الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار الوطني الفلسطيني بحاجة لإرادة سياسية فلسطينية وتدخلا عربيا فاعلا

وليد العوض

2008 / 8 / 19
القضية الفلسطينية


بالرغم من تزايد الحديث والتصريحات الصحفية عن اقتراب موعد انطلاق الحوار الوطني الفلسطيني،غير أن العديد من المعطيات تشير إلى أن مثل هذا الأمر ما زال بعيد المنال ويحتاج بدون شك إلى جهود فلسطينية داخلية مضاعفة، وكذلك تدخلا عربيا ضاغطا ووضوحا أكثر جدية مما هو عليه الآن، خاصة وان مواقف الأطراف المعنية مباشرة والمطالبة أكثر من غيرها بتقديم ما يشجع على البدء فيه، لم تبدي حتى ألان ما يفيد إنها جاهزة أو على استعداد لتقديم ذلك ،ويبدوان الجهود المصرية المكثفة المبذولة في هذا المجال لم تفلح في جسر الهوة التي ما زالت واسعة، ويستدل على ذلك من المماطلة والمراوحة في تقديم أجوبة واضحة على الأسئلة التي سبق وقدمتها مصر للوقوف على مواقف التنظيمات الفلسطينية ومدى جديتها في الجلوس على مائدة الحوار والصول إلى النتائج المرجوة.
بنظرة سريعة على ارض الواقع حيث يحتدم الصراع في قطاع غزة، مازالت حركة حماس التي سبق وسيطرت على غزة بالقوة المسلحة تواصل سياستها لإحكام سيطرتها المطلقة على القطاع، وقد استغلت حركة حماس جريمة انفجار الشاطئ والتي أسفرت عن استشهاد خمسة من أبناء حماس وطفلة، فبدلا من تشكيل لجنة تحقيق محايدة للكشف عن هذه الجريمة المشبوهة ومن ورائها، سارعت بتوجيه أصابع الاتهام لحركة فتح، ونفذت أوسع حملات الاعتقال والمداهمات التي طالت العديد من قادة وكوادر الحركة والفصائل أخرى، ومازالت تحتفظ بهم في سجونها، وشملت أيضا إغلاق ومداهمة العديد من المؤسسات والجمعيات والاستمرار في منع دخول الصحف إلى قطاع غزة، ناهيك عن تداعيات الاقتحام الدامي لحي الشجاعية واستشهاد 12 مواطنا وجرح العشرات، وبدون شك فان تلك الأحداث كان لها تأثيرا هائلا سمم الأجواء المتفائلة التي كانت تبشر باقتراب موعد الحوار اثر دعوة الرئيس ابومازن في الرابع من حزيران الماضي ، إلا أن ما تلا ذلك من أحداث ورافقها من تصريحات ومواقف تمثلت بان أولوية حركة حماس منصبة على ملف التهدئة وشاليط، وما يمكن تحقيقه على صعيد الإفراج عن الأسرى بما فيهم النواب المختطفين، وبدون شك فان ذلك يمثل حاجة ومصلحة وطنية، ولكنه من زاوية أكثر تحديدا وصراحة مصلحة حمساوية بامتياز خاصة مع اقتراب موعد العراك السياسي المنتظر مع انتهاء ولاية الرئيس أبو مازن مطلع الشهر القادم رغم أن الأمر من زاوية الالتزام بالقانون الأساسي يحدد ذلك بانتخابات متزامنة للرئيس والمجلس التشريعي، ويبدوا أن ساحة هذا العراك لن تكون غزة بل ستمتد للضفة الفلسطينية بأشكال متعددة، وفي هذا السياق يمكن قراءة الاهتمام السياسي لحركة حماس بإعادة العلاقات مع الأردن بكل ما يعنيه ذلك من امتداد وتأثيرات وترابط تعزز إمكانية التواصل والحركة مع الضفة الفلسطينية، إن المؤشرات السالفة وغيرها الكثير من التفاصيل تشير إلى أن حركة حماس لم تجهز بعد لتقديم ما هو مطلوب منها لضمان نجاح الحوار الوطني، بل ستواصل سعيها لاستغلال كافة الأوراق التي بحوزتها لتعزيز مواقعها ومكانتها،،، مستفيدة من الهوامش الإقليمية والدولية وأهمها الانشغال بموسم الانتخابات الأمريكية وكذلك الإسرائيلي، بما يضمن تحقيق نتائج أفضل من ما يمكن أن تحققه ألآن .
هذا من جانب ومن جانب آخر بالرغم من دعوة الرئيس ابو مازن للحوار في الرابع من حزيران الماضي وجولته العربية التي شملت عددا من الدول ذات التأثير بهدف توفير الرعاية العربية للحوار, ومن ثم تجديد الدعوة في لقائه الأخير مع الرئيس مبارك وبدء التحرك المصري بالاستعداد للحوار،، رغم كل هذه الجدية لدى الرئيس فإن العديد من أصحاب النفوذ حاولت تعطيل هذه الجهود ووضع العصي بعجلة الحوار قبل انطلاقه، وهي تجد في ممارسات حماس ومواقفها ما يعزز ذلك وقد لاحظ الجميع حجم ومدى نفوذها في تنفيذ حملة اعتقالات سياسية وإغلاق مؤسسات بشكل غير قانوني في الضفة الفلسطينية، وحتى في المماطلة بتنفيذ قرار الرئيس أبو مازن بالإفراج عن المعتقلين لدى أجهزة الآمن على خلفية أحداث غزة الأخيرة.
من خلال ما تقدم يمكن القول أن الحديث عن الحوار والرغبة به شيء، وتوفر الإرادة السياسية والاستعداد لتقديم متطلبات واستحقاقات نجاحه فشيء أخر تماما، وهو ما أظن بكل أسف غير متوفر حتى هذه اللحظات.
إن هذا الوقع المؤلم يتطلب جهودا فلسطينية خاصة من قوى اليسار التي عكفت في الآونة الأخيرة على عقد عدة لقاءات مع حركتي فتح وحماس شاركت فيها أيضا حركة الجهاد الإسلامي، وذلك بهدف وضع آليات تضمن توفير المناخات المناسبة للدعوة للحوار بما في ذلك وقف الاعتقالات السياسية والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وضمان حرية الرأي والتعبير وإعادة توزيع الصحف في قطاع غزة ،،ولكن على قوى اليسار الحذر من الغرق في التفاصيل وإشاعة الوهم وكأن الحوار سينطلق غدا ونتائجه بات مضمون النجاح لان ذلك يتوقف على مدى توفر الإرادة السياسية لدى حركة وحماس بالدرجة الاولى، واستعدادها للتعاطي الايجابي مع متطلبات إنجاح الحوار واستحقاقاته الفعلية، كما انه سيختبر مدى جدية حركة فتح والرئيس أبو مازن ويميط اللثام عن كافة العناصر ومجموعات المصالح ومراكز القوى التي تسعى لعرقلة الحوار من كلا الطرفين.
وفي هذا السياق فان النجاح فلسطينيا في توفير مناخات البدء بالحوار لن يكون ذو معنى إذا لم يستند إلى حاضنة عربية ومصرية بالأساس تركز على أهمية الدعوة للحوار لمعالجة الأزمة الداخلية الفلسطينية من الزاوية السياسية، وعدم التركيز فقط من خلال ملفي التهدئة وشاليط ومعبر رفح رغم أهمية ذلك ، خاصة وأن احد طرفي الصراع واعني حركة حماس تسعى لتوظيف هذا الأمر في أجندة الصراع الداخلي. إن هذا الوضع المعقد يتطلب من الأشقاء في مصر الإسراع في توجيه الدعوة لبدء الحوار الشامل الذي سبق وان رعته مصر في مراحل صعبة، فلمصر رئيسا وحكومة والفلسطيني مكانة خاصة في قلوب شعبنا وتمتلك أيضا موقعا وإمكانيات مميزة تمكنها من التأثير على كافة الأطراف لنجاح الحوار,خاصة وان استمرار هذا الوضع واحتمالات تطوره للأسوأ لا يمثل خطرا على المشروع الوطني الفلسطيني والقضية الفلسطينية فحسب، بل ستمتد أثاره السلبية لتطال مجمل المنطقة العربية.
في الختام أقول أن عنصر الوقت هام ومؤثر، وشعبنا الفلسطيني لم يعد قادر على تحمل المزيد من الآم الانقسام وحالة الفصل المدمر، فالمصلحة الوطنية الفلسطينية والمصلحة القومية العربية وعلاقات والإخوة وروابط الدم ومناشدات أهلنا تتطلب تدخلا مصريا وعربيا عاجلا وفاعلا ينهي الأزمة ويعيد لشعبنا وحدته وللقضية الفلسطينية مكانتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا