الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استباقا لطردها من دمشق حماس تتجه لعمان

ابراهيم علاء الدين

2008 / 8 / 19
القضية الفلسطينية


تناقلت وسائل الاعلام خلال الايام القليلة الماضية معلومات حول محادثات اجراها مدير المخابرات العامة الأردنية الفريق محمد الذهبي في عمان اجتماعاً، هو الثاني في أقل من شهر، مع وفد من حركة "حماس" ضم عضوي المكتب السياسي لحماس محمد نصر ومحمد نزال.
واثر ذلك تحركت الماكينة الاعلامية لحماس لاستغلال الاجتماعات اعلاميا وعلى نطاق واسع، في محاولة لايهام الراي العام انها نجحت في كسر الحصار، او على وشك، وانها تنتزع شرعيتها تدريجيا ، في مقابل تراجع شرعية السلطة الفلسطينية، او على الاقل ان شرعيتها لا تقل عن شرعية السلطة.
وفي هذا نوع من التضليل المبرمج لاعطاء المواطنين في غزة نوع من الامل القائم على الوهم لتحمل مشقة الحصار ، بالاضافة الى تعزيز ثقة مقاتليها وانصارها بانها تحقق نجاحات على الصعيد السياسي.
ويبدو ان الكثير من المشتغلين بالاعلام كتابا او صحفيين بلعوا الطعم ، وركبوا الموجه وانساقوا وراء اضاليل حماس وباتوا يتحدثون عن عودة العلاقات بين الاردن وحماس على قاعدة دافئة ، وذهب البعض منهم في خياله غير المنطقي بعيدا، فقال ان الاردن يسعى الى تحسين علاقته بحماس ليظل على صلة مباشرة بصناع القرار الفلسطينيين ، ووصلت البلاهة بالبعض للتكهن بان خالد مشعل هو الرئيس الفلسطيني القادم من خلال انتخابات الرئاسة، ومارس بعض الكتاب الكذب المكشوف من خلال عملية دعاية غير مباشرة لحماس بالقول ان حماس ستكتسح الاصوات في الانتخابات المقبلة وان ذلك سيمهد لها مد سيطرتها على الضفة الغربية.
ولعب معظم قادة حماس دورهم في الترويج الاعلامي و التضليل فقال فوزي برهوم الناطق باسم حماس ان الاجتماعات مع الاردن تاتي في اطار "فك العزلة" المفروضة عليها والانفتاح عل العالم العربي والاسلامي. (وفي ذلك مغالطات وادعاءات فارغة ).
ويتابع ادعاءاته بالقول " ان الاجتماعات تاتي في سياق تسويق "الشرعية الفلسطينية" (معتبرا حماس هي التي تمثل الشرعية الفلسطينية).
وتمني برهوم على الأردن قيام علاقات قوية بالشرعية الفلسطينية والشعب الفلسطيني قائلا:" نحن بحاجة لدعم عربي وإسلامي من اجل أن تساعد في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني ودعم عدالة قضيته". (يقصد شرعية حماس وصمود حماس).
يذكر ان الاردن جمد علاقته مع حماس وابعد قادتها الى قطرعام 1999 اثر اتهامها بالتدخل بالشؤون الاردنية ، وتفاقمت القطيعة بشدة اثر اكتشاف عملية تهريب اسلحة الى اراضيه من قبل عناصر ادعت انها من حركة حماس بهدف القيام باعمال داخل الاردن تمس مؤسساته وشخصياته في 18/4/2006.
ومع ان حماس نفت انذاك صحة الرواية الرسمية الاردنية، الا ان الاردن عرض مشاهد تلفزيونية لاعترافات يدعي أصحابها أنهم يعملون لصالح حركة حماس، إضافة إلى عرض أسلحة قيل بأنها هربت إلى الأردن للقيام بأعمال ضد اهداف أردنية بتوجيه من عناصر من حركة حماس أيضا.
ورغم الحملة الاعلامية التي تشنها حماس لاضفاء طابع الانتصار في سياق فرض شرعيتها الانقلابية ، ومحاولة بعض الابواق والاقلام ترويج هذه الكذبة، فان المعلومات المؤكدة حول ما جرى بالاجتماعين مع الفريق الذهبي لم تخرج ابدا عن النطاق الامني .
وانها تناولت التزام حماس المطلق بعدم التدخل بالشؤون الاردنية، والتزامها بعدم مساندة الاخوان المسلمين (جبهة العمل الاسلامي) والتي غالبية قواعدها من اصول فلسطينية، وعدم استخدام الاراضي الاردنية لاي نشاطات سياسية او عسكرية او امنية، وعدم قيام حماس باي نشاط تنظيمي "تجنيد عناصر لها في الاردن" وان تبرهن على نواياها هذه بتقديم كافة المعلومات التي يطلبها الاردن والتي تمس امنه القومي.
وفي مقابل ذلك سوف تسمح الاردن لبعض قادة حماس للمشاركة ببعض الفعاليات التي تقام بالاردن ، مع الالتزام التام بالقيود الامنية السابقة.
اما على الصعيد السياسي ومع انه لم يكن مدار بحث جدي الا ان الفريق الذهبي اكد مواقف المملكة الثابتة في دعم شرعية السلطة الفلسطينية ، وان الاردن ضد تمزيق الساحة الفلسطينية لان ذلك يضعف الموقف التفاوضي الفلسطيني، وهذا يتنافى مع موقف المملكة باقامة الدولة الفلسطينية المستقله وحل مشكلة اللاجئين وباقي القضايا الاخرى ذات الصلة بالقضية الفلسطينية دون ان يؤثر ذلك على سيادة الاردن وامنها الوطني.
ويؤكد مراقبون ان الاجتماعات وما يمكن ان ينجم عنها من "تخفيف" حدة القطيعة "لا يعبر عن تغيير فى استراتيجية الدولة الأردنية وأساسها استمرار دعم عملية السلام وصولاً الى قيام دولة فلسطينية مستقلة والإبقاء على التحالف الاستراتيجي الشامل مع الولايات المتحدة الأميركية وصيانة اتفاقية السلام مع إسرائيل".
ورغم محاولة حماس اعطاء ما تم من اتصالات مع الاردن ابعادا كبيرة هدفها اعلامي بالدرجة الاساسية الا ان المسؤولين الاردنيين لم يعلقوا على الموضوع ، باستثناء تصريح قصير لناطق رسمي اكد حدوث اللقائين، مما يدلل على ان الاردن لا يريد اعطاء الحدث اكثر مما يستحق.
خصوصا بعد نجاح الاردن في تقليص نفوذ حليف حماس التيار الإسلامي في الانتخابات التشريعية والبلدية الأخيرة، وايضا كونه يتم في موازاة عملية يقودها الفريق الذهبي للاتفاق على هوامش جديدة لقواعد العلاقة مع الأخوان المسلمين الأردنيين قائم على أساس الالتزام بالدستور وبالنظام كمرجعية.
يذكر ان المتانة التي طبعت علاقات الاردن بحماس في تسعينات القرن الماضي قامت على قاعدة مواجهة التوجه الاستقلالي الذي قاده الزعيم الراحل ياسر عرفات لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، فيما كانت حركة حماس وحليفتها حركة الاخوان المسلمين في الاردن ضد هذا التوجه وايمانهما بارتباط الضفتين ، ورفضهما قرار فك الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية الذي اصدرته الاردن في عام 1987. وكان موقف الحركة الاسلامية الاردنية والفلسطينية من اهم الاوراق التفاوضية الاردنية.
ولكن الاردن وبعد اتفاق وادي عربة لم يعد لديه أي رغبة بعودة ارتباط الضفتين، وذلك لاسباب استراتيجية، في مقدمتها انها ترفض بشدة ان يكون الاردن هو الوطن البديل للفلسطينيين ، وهذا الخيار ما زال مطروحا في بعض الدوائر الصهيونية وحلفائها في الادارة الامريكية.
وهذا يدفع الاردن الى ان تكون من اكثر المؤيدين لاقامة دولة فلسطينية غرب النهر كاملة السيادة من خلال التوصل الى اتفاق سلمي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية ، لان من شان اتفاق كهذا ان يوفر الامن والاستقرار للاردن الذي ما زال نصف سكانه لم يحسموا بعد امر هويتهم بانتظار التوصل الى حل مشكلة اللاجئين وتحقيق حق العودة والتعويض.
وتحاول حماس ان تروج اعلاميا انها ستحقق فوزا كاسحا في الانتخابات التشريعية في مطلع عام 2009 وان رئيس مكتبها السياسي قد يكون الرئيس الفلسطيني المقبل، وبعدها ستفرض هيمنتها على الضفة الغربية كما فعلت في غزة.
ومن المعروف ان الاستراتيجية السياسية لحماس تقوم على تحقيق التهدئة مع العدو الصهيوني وليس التوصل الى حل شامل، وهي لا تمانع في ظل هذه الاستراتيجية انضمام الضفة الغربية الى الاردن وغزة الى مصر (العودة الى ما قبل 67).
لكن مسؤولا اردنيا رفيع المستوى ذكر في لقاءات خاصة ان الاردن يرفض رفضا قاطعا العودة الى التركيبة السياسية التي كانت سائدة بين الضفتين قبل عام 67، وان الامر الممكن ان يتم نوع من الائتلاف الكونفدرالي بعد حصول الفلسطينيين على استقلالهم التام.
ونسبت الكاتبة الاردنية رنا الصباغ الى مسؤول اردني اشارته الى «أن حماس نفسها تتغير شأن حليفها اللبناني «حزب الله» والحزب الإسلامي العراقي بقيادة طارق الهاشمي. فهذه الحركات العقائدية تظهر براغماتية عالية لأن عينها على السلطة.
فالهاشمي، تفاهم مع الأميركيين و «حماس» استغلت سلسلة تحالفاتها مع إيران وسورية وغيرها لتعزيز نفوذها السياسي، وفرض نفسها كمنافس لمنظمة التحرير الفلسطينية، وها هي تفاوض إسرائيل الآن عبر قناة مصر لتثبيت صفقة تهدئة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين عبر مصر مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، المختطف منذ نحو سنتين».
لكن «حماس» غير مرتاحة للدور المصري والإيراني والسوري ولا تريد الانتقال الى قطر أو اليمن مرة أخرى. وهذا سبب من أسباب قرارها الاستدارة نحو عمان".(الحياة – الاثنين).
واكد مصدر في الحركة الاسلامية بالأردن اللقاء لـ "الشرق الاوسط" ان لدى الاردن عدة تحفظات على اعادة فتح مكاتب حماس بالاردن حيث طلب ضمانات بعدم التعرض للقضايا الامنية.
ويبالغ المصدر الى درجة الكذب مع انه "اسلامي" فيقول في نفس التصريح " ان حماس اصبحت بالنسبة للاردن البوابة التي تعود من خلالها للعب دور اكبر في القضية الفلسطينية"
ويتجاهل هذا المسؤول "الاسلامي" ان لا احدا في الاردن او فلسطين لا يعرف عمق العلاقات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الاردنية، وان هناك الف بوابة للاردن الى فلسطين، وان العلاقات الفلسطينية الرسمية مع جمهورية مصر العربية تتم بتنسيق بين الاطراف الثلاثة.
وما كل هذا التضليل الذي تمارسه حماس وحليفتها جماعة الاخوان المسلمين بالاردن لاخفاء حالة البؤس والعزلة والاضطراب السياسي الذي تعيشه امارة غزة الاسلامية.
وتعمل حركة حماس جاهدة وفق ما صرح به سامي ابو زهري لـ “الحقيقة الدولية” للتوصل لاتفاق مع الأردن لإعادة فتح مكتبها السياسي في عمان وسط خشية بإبعادها من سورية في حال وقـّعت دمشق اتفاق سلام مع إسرائيل"، وهو ما يعني أن الطائرة المغادرة التي ستحملهم من دمشق ستكون وجهتها طهران وهو آخر ما يرغب قادة الحركة في أن يستفيقوا عليه.
ونسبت "الشرق الاوسط" الى مصادر مقربة من الاسلاميين قولهم أن اللقاء «لا يشكل انعطافاً بالسياسة الرسمية الأردنية تجاه الحركة الإسلامية وملف الإصلاح الداخلي، بقدر ما ينم عن مقاربات أكثر توازناً في علاقات الدولة الأردنية الداخلية».
وامام اكاذيب ابو زهري بان حركة فتح ضد التقارب بين حماس والاردن قال الدكتور جمال نزال الناطق باسم فتح في تصريح ل "الحقيقة الدولية" أنه ليس لدينا أي قلق من لقاء نزال ونصر بمدير المخابرات الأردنية. واضاف إن الأردن دولة مستقلة وقوية وتمتلك القرار بان تقيم علاقات مع أي جانب سواء حماس أو غيرها وهذا أمر أردني داخلي لا دخل لحركة فتح فيه.
ونفى نزال أن يكون لدى الأردن عدم ثقة بحركة فتح وقال إن التاريخ والحاضر والمستقبل يشهد متانة العلاقة بين حركة فتح والأردن وهناك روابط مشتركة وتعاون كبير في مختلف القضايا، ومن يقول إنه لا توجد ثقة لدى دول الجوار بفتح فهذه أكاذيب تطلقها حركة حماس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارات إسرائيلية على بيروت وصور وسقوط صاروخ شرقي القدس


.. مسؤولة كندية تهاجم نتنياهو بسبب حربه على غزة ولبنان




.. غارات إسرائيلية على الشويفات وصور جنوبي لبنان


.. رعب في لبنان بسبب الحرب.. وإحباط من المستقبل




.. بايدن عن إمكانية بدء إسرائيل عملية برية في لبنان: يجب وقف ال