق في ، سوى حق الاستماع الى موسيقى اتراقص عليها بين يديك ، ستسمح لي بالطبع ان ارتكب حماقة مغازلة رغبتك الاثيمة في عصر نهدي وشم صدري العاري الا من رغبة انفاسك الحارقة تنساب بلوعة عليه ، وستصرح حتما بقوة تمزيق حد الوجود من حولك بوجودي معك ..
رقصتي هذه ليست اقرب الا لرقصتي على حافة الانهيار اثر موت امي ، امي التي لم اعرفها ولم تصاحب خطواتها مشيتي ، ولم تلتقف كفها الحنونة كفي الصغيرة كالفراشه . صدقني اننا لا نرقص دون اكاذيب الا حين نصدم بالحب او الموت ...
اي قدر كان يتذكرنا ، يتذكر انا اشعلنا هواجس الحب وغذينا شكوكها ، واي قدر عاد بصدفة محكمة التدبير ، متقنة الخبث ، بعد عشرة اعوام لترسم ملامج لقاء راقص تحت وهج مطره ..
هل تدرك انني بعد لم انتم الى قدر ؟؟
هل تعرف ان اعوامي الثلاثين لم تكتسب الى الان قدرة التواشج مع زمن بأبعاد ناضجه ؟؟
وهل جئت لتنبئني بأنك ايضا لم ترتبط بعد بتجربة ام لا تجهل كيفية امدادك بالثورة ، حين تضمك الى ذكرى احزانها ؟؟
ـ جئت اذن ؟؟؟
وبفرح طفولي وحزن غامض تجيبني :ـ جئت ....
وبمزيد من الاختزال كنا قد انتمينا لجغرافية روحينا ، وبمزيد من الهرب من التفاصيل كنا قد حددنا بداية لتاريخنا ....
سنبدا الان بالتحول ، بتاريخ ثورتنا ، سنبدأ كمقاتلين ، يرتشفان تذكارات الموت شواهد على هذه الارض ، وسيمنحنا الوطن اخيرا رخصة الخلاص من شكوكنا ، بشهادة الغضب المقدس فينا ، نحن اللذين فتشنا في ازقته ، ونبشنا عتمة ارضه ، بحثا عنا ، سنجتمع به اخيرا ، وسنصدم به اخيرا ..
وتساءلت ان كان لنا حق الان في المفهوم الاقصى عن مهام خيالنا ، عن تاريخ ميراثنا من هذه الارض ، عن ازمة وجودنا ضمن اسارها ، كإنتماء لا منتم ، الحرية ، المصداق الغير مصّدق ، منذ ان رمى بنا القدر في حجر ام ستقمطنا بفجيعة إنوثتها المكبوته ، وصوتها اللامسموع ...
كنت انزف ، وكان ارتعاش جسدي يعلو صخبا يكبلني بصمت قاتل ، صمت مشحون بغصة خيبة لا يمكنها الا ان تضاف الى اكداس خيبات سطرها انسلاخ الوطن عنا ، خيبة تأخذ دورها ضمن واقع اعطى تعليماته بوجودنا معا ، كلنا ضمن النيران ..
كانت ترقص معي ، ترسب على جسدي نغما يعشوشب نكسة مؤرخة بأرقام لم تكن تمثل سوانا ، ارقام لا تختلف عن كل الارقام التي ابتلعتها ارضنا ، امنا ...
كنا اثنين في فوهة الصدمه ، انت في مواجهة نيران جبهة الموت التي لم تفارق محيا هذا الوطن في يوم ، بوجودك فيه ملفعا بألوان قد تضاف او تهمل من علم ، وانا خلفك ارقص تحت نزفي صمتا ، وانت تملي علي تعليماتك الاخيره موجزة على غير عادتك حين نواجه الحرب ، والنيران ، والحب ايضا ، على غير عادتك حين تملي علي بتفاصيل الحياة ، ونحن نتوجه للموت ، ألسنا امتهنا الموت مذ ارتبطت اسماءنا بهذه الارض ، بإثبات هوياتنا الرسميه ..؟؟
انا ادري انك تختصر الان وتقتضب ، في محاولة اعدادي للرقص في معركتي الاخيرة مع القدر ...
ولك الان ان تصدقني باننا لا نمتلك ان نرقص دون اكاذيب ، الا حين نصدم بالحب او الموت ....
ازهار علي حسين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سكرين شوت | نزاع الأغاني التراثية والـAI.. من المصنفات الفني


.. تعمير - هل يمكن تحويل المنزل العادي إلى منزل ذكي؟ .. المعمار




.. تعمير - المعماري محمد كامل: يجب انتشار ثقافة البيوت المستدام


.. الجنازات في بيرو كأنها عرس... رقص وموسيقى وأجواء مليئة بالفر




.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا