الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطب العدلي والجريمة الغامضة

علي سلمان البيضاني

2008 / 8 / 18
دراسات وابحاث قانونية


علم الطب العدلي يكشف عن الجرائم بعدما عجز التحقيق عن الكشف عن ملابساتها ومرتكبيها واحالتها الى الحفظ .
(لابد للجريمة من ان تنكشف ) هكذا قال الشاعر البريطاني تشوسر في القرن الرابع عشر وقد سبقه الشاعر العربي طرفه بن العبد الى مثل هذا المعنى حين قال ...(وياتيك بالاخبار من لم تزد ) واذا كان بعض المجرمين قد استطاعوا الافلات من قبضه العدالة في مناسبات كثيرة عبر تاريخ البشرية ، فأن منجزات علم الطب العدلي والاخصائيين اخذت تكشف عن الجرائم الغامضة .
جرائم غامضة :-
منذ عدة سنوات بدأت احدى الزوجات بأضافه القليل من الزرنيخ الى قهوة زوجها في الصباح فأخذت بنيه زوجها القوية تضعف شيئاً فشيئاً الى ان تمكنت الزوجة بعدة بضعة اشهر من خنقه في سريره بحبل ، ثم تخلصت من جثته بحرقها خارج المنزل . وشك الجيران في الامر فابلغوا رجال الشرطة ، وكادت الزوجة تنجو حيث اثبتت الفحوص الكيميائية العادية لبقايا العظام المحروقة عدم وجود مايثير الريبه ، لولا ان المحققين قرروا اللجوء الى التحليل الدقيق بواسطه التنشيط النيوتروني الذي اثبت وجود نسبه غير عادية من الزرنيخ ، مما حمل المرأة على الاعتراف بجريمتها وادى الى احالتها الى المحاكمة بتهمة القتل .
وفي عام 1991 اختطفت طفلة في الثانية والنصف من عمرها واغتصبت ثم عذبت وقتلت ورميت جثتها في ناحيه من ضواحي المدينة لوس انجلس وكان وجود علامات غريبة على جسم الطفلة كالعلامات التي تتركها (كماشة ) مفتاح الاهتداء الى الجاني اذ وجد رجال الشرطة اله الكماشة عند احد المحكومين في السابق الاعتداء على الاطفال تترك مثل هذه العلامات الموجودة على جسد الطفلة . هنا لجأ التحقيق الى استخدام اله جديدة للفحوص الدقيقة جداً تدعى مجهر المسح الالكتروني فثبت ان العلامات الغريبة على جسم الطفلة اثار الكماشة واحدة فأعترف الجاني بفعلته وحكم عليه بالاعدام .
الاجهزة الجديدة : -
وازاء التزايد الرهيب في عدد الجرائم في الولايات المتحدة برزت ممارسات تقنية جديدة لمكافحتها ويأت كل فريق معني بالطب العدلي يضم عالماً بالامصال لفحص السوائل التي تترك في مواقع الجريمة او على جسم الضحية وطبيباً يقوم بتشريح الجثة لتحديد سبب الوفاة وطبيباً اخر للاسنان لفحص اثار الفحص وتحديدها وعالماً انتروبولوجيا لتحديد بقايا الهياكل الجسمية يضاف الى ذلك وجود خبراء فب الكشف عن اثار الاصابع الخفية وتحليل الشعر والثياب وفتات الدهان والزجاج والرصاص ومعرفة اثار الصوت او نموذجة الفريد حتى ولو كان الهدف تحديد هوية صاحب محاولة ابتزاز او اتصال هاتفي .
وهناك ادوات عدة مستعملة في المختبرات الطب العدلي ومنها اله الامتزاز في طبقات الالوان المختلفة واله اخرى لقياس الطبق الشامل وهما يعملان معاً بالترادف ووظيفة الاله الاولى الشبيهة بجهاز راديو كبير هي تحليل المراد القابلة للتحول الى غاز ومعرفة العناصر التي تتركب منها العينه حتى انها تستطيع الكشف عن جزء واحد من المليون من الغرم من الكوكايين في كبد الضحية وكثيراً ما توضع العناصر المتمايرة في مقياس الطيف الشامل ليعرض بياناً تفصيلياً بأحجام كل منها واوزانها ونسبة الواحد منها الى الاخر .
هذا والغائب استعمال هاتيين الالتين في ميدان مكافحة المخدرات وفي الامكان معرفة عناصرها ومقاديرها بواسطتها مما يساعد على كشف المتعاملين بها لان لكل واحد منهم طريقة الخاصة بمزجها وعرضها كذلك في امكان مجهرالمسح الشامل اطلاق شعاع من الالكترونيات شديد التركيز لتكبير النماذج المعروضة 4000 مرة ولاعطاء الاشياء طابع الابعاد الثلاثة كما انه قادر على تعيين نوع الشعر الذي تخلقه الجريمة رغم ان انواع الشعر الانساني تزيد على العشرين .
كما ان التطورات العلمية الجديدة تساعد تحديد بصمات الاصابع واكتشاف الاثار الخفية بأستعمال المساحيق الكاشفة على النوافذ والابواب والمسطحات الاخرى في مكان الجريمة لاسيما والبصمات واالاثار لاتتلف ولتتغير مع الوقت وبتسخين الرشوش المتفاعلة مع مادة النينهيدين الكيميائية والاحماض الامينية في عرق المجرم على اشياء لابد انه لمسها تتضح بصمات الاصابع وضوحاً تاماً من مقارنتها مع البصمات الاصابع الموجودة في دوائر الشرطة وفي مدة نصف ثانية تستطيع الاجهزة المختصة ان تميز بين البصمات المتعددة وان تحدد الشخص المطلوب اما اذا عجز هذا التفاعل الكيميائي عن ابراز الصورة بوضوح لقلة الاحماض الامينية في العراق او لوجود عناصر مشعة بطبيعتها احياناً فمن شأن استعمال اشعة لابد ان تؤمن الوضوح الوافي للتمييز والتحديد وبذلك وضل استعمال اشعة لايزر مجال الطب العدلي للكشف عن الجرائم .
علم الامصال يحقق ثورة :-
ولئن كانت الصرخة القديمة الداعية الى الاخذ بثأر الضحية مجرد تعبيير عن عجز وحسب من دون ان يؤمن الدم المراق وسيلة لجلاء الغموض فأن علم الامصال بان يستطيع ان يحدد الفروق بين فئات الدم وان يثبت الفروق بين العناصر في الفئة الواحدة مما سهل تحديد هوية المجرم حتى من نقطة دم واحدة او حصر عدد المتهمين على الاقل ان المتهم لم يعد يستطع انقاذ نفسه لمجرد الادعاء ان بقعة الدم على ثيابه عائدة الى جرح فيه صلة له بجريمة تؤخذ نقطة واحدة من الدم في البقعة الملوثة وتحل في محلول وتوضع في مادة هلامية على صفيحة مسطحه ثم في يطلق في المزيج تيار كهربائي لبضع ساعات بحيث تمر كل انزمية او بروتينية في المادة الهلامية نحو القطب السالب او الموجب وبأكتمال الفصل بين الجزيئات تستطيع المادة الهلامية بحيث تنشأ بالتالي مجموعات مرئية من الانزيمات في هذه المادة وما يسمى بمسحة الدم تجري مقارنتها بمسحة دم اخرى ماخوذة من المتهم كذلك بالامكان الحصول على دلائل مماثلة من سوائل اخرى في الجسم كاللعاب او السائل النوي والمهبلي واذا كان هنالك احتمال ضئيل جداً لايتجاوز نسبة 70000 لوقوع التباس او تشابه فأن العلم يسعى الى ازالة مثل هذا الخطأ بوسطة تحديد مضادات الاجسام لكل فرد .
اثار الاسنان : -
تم ان هنالك مجالاً لتطوير طب الاسنان للاسهام في الكشف عن غموض الجرائم والملاحظ بالنسبة الى الاطفال مثلاً انهم يلجأون الى العض تعبيراً عن استيائهم في حين ان مرتكبي الجرائم لاسباب جنسية يميلون الى عض ضحاياهم ناسين انهم بذلك يتركون اثراً مها يساعد التحقيق على معرفة المجرم فالمعروف ان اسنان الناس لاتتطابق حتى ان الاسنان الاصطناعية بالذات تتيح مثل هذا المجال لمعرفة صنفها الى ذلك ان العض يترك دليلاً على مهنة المجرم فالنجار مثلاً يألف وضع المسامير بين اسنانه مما يترك اثار معينة في العض وقد ادت اثار العض الى معرفة مجرم عمد الى ضرب امرأتيين ثم تبين بعد تكبير الصورة وتوضيحها على جهاز خاص مع تطابق الاثر مع اسنان المتهم .
الانتروبولوجيا :-
ومن الجدير بالذكر هنا ان جهاز تكبير وتوضيح معالمها بوشر باستعمالها من جهة علماء الانتروبولوجيا لتوضيح الصور المأخوذة من الجو باستعمالها من جهة علماء الانتروبولوجيا لتوضيح الصور المأخوذة من الجو لطرق ومواقع مدافن قديمة لتحديد المعالم والتفاصيل الدقيقة لها ثم اخذ الاطباء الشرعيون يستعملونها لمساعدة الاخصائيين بالعض وهم يبلغون نحو 200 اخصائي في الولايات المتحدة وكندا للكشف عن الجرائم او لتحديد هويات الذين توفوا منذ زمن غير قريب بأعتماد المعلومات التي وفرها لهم علماء الانتروبولوجيا عن الفروق العظيمة او الهيكلية بين الاجناس والاعراق وذوي الاعمار المختلفة والمعروف ان العظام تتغير مع النضوج والتقدم في السن كما ان للفتيات مادة غضروفية في الذراعين والساقين تتحول الى عظام مع اقترابهم من العشرينات في حين ان خطوط التقاء العظام الجمجمة تضيق مع التقدم في العمر والملاحظ ايضاً ان العروق في جبين الذكر تختلف عنها في جبين الانثى كما ان العظام في حوض الانثى شديدة الاختلاف عنها في حوض الرجل بحيث يسهل منها تمييز جنس الضحية .
وطبيعي انه لايكفي التمييز بين الجنس والعرق والعمر وحده لتحديد المجرم ولذلك بدات رجال الطب الشرعي باعادة تركيب الوجوه او الهياكل التي يعثرون عليها وقد وقد حققوا نجاحاً رائعا في احدى الحالات حتى ان اهل القتيل استطاعوا التعرف اليه من رسم الوجه الذي اعيد تركيبه غير ان ذلك لا ينفي وجود صعوبات كثيره قبل استكمال المعلومات والبقايا اللازمة وابرازها عمق العين في الجمجمه واثر العضلات والانسجة على عظام الوجه .
المزايا الصوتية :
وللصوت مزايا وخصائص اساسية يتفرد بها كل شخص ولذلك يستحيل عليه تغيرها مهما براعة المحاولة ولذلك يجري تطوير جهاز صوتي طيفي لترجمة هذه المزايا والخصائص في اشكال ورسوم واضحة الرؤية واذا كان هنالك خلاف حول كون هذه الوسيلة جازمة في اثبات التهمه او نفيها فلا ريب انها احدى الوسائل التي يلجأ اليها التحيقيق في مواصل البحث عن الجرائم .
الخلاصة :
وقد حقق الطب العدلي تقدما كبيرا في هذا المجال ولكنه مازال يواجهه مصاعب محدده منها النقص في المعلومات او التدريب وقد تمر شهور او وسنوات احيانا قبل ان تتوافر للمحققين او قبل التعرف الى طريقة استعمال الاساليب الحديثة ولذلك تواصل دوائر الطب العدلي عقد المؤتمرات التدريبيه والاعلاميه واذا كان (شرلوك هولمز) رجل واحد استطاع ان يقوم بادوار مختلفة الرجال والادوات كدور المحقق والعالم باصول الطب العدلي في وقت واحد فأن المسؤولين عن مكافحة الاجرام في الوقت الحاضر يتعلمون لانشاء مجموعات تحقيقه يقوم فيها كل فرد بمهمة خاصه محددة مسلح بتقنيات معلومات جديده في هذا الميدان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار