الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هناك مستقبل للمسيحيين في العراق ؟

كوهر يوحنان عوديش

2008 / 8 / 17
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


تعتبر ظاهرة الهجرة، اضافة الى عمليات التصفية الجسدية والترحيل القسري، من اخطر ما يهدد وجودنا وبقاءنا في بلدنا الاصلي، فبعد ما استطاع شعبنا ان يحافظ على وجوده خلال كل السنين السابقة رغم كل المذابح والمآسي، ها هو يتعرض الى هجمة، او بالاحرى الى مذبحة، اخرى في بلد تحكمه عصابات متشددة وترسم خارطة مستقبله عمامات ملونة تمنع التفكير الصادق والسليم.
لم تكن هجرة مسيحيي العراق هجرة طوعية او اختيارية بل كانت اجبارية في اكثر الاحيان، فبعد اسقاط النظام السابق وما رافقه من انعدام الامن والنظام والقانون جراء الاداء الضعيف والهزيل للاجهزة المعنية وعدم كفاءتها وولائها الطائفي المشبوه، احس المواطن العراقي عامة والمنتمي الى الاقليات بصورة خاصة بأن بقاءه في الوطن يعني الفناء وتدمير لمستقبل مجهول، لذا وكخطوة اولى لانقاذ النفس والمال والعيش حياة تليق بالانسان وكرامته شرع الكثير من ابناء شعبنا، وخصوصا اصحاب الشهادات العليا والمتمكنين مادياً من اصحاب المصانع والشركات، بتصفية امورهم ومتعلقاتهم حسب الوقت المتاح ( الكثير خرج من دياره عارياً حافياً تاركاً ممتلكاته تحت رحمة الارهابين واصدقائهم من جيوش الله ورسله ) والالتجاء الى دول الجوار املاً في الحصول على حق اللجوء والاقامة في احدى الدول الاوروبية، اما محدودي الامكانيات والافقر حالاً فألتجاوا الى مناطق كردستان الاكثر اماناً نسبياً من المناطق الملتهبة في وسط وجنوب العراق، لكنهم لم يشعروا يوماً بأن ذلك سينهي معاناتهم ويضمن مستقبل اولادهم، لذلك ظلوا يأملون تحسن الاوضاع للرجوع الى ديارهم او انتظار الفرصة للرحيل والسفر خارج البلاد لبناء مستقبل افضل.
الحالة المأساوية للمهجرين من ابناء شعبنا اسوأ من السوء نفسه، فالذي سكن كردستان العراق والذي لجأ الى دول الجوار متشابهان مع فارق وحيد، وهو ان الذين التجأوا الى كردستان احتضنهم السيد سركيس اغاجان وساعدهم بطرق شتى،حيث كرس كل امكانياته لمساعدة هؤلاء وبعث الامل فيهم من جديد دون تفرقة او تمييز، لكن هل ذلك يكفي لطمأنتهم على مستقبل اولادهم ؟؟؟ وهل ستستمر هذه المساعدات والى متى ؟؟؟ والى كم سيستطيع السيد سركيس اغاجان الاستمرار في تقديم هذه المساعدات ؟؟؟ والسؤال الاهم والاصعب هو:- كيف سيكون وضعهم ووضع المسيحيين بصورة عامة لو انتهى اجل السيد اغاجان لا سمح الله ؟؟؟ هل هناك من بديل او مكمل لمشوار كهذا ؟؟؟ و .... و ..... اسئلة اخرى كثيرة تقلق بال اغلبية ابناء شعبنا ككل والمهجرين الذين فقدوا كل شيء عدا الروح التي تنشد العودة الى ديار اصبحت جداً بعيدة.
اما حال ابناء شعبنا الساكنين بأمان في بيوتهم في كردستان فليس بأفضل، لو استثنينا الوضع الامني والمادي طبعاً، لان الغالبية العظمى وخصوصاً المثقفين بدأوا يشعرون باليأس والخوف من غد مظلم ومستقبل مجهول ينتظر اولادهم واحفادهم في وطن تسيطر عليه وترجح كفة ميزانه المشاعر والانتماءات الدينية والطائفية الموروثة، ولولا جهود بعض المخلصين من ابناء شعبنا الذين كرسوا كل صلاحياتهم وامكانياتهم المادية والمعنوية لتحسين وضعنا وترقيع ماضينا المآساوي لكنا الان في خبر كان، وسبب ذلك يرجع الى تناحر احزابنا القومية وتنافر قادتها مثل الاقطاب المتشابهة، وبدلاً من صوت واحد صرنا اصوات كل يصيح لنفسه، حتى ضعنا وحار الاصدقاء والحلفاء الى من ينصتوا ومن ينقذوا ومن يصدقوا.
لقد نوه الكثير من الكتاب الى خطورة وضعنا الحالي، وخصوصا في الفترة الاخيرة، حيث لا يمر يوم دون رحيل عشرات العوائل والاشخاص الى خارج الوطن، لغرض الوصول الى احدى دول اللجوء والاستقرار فيها مع عدم التفكير بالعودة او الرجوع الى بلدهم الذي يضم رفات ابائهم واجدادهم، وهذا يعتبر من اصغر وابسط حقوقهم لانهم باختصار اصبحوا غرباء وقطيع بلا راعي او حامي في بلد كانوا اسياده يوماً، فالشعب الذي كان يقود امبراطورية مترامية الاطراف ويحكم بلاداً وقارات يوماً ما اصبح اليوم اقلية متناحرة تقوده الانانية والجيوب الممزقة التي لا تعرف الامتلاء!.
حالة اليأس التي اصابت شعبنا عامة ليست حالة طارئة او حمى مؤقتة تزول بمرور الزمن، ونخطأ كثيراً لو فكرنا ان باستطاعتنا رفع معنويات شبابنا وثنيهم عن تفكيرهم بالخروج وترك الوطن بمجرد جلسة او ندوة او مقالة تشرح واقع الحال في دول المهجر، فالواقع المر والمأساوي الذي مر ويمر به شعبنا دفع بالكثير الى اتباع كل الوسائل والمشي في كل الطرق مجازفين ومغامرين في سبيل الوصول الى دولة تحترم انسانيتهم وحكومة لا تدوس على كرامتهم، وسبب ذلك يرجع بشكل اساسي ورئيسي الى عدة عوامل واسباب رئيسية اولها ضمور الوعي القومي، او بالاحرى موته، وثانياً انعدام وفقدان الثقة بالرؤساء والمسؤولين الروحانيون والسياسيين على حد سواء، اما ثالثاً هو هذه الضبابية التي تحيط بمستقبلنا.
ضمور الوعي القومي وفقدان الثقة لم يأتيا بليلة وضحاها بل جراء تجربة طويلة ومرة عاشها شعبنا مع اخطاء وانانية رؤوسائنا وقادتنا الكرام، لكنه رغم ذلك تغاضى عنها وضم اهاتها اما جهلاً احياناً او خوفاً من الفضيحة اغلب الاحيان، فلو رجعنا الى الوراء قليلاً نلاحظ امبراطوريات مالية ومناصب وامتيازات اخرى لا تعد ولا تحصى لناس معدودين استغلوا قضية شعبنا لتكوين انفسهم، ونرى ايضاً احزاب ( قومية !!! ) كارتوينة تضم في قيادتها انتهازيين وتجار ولصوص وحرامية ( باختصار احط خلق الله شأناً، كيف لنا ان نثق بأنسان رقص على كل الحبال وصفق لكل الآتين وقال نعم لكل التماثيل ويغير مبادئه حسب الفصول !!! )، تحاول جاهدة ابراز نفسها او خداع البسطاء للوصول او الحصول على كرسي مهترء او منصب حكومي جامد على حساب اسمنا ومعاناتنا، لكنهم نسوا او تناسوا عمداً بأن ( السرج المُذهب لا يجعل الحمار حصاناً )، هذه الاسباب وغيرها الكثير من التجاوزات والتصرفات والقرارات ..... جعلت ابناء شعبنا يفقدون الشعور القومي رويداً رويداً، ودفعتهم الى التشاؤم من المستقبل والابتعاد قدر الامكان عن الاحزاب والشخصيات السياسية المحتكرة للمناصب لاغراض شخصية بحتة.
من منطلق اعترف بالخطأ لتحفظ ماء وجهك ( اذا كان قد بقى من هذا الماء شيئأ اصلاً ) على ممتهني السياسة ( اقول ممتهني السياسة وليس السياسيين الحقيقيين الذين يضحون بأغلى ما يملكون في سبيل قضية شعبهم ) وكل من شارك معهم في ايصال شعبنا الى ما هو عليه، ان يطلبوا الغفران مليون مرة ويتركوا السياسة لاهلها وناسها، ويعملوا في مجالات عملهم ( التي هي التجارة عموماً، ) حسب امكانياتهم المادية ومستوى ثقافتهم في الكذب والخداع، لان الكأس المملوءة لم تعد تستوعب اكثر.
خلاصة الكلام، اذا اردنا لهذا الشعب البقاء علينا العمل معاً لبعث الامل في نفوس ابناءه والتعامل مع قضيته بشفافية واخلاص، وتجاهل مقدار الربح والامتيازات التي يمكن الحصول عليها على حساب معاناة الاخرين الذين هم اخواننا.
متى يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني