الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازهار واذكار

أحمد ناشر الصغير

2008 / 8 / 18
الادب والفن


علمت أن أحد أصدقائي الأعزاء يرقد في المستشفى بعد أن أجريت له عملية جراحية فقررت الذهاب لزيارته وعند باب المستشفى رأيت محلا لبيع الزهور ومحال أخرى كثيرة تبيع الفواكه والحلويات والمواد الغذائية المختلفة , فكرت ماذا يمكنني ان اقدم لصديقي "سعيد" , شعرت بهاتف داخلي يقول : أحبك .. تمنيت أن اقول تلك الكلمة لصديقي لكنني أحسست بصعوبة خروجها من بين شفتاي فلم أتعود أن أقول هذه الكلمة لزوجتي الأ بعد مشقة كبيرة واجهتها مع ذاتي فلقد تعلمنا أن الكلام الرقيق لا يليق أن يخرج من الرجل الوقور المحترم ......تلفت حولي لأجد شيئا اقدمه له يقول نفس الكلام الذي اود قوله فلم أجد افضل من الزهور قدرة على قول كلمة " أحبــــــــك" المحرمة في مجتمعاتنا البدوية .... اشتريت باقة الورد وذلفت الى الغرفة التي يرقد فيها صديقي "سعيد" ...وقع نظري على رجل كث اللحية له زبيبة على جبهته يقف الى جانب السرير الذي يرقد عليه صديقي... دققت في ملامح الرجل جيدا فتذكرت بقايا ملامح صديق قديم من أيام الدراسة الثانوية .. لعله هو الآخر صديقي " محسن " الذي لم أراه منذ تركنا المدرسة الثانوية .. ياترى هل هو محسن أم شخص آخر ؟ اقتربت أكثر واليقين يزداد لدي بأنه هو "محسن" ما غيره ...أحسست برغبة جامحة في احتضانه فلقد بحثت كثيرا عنه وسألت ولكن كان يقال لي أنه مغترب في "السعودية" ," محسن" الذي طالما لعبنا كثيرا أنا واياه في جناح هجوم فريق كرة القدم الخاص بالمدرسة الثانوية كثنائي بارع كانت كل فرق المدارس تهاب ان تلعب مع فريق يلعب فيه هذا الثنائي "محسن وأنا" .. ولكم أحببنا بعضنا البعض كثيرا ولم تكن تمر يوما علينا لا نرى فيه بعضنا البعض واذا حصل ان مر يوما علينا لم نرى بعضنا فيه فان اليوم التالي تدور معركة كلامية شديدة بيننا حول من كان المقصر الذي تسبب في عدم رؤيتنا لبعضنا .. اقتربت من صديقي المريض وأذابي اسمع تمتمات ذلك الأنسان الذي حسبت أنه شخص آخر وليس "محسن" , كان يتمتم وهو ينظر الى باقة الزهور التي أحملها : لا حول ولا قوة الا بالله ... أعوذ بالله من غضب الله .. أستغفر الله العظيم !!! تباطأت خطواتي وتلفت حولي علي أرى شيئا تسبب في اغضاب ذلك الانسان ولكن لم يكن ثمة من انسان آخر في الغرفة سواي ..تفاديت النظر اليه ووجهت نظري نحو صديقي الراقد وأنا أقول : الحمد لله على السلامة ... تهلل وجه صديقي " سعيد " وهو يخطف الزهور من يدي ليضعها على صدره فخامرني الأحساس بأن الرسالة وصلت وأن صديقي " سعيد " قد سعد كثيرا بسماعه تلك الكلمة الجميلة التي قالتها زهوري بالنيابة عني .... تفضل يا صديقي " أحمد " ولكن قلي : هل عرفت من هذا الواقف الى جانبي ؟؟ حزر ؟؟ قلت : ان لم تخني ذاكرتي فهو " محسن " زميل الدراسة الثانوية ... مددت يدي لأصافحه فالتفت الى "سعيد" حتى يتجنب مصافحتي .. ثم قال : يا سعيد لعل صديقك لم يسمع بأقوال العلماء ‎– جزاهم الله عنا خيرا - حول حرمة تقديم الورود والا فانه والعياذ بالله فلقد أتى بكبيرة عليه أن يتوب منها.. سكت ولم أرد حتى لا أوذي مشاعر "سعيد" وتجاهلت تماما ماسمعته وكأنني لم أسمع والتفت الى سعيد متسائلا : سعيد ... خبرني كيف صرت الآن بعد العملية؟ .. انشاء الله صحتك الآن أفضل .. استشاط محسن غضبا وقال : هل سمعت ما قلته ياأخي أم على أذانك وقر .. شعرت باستفزازه فلم اتمالك نفسي وقلت له : أنت لم تراني حين مددت يدي لأصافحك فهل على عينيك غشاوة؟؟شعر "سعيد" بأن الموقف قد يتطور فبادر بمخاطبة محسن : محسن ألم تتذكره انه صديقك "أحمد" الذي لم تكونا تفترقان يوما واحدا عندما كنتما في الثانوية هل نسيت يامحسن ؟؟ انه كان رفيقك في جناح الهجوم بفريق المدرسة .. اعذراني لقد نسيت أن اعرفكما على بعض .. أنا متأكد انكما مشتاقان لبعضكما البعض , رد محسن : بلى عرفته عند دخوله الغرفة وياليتني لم أراه وهو يحمل الورود مقلدا للكفار.. لقد كنت أظنه مثلي قد ترك الجاهلية واهتدى وكنت سأكون في غاية السعادة لو أنه دخل عليك يحمل مصحف قرآن أوكتاب أذكار أو بالأقل علبة "حلوى" فذلك أقرب الى أصالتنا والى عقيدتنا ...قلت متلطفا : حسنا يا محسن .. هل تريد ان تقول ان باقة الورد النجسة هذه التي احملها هي التي جعلتك تربأ ان تمد يدك لمصافحة صديقك الذي لم تره منذ عشرين عاما .. أنت لا تعلم مقدار شوقي لرؤيتك والله لو وجدتك وعلى يديك وعلى جسمك مخلفات بهائم او بني آدم لما ترددت بالقفز اليك واحتضانك .. وهذا ماكنت انوي ان أفعله لو لم اسمع تمتماتك المهينة عند دخولي الغرفة .. لتذهب ورود العالم وعطر العالم وحدائق العالم الى الجحيم مقابل ان يعود "محسن" الذي أعرفه .. ماذا دهاك ياصديقي ؟؟ من قتل فيك "محسن" الجميل ...محسن الأنسان ... محسن الرائع الذي كنت عندما أراه اشعر كأنني أسمع عبد الحليم يغني في حديقة خضراء تتراقص الورود فيها والعصافير تشقشق من حوله .. رحمك الله يا "محسن" الذي عرفته .. من حقك علي أن أبكيك ...تنحنح سعيد بصوت عال وهو يحس أن الكلام بدأ يأخذني بعيدا ويكاد ان يتحول الى قصيدة رثاء ثم قال : حسنا دعونا من لوم بعضكم البعض كما كنا نفعل في الثانوية عندما كنتما تتخاصما ثم نتدخل بينكما فتعودان لتتعانقا من جديد .. ما أجمل تلك الأيام .. هيا تعانقا كما كنتما تصنعان أيام المراهقة .. شعرت بالدمعة تكاد تنزلق من عيني وأنا أتذكر تلك الأيام الجميلة وصدرت مني تنهدة لا ارادية .. التفت الى "محسن" الذي طأطأ برأسه الى الأرض ظننته يحاول تجنب النظر الي .. وفجأة سمعت شهقة قوية انفجر " محسن" على اثرها بالبكاء وارتفع صوت شهيقه أكثر وهو يحاول السيطرة على نفسه دون جدوى .. قفزت عليه أنا الآخر ودموعي تقفز كشلال فوق وجهي احتضنته بقوة وبدأنا نبكي بصوت جلب الممرضات والدكاترة الى غرفتنا ظنا منهم بأن مريضنا قد فارق الحياة .. كنت أحضن محسن بقوة وطلب مني أحد الدكاترة أن أتركه حاولت ان أتركه لكنه كان يتهاوى فأحتضنته مرة أخرى .. قال الطبيب : يبدو ان صاحبك قد فقد الوعي .. اتركه لي .. تركته ثم تبين أنه في حالة غياب عن الوعي تد خلت الممرضات والدكاترة وتم نقله الى سرير آخر بذل الدكاترة جهدا كبيرا من أجل مساعدة "محسن" في استعادة وعيه ولكن دون جدوى ... قرر الدكاترة نقله الى الأنعاش فورا ... ذهبت معهم ولكنهم منعوني من دخول غرفة العناية المركزة فافترشت الأرض أمام باب الغرفة وظللت أبكي وأبكي بحرقة شديدة .. لم أتوقف عن البكاء والدعاء لمحسن أن يشفيه الله وأن يعود حيا .. المهم أن يعود الى الحياة كما كان أيام المراهقة او كما هو الآن ليس مهما بالنسبة لي كيف يعود ؟؟ المهم أن يعود ... أريد ان أراه حيا وكفى ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي