الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة مقتدى بالخريطة الوراثية

مارسيل فيليب

2008 / 8 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعديل الخريطة الوراثية للأنسان ، مسألة علمية شائكة ومعقدة ، حيث تتم عبر تقنية زرع مكونات وراثية من متبرعة في خلية بويضة غير مخصبة ، الناتج تركيب جيني او بصمة وراثية فيها من الجينات الغير عائدة للأم أو الأب الأصليين .
ويقول العلماء وأصحاب الأختصاص .. أن خريطة الجينات البشرية " الجينوم " ، أظهرت أن الجينات البشرية تشبه لحد كبير جينات الحيوانات وحتى الفئران والكلاب ، مثلاً ... عنق الزرافة يحتوي على عدد من الفقرات يساوي العدد الموجود في عنق الانسان ، أو أن بصمات أصابع القنافذ تتشابه إلى حد كبير مع بصمات أصابع الأنسان .
لكن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر " المعدل وراثياً وبأمتياز " حيث عائلة الصدر لم تخلو من قادة وطنيين ورجال علم وعقلاء ، والذي يسعى اليوم لتحويل الخريطة الوراثية لجيش المهدي الى مشروع ثقافي عبر (( تقنية زرع مكونات ثقافية في جزء كبير من جيش المهدي وليس كله )) حسب أدعائه لتولي مسئولية الجهاد الفكري والتنويري والإصلاحي ضد (( الأفكار العلمانية الغربية )) التي تحاول التغلغل في المجتمع العراقي المعروف برصانة البناء القيمي والروحي فيه وفطرته الدينية القوية ، وتحفيز روح المقاومة والجهاد كقاعدة اساسية لبناء المجتمع ونبذ أفكار الاحتلال الهدامة والمرفوضة شرعا واجتماعياً من قبل الجميع .

هذا المقتدى انتفخ بشكل متسارع بعد أن اعطاه الكل بدون أستثناء حجماً اكبر من جُبته ( يعني مثلاً .. مخاطبته من قبل الحوزة العلمية وطلابها في النجف والكثيرين من غيرهم لحد الأن أحياناً ، بحجة الأسلام والمسلمين ) .. وهكذا انتقل بخطابه الطائفي المتستر بمقاومة المحتل لما طرحه الأن بـأسم "وثيقة البيعة " على قاعدة ماكان يهذي به من خوار المقبور صدام حسين ، التوقيع بالدم على كل شيئ نعم لأن دماء العراقيين اصبحت ارخص من التراب ... ليوقعها بالدم اكبر عدد من العراقيين للتعهد كما جاء فيها نصاً " للجهاد بكل معانيه ، جهاد فكري وجهاد مقاومة المحتل" ، موضحاً ان هذه الوثيقة لها ارتباط وثيق بمشروعه السابق لممهدون باعتبارها تؤدي نفس الغرض وتلزم الموقعين بالعمل على " تحرير ليس العراق فقط وانما العالم الاسلامي " من الاحتلال والاستعمار اما بالجهاد والمقاومة العسكرية او بالمقاومة الثقافية للفكر الغربي العلماني ، يعني مثل ماكال أبو المثل ... (( الجريدي لو سكر يمشي على شوارب البزون )) .

ما اقوله عن هذا النموذج لايعني عدم احترام لمراجع ورجال الدين أي دين ، فتأريخ العراق الحديث يذكر ادوار بعض رجال الدين شيعة وسنه على حد سواء بأحرف مضيئة .. حيث في اوائل القرن التاسع عشر حين ازدهر الأجتهاد انتصرت المدرسة الأصولية في الفكر الشيعي على المدرسة السلفية بالدعوة لأستخدام المنهج العقلي والتقصي الفكري ، خاصة بعد نشوء الحركة الوهابية في نجد التي اعتمدت " منهج الروايات والسلف الصالح " ، وتطور ذلك الى حركة سياسية منذ اوائل القرن العشرين مع تفكك دولة الخلافة العثمانية وبروز جيل من العلماء والأدباء ممن تشبعوا بأفكار السيد جمال الدين الأفغاني ، عبر التصدي " بالجهاد " للأحتلال البريطاني عام 1915 ، ثم الثورة العراقية عام 1920 التي كانت النواة لقيام الدولة العراقية ، وكما تذكر احد الوثائق البريطانية انذاك .. (( أقيم احد المواليد في جامع الشيخ عبد القادر والقى عبد الغني كبة خطبة حث الناس فيها على عدم أعطاء الحكومة أي لحظة استراحة قبل انجاز جميع المطالب ، وقد قرأ المولد على طريقة ملة عثمان والتعزية على طريقة شيخ محمد مهدي البصير الحلي ، وطلبوا من الجميع ان يجتمعوا طالما كان هناك عدو مشترك هو بريطانيا )) . هذا في بغداد ، وهناك امثلة اخرى للعديد من رجال دين متنوريين من النجف بالتحديد نذكر منهم الأبرز على سبيل المثال " الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء " ، العالم الفقيه والمثقف المتنور ومن اوائل حملة راية التحرر والداعية الأول إن جاز التعبير للوقوف ضد المصالح الأستعمارية ، رغم ان الظروف الموضوعية انذاك دفعته في النهاية للتقهقر من موقف محاولة انتاج نقلة عقلانية في الفكر الأسلامي ..الى الأكتفاء بالدعوى لرفع القهر المسلط على الطائفة الشيعية والشعب العراقي عموما بسبب ظروف المرحلة التي دفعت المثقف بشكل عام والنجفي بشكل خاص للأبتعاد عن فضاء الثقافة الوطنية ولبروز الحاجة لتجديد آليات الدفاع عن المؤسسة الشيعية ومصالحها المادية امام هيمنة وتسلط الدولة المتذهبة ( السنية ) في بغداد التي أُورِثَتْ السلطة العثمانية بمساعدة بريطانيا العظمى أنذاك ، لكن ليس ثمة عذر للمثقف الشيعي ورجل الدين المتنور حاليا ليكون أسير الموقف الطائفي – السياسي بحجة " مظلومية اهل البيت " كما يقال وتفضيل الخلفية الأجتماعية المذهبية والعشائرية على الأنتماء للهوية الوطنية العراقية .
انه حقا كابوس رهيب ، أن يرى العراقي نفسه وبدون مقدمات بعد خلاصه من ليل البعثفاشي البغيض العوبة بيد طائفيين ومتأسلمين وجهلة متخلفين أنشأوا ميليشياتهم الخاصة ، وانتزعوا سلطات واسعة من دولة ضعيفة وشرعوا قانونهم الخاص خارج سلطة الدولة لحماية مصالحهم .. فكيف نفسر ماجاء في وثيقة مقتدى حينما يقول في الفقرة الثانية من وثيقة بيعته " أن أسعى لتحرير بلاد المسلمين عموماً والعراق خصوصاً من جيوش الظلام ، اعني به الأحتلال والأستعمار أيا كان ، بالجهاد والمقاومة الثقافية للفكر الغربي العلماني ، حسب ماتأمرني به حوزتي فهي أملي وعزتي وقائدي ، أين حق الأشوريين الكلدان السريان والصابئة أو الأيزيدين أو الأقليات بشكل عام في وطن كانوا يحلمون أن يكون لهم بيتاً يسعهم جميعاً ، أية حوزة يعني ، واين الدولة ومؤسساتها القانونية الدستورية ، طبعا المقتدى لا يعترف بأي شيئ من هذا " فالحوزة التي يعنيها " هو القانون والمؤسسة الدستورية الذي يجب الألتزام به وطاعته من قبل الجميع ، " يعني مثل ديمقراطية بلاّع الموس تبلعها تجرحك وتدمرك ، وتنفضح لو تكتب عنها بشكل علمي" .
والتساؤل ... أي قانون سيطبق المقتدى حين يصل الى السلطة ، هل هو قانون الحوزة ام الدولة المهدية ، ام البرنامج السياسي الثقافي !! لحزب أو تيار المهدي أو الممهدون الذي يقوده ؟

الجواب ( هو ربطها من الأول لحيه بلحية ) ، لكن بتقليب صفحات ماحدث للوطن والمواطن العراقي وما صاحب ذلك من ممارسات وتجاوزات وتصفيات وفرز قومي طائفي منذ السقوط لا تبشر بالخير في هذا الجانب فالواقع يقول أن "السلطة التي يفترضها مقتدى " والتي تمارسها حكومة المالكي اليوم لتثبيت " مايتفق على تسميته سلطة الدولة والقانون"، ستكون هي نفسها العامل المهدد " لسلطة المؤسسات الدستورية والقانون الحقيقي " في دولة عراق المستقبل .
اخيراً كل ما تنتجه الديمقراطية التوافقية الحالية ( هكذا يسميها قادة العراق حالياً ) ، عبر حوارات وتفاهم الكتل الكبيرة التي تتم في غرف مغلقة ، يعني وبصراحة ، أن آليات الديمقراطية الحقيقية معطلة ، وأي شعار أو توجه رسمي حكومي حول قيام الديمقراطية ودولة المؤسسات القانونية يجب أن نتعامل معه من باب التخمينات بالأتي المجهول ، ... وهنا اتذكر مقال نشر قبل سنوات في رسالة العراق حول محاضرة بعنوان " النظام العالمي الجديد ومستقبل العراق " القاها البرفسور تشالز تريب ، أستاذ مختص بسياسية الشرق الأوسط في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية ( سواس ) .. ركز فيها على ضرورة البحث العلمي الجدي في مستقبل العراق ، وعدم الأكتفاء بحتمية الفكرة القائلة ( أذا ذهب صدام حسين فسوف يتغير كل شيئ نحو الأفضل وستحل كل الأشكاليات ، كما لو ان كل مشاكل العراق تنحصر اسبابها بصدام لأنه على رأس السلطة ) ، حيث أشار موضحاً أن نظام صدام جاء على أسس لها مقومات ثابتة في المجتمع العراقي منذ قيام الدولة ، اطلق عليها تسمية " مجتمعات الثقة " ، أي اتحاد مجموعات بشرية تثق في بعضها البعض لأسباب محلية طائفية مذهبية عشائرية قروية ، أو ضمن العائلة الواحدة ،وفي ختام المحاضرة ذكر ... " أن حالة عدم الأستقرار الذي يتميز بها الوضع العراقي ( يقصد مرحلة النظام السابق ) ستظل قائمة ولن تختفي بغياب صدام .
يعني صدك ما أدري ... أيصير فعلاً احنا صمنا أربع عقود وتاليها فطرنا على جريـة ..!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث