الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عازف السمسمية

مريم الصايغ

2008 / 8 / 18
الادب والفن


حيث عالم الصحفية والأديبة مريم الصايغ
*************************
قبل أن تراه تسمعه ...
فأنغامه الساحرة تأسرك من بعيد وتبحر بك في فضاءات من الإبداع ...
فتحثك لتسرع الخطى وتتبع انسياب الألحان لتتمتع بها ...
فتأخذك حيث مكانه ...
لتراه وتري محبوبته التي لازمته طوال سني رحلته ...
عندما تراه تجده رجل عجوز لعب الزمن بتفاصيل وجهه فغير منها الكثير
وأضاف لها الأكثر ...
قمحي البشرة طويل القامة في مشيته انحناءة خلفها الزمن علي ظهره ...
يلبس قبعة قديمة أخذها تذكار من القوات الإنجليزية عند مغادرتها مدينتة ,,,
يرتدي بدلة و حيدة ضاعت ملامحها من عمليات الرفا الكثيرة التي أجريت لها...
وأختفى لونها من قسوة أشعة الشمس والزمن عليها وعليه ...
هذا الذي كان في زمانه رجل له مهابة أصبح في زماننا شبه عريان ... تتسأل مهابة؟؟ كيف ؟؟...
نعم مهابة...
وكيف لا وهو فنان والفنان إنسان مميز متشبع بالأنغام ويثري الكون بالألحان ...
كنت تراه في كل مكان تذهب إليه ...
فهو مدعو يشارك في أفراح وطهور وسبوع يأتي ومعه السعد ويدخل الفرح للقلوب ...
يكفي أن تراه لتدخل الطمأنينة لنفسك ثم تسمع أنغامه الرائعة فيدخل السرور لقلبك...
وهو أول الحضور في الأحزان ليقف بجوارك ويشد من أزرك ...
تحاكت البلدة كثيرا عن بطولاته وأمجاده في المقاومة الشعبية والحروب ومن كثرة الحكايات
اختلطت بالتأليفات فأضفت عليه سمة الرجل الأسطوري عم سعد ...
ومع الوقت أصبحت تشك هل ؟ تلك الروايات صحيحة أم هي من وحي الخيال ...
لكن الشيء الوحيد المؤكد لدي الجميع انه ...
رجل يمثل أسطورة بحد ذاته ولا يحتاج لمن يضيف عليه سمة البطولة ...
كانت تذهب إليه بموطنه المعتاد داخل معدية الركاب ذات الطابقين ...
لتجده يعزف لركابها مقابل قروش بسيطة ليواصل حياته...
ألم أقل لك هذا الذي كان عظيما في زمانه يطرب الملوك أصبح شحاذا علي سمسميته في زماننا ...
كانت تجلس إليه فيحدثها عن حياته ...
و حياته هذه قد طالت أيامها لهذا عاصر أحداث كثيرة دافع عن الوطن في 1956 ووقف بجوار زملائه يشجعهم ويحمسهم ليصمدوا ...
و كان يصف لها كيف كانت أرواح الجميع بلا ثمن الجميع يريد أن يقدم الروح هدية فدا ء للوطن لكي ينال الحرية...
و حدثها عن حرب 1967 وكيف استشهدت زوجته عندما قذف بيته وخسر غرامة الوحيد وطعن قلبه طعنه غادرة ...
ورغم هذا كان يقدم حياته في الميدان ...
ثم قدم أبنائه الثلاثة أرواحهم البكر لعروسهم الوحيدة الغالية...
التي هتفوا لها تعيشي يا مصر حرة قوية حتى فارقوا الحياة و...
في هذه اللحظات أيضا كان يشجع الجنود بالألحان...
كانت كلما سمعت منه تجيبه ...: لقد تألمت كثيرا يا عم سعد ...
فيرد : يا ابنتي أنا وكل ما أملك فدى لحظة كرامة تعيشها بلادي ...
وكانت هذه الكلمة هي مفتاح احتمالها لكل ما يقابلها في الحياة
من روتين وصعوبات قوية من خيانة وعمالة ولعب بالشعارات ومؤمرات خفية ...
وفي يوم ذهبت إلي موطنه أخبرته بخطبتها وقرب موعد زواجها ووجهت له الدعوة ليحضر
فنزلت دموعه وقال ...: هل يدعي الأب لعرس أبنته ...
ففرحت وتركته سعيدة لأنها تأكدت أنه سيحضر ولهذا سيحضر السعد معه ...
وفي يوم العرس حضر يحتضن محبوبته
ويزينها بوردة حمراء جذابة شذي عطرها تناثر مع هواء الصيف فنشر الحب والسعادة ...
و قبل أن يقدمها لها رواها بدموع عينيه
ونظرت إليه فوجدت كل كلمات الكون تخرج من عينيه لتصل لقلبها فلم يحتاج لقول المزيد ....
وعزف كما لم يعزف في حياته فلقد كانت السمسمية تتراقص معه لتسعدها في وتزيد من فرحتها ...
وعندما حاول زوجها إعطائه نقود رفض وتركهم حزينا
لكنها جرت نحوه وقالت له : هذا المال من بنت لوالدها لتسعده كما أسعدها .... ففرح وقبل النقود ...
وبعد أيام ذهبت إليه وشكرته علي حضوره العرس وأبلغته بسفرها ووعدته أنها لن تطيل غيبتها ليطمئن عليها ...
فقال لها : سأنتظرك فلا تطيلي غيبتك ...
وطالت غيبتها أيام وشهور فصارت سنوات ...
وعندما عادت ذهبت مسرعة لموطنه فلم تجده ...فطرقت كل الأبواب لتبحث عنه ....فلم يعرف أحد أين ذهب ...؟؟
صرخت ...يا بشر هل أختفي الرجل ؟...
أين كنتم ؟...كيف لم تلاحظوه ؟...
كيف أختفي السعد من وسطكم ...؟
هل أضعتموه وسط صخب حياتكم ...؟
وضاعت تساؤلاتها بلعها الريح في جوفه العميق ...
لكنها تذكرت رجل مسن كانت تشاهدة معه فطافت تبحث عن بيته...
فسابقت الريح عدوا لتصل إليه وطرقت علي بابه بكل لهفة وشوق ..
وعندما فتح لها...
وجهت له سيل من الأسئله والرجل في ذهول ...
فصمتت قليلا وسألته عنه ...وعندما عرف من هى...
قال لها في عتاب : لقد ظل ينتظرك طويلا وعندما طال انتظاره
أخبرني أنه يكفيه أنه مستريح البال يعلم أنكِ سعيدة في حياتك الجديدة ....
فترقرقت دموعها ونزلت كالسيل من عيناها وأعادت عليه السؤال ...
أين أجدة ؟ فأجابها: لن تستطيعي الوصول له فقد سافر في رحلة طويلة لن يعود منها سوي يوم الدين ...
وقبل أن تخور قواها ...أعطاها لفافة تركها عم سعد لها...
فضت عنها اللفافة فوجدتها محبوبته السمسمية ومكتوب عليها ...
لأنكِ ابنتي الوحيدة التي أعرفها تركت لكِ كل ما ملكت في الكون ...و
أعلم أنها ستحافظ عليكِ
فاستندت عليها وأخذتها السمسمية في حضنها ومشيا معا يتحدثان عنه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاديبة الرقيقة المثقفة دكتور مريم الصايغ
شوقي الجمال ( 2014 / 6 / 30 - 23:46 )
سلم يراعك سيدتي خبيرة بدرجة شاعرة وقاصة

اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي