الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصالح العام:- القيمة الاجتماعية الشاملة

على سلمان البيضاني

2008 / 8 / 21
دراسات وابحاث قانونية


يمكن القول ان الصالح العام من الناحية كونه حقيقة ملموسة وحالة واقعية هو عبارة عن "مجموع المنافع اللازمة للحياة الانسانية منتظمة فيما بينها على نحو يكفل وسطاً يوفر للفرد الوسائل التي توصله بواسطة جهده الى تحقيق ما يتطلبه مصيره في هذا الوجود" . وعلى ذلك فان الصالح العام يضم مجموع القيم ذات النفع الانساني ، ومن ثم تضمن الصالح العام تبعاً للمصلحة الملحوظة صوراً مختلفة ، فهناك الصالح المشترك الاقتصادي وهناك الصالح الاخلاقي وهناك الصالح المشترك الفكري وهناك الصالح المشترك البدني ... الخ . وكذلك فانه لما كانت الدولة هي الخادمة للصوالح المشتركة ظهر نوع اخر من الصالح المشترك هو الصالح المشترك السياسي في خدمة انواع الصوالح المشتركة الاخرى ، علما انه لما كان اول شرط لتحقيق تلك الصوالح المشتركة الاخرى هو انه تكون الهيئة المتولية لها على احسن ما يرام نشأة وتنظيماً وعملا . لذلك كان الصالح المشترك السياسي في مقدمة الصوالح المشتركة.
وفي نطاق الصوالح المشتركة يمكن الا يتصور التعارض بين بعض المصالح و البعض الاخر . مما يقتضي اعلاء بعضها على بعض . هذا الاعلاء يجب ان تحكمه المبادئ الثلاثة الاتية :
1 – اعلاء المعنويات على الماديات .
2 – الشخصية الانسانية غاية المجتمع ، فالمجتمعات غايات ليست بحد ذاتها بل هي موجهة الى تحقيق كمال
الفرد .
3 – الدولة في خدمة المجتمع وهي تغدق الخيرات العامة على الافراد .
ان مطالب الحياة الاجتماعية والظروف التي يتبلور فيها الصالح العام متنوعة ومتغيرة ، الا انه ما من شك في ان فكرة الصالح العام كقيمةاجتماعية شاملة تنطوي على قليل من العناصر الثابتة "-" ولذلك امكن ان يقال عن المجتمع ما انه يشبه مجتمعاً اخر او انه على نفس المستوى الذي كان عليه مجتمع اخر في حقبة معينة من التاريخ ، ويمكن تسمية هذه العناصر الثابتة بالعناصر الشكلية .كما تنطوي فكرة الصالح العام على كثير من العناصر المتغيرة التي يمكن تسميتها " بالعناصر المادية "

الصالح العام من الناحية الشكلية (العناصر الثابتة ):
اذا نظرنا الى الصالح العام من حيث الشكل فاننا سنجد ثمة عناصر ثابتة لا يخلومنها كل تصور اجتماعي له . تلك العناصر الثابتة يقتضيها الصالح العام ذاته لكونه صالحاً مشتركاً .فان اختلفت المجتمعات بحسب ظروفها في تصور مضمون الصالح العام ، فانها تجمع على تلك العناصر ، وهي المقومات الاصولية لفكرة الصالح العام التي بدونها لا تعد صالحاً عاماً .
يمكننا معرفة هذه العناصر وتحديدها بثلاثة تتوافر على فكرة الصالح العام هي العدالة الاجتماعية والسكينة الاجتماعية والتقدم الاجتماعي . فكل تصور اجتماعي للصالح العام ينطوي على العدالة والسكينة والتقدم بغض النظر عن مضمون تلك العدالة او السكينة او التقدم .

الصالح العام من الناحية المادية(العناصر المتغيرة ):
يمكن تعريف المضمون المادي للصالح العام محاولة معرفة ما هو متغير ، متقلب ولا حصر له . وازاء ذلك لابد من الاعتراف مبدئياً بقصور الفكر على تحديد ذلك المضمون تحديداً جامعاً مانعاً ، لان ذلك يقتضي تعداد مطالب السكينة والعدالة والتقدم ، على انه يمكننا ان نقول بصفة مجردة ان لكل شعب في كل مرحلة من المراحل تطوره صالحه العام الذي يرتبط بتركيبه وحاجاته ودرجة نضجه ، ففي المجتمع المبتدء نجد مطالب السكينة هي صاحبة الغلبة ولكن النضوج في المجتمعات يجعل من مطلب العدالة والتقدم من ان تكون لها الاولوية . ومهما كان المضمون المادي للجانب الشكلي للصالح العام متغيراً ومتقلباً الى اقصى حد تبعاً للظروف والاحوال الواقعية لكل مجتمع ، فانه لما كان المجتمع اي مجتمع هو بحسب طبيعته هدفاً الى غرض معين فان البلوغ الى هذا الغرض يقتضي تنظيماً يقوم على مبدأ ، وهذا المبدأ ذو طبيعة متغيرة من الناحية المادية ولكن تحكمه – على ايه حال – موجهات ملموسة تهدف نحو صالح الطبيعة الانسانية وتنصب على تحقيق نماء كل فرد من خلال القالب الذي يشكل فيه المجتمع . وهو ما يقتضي ان يهيئ حول الانسان وسط سياسي واقتصادي واخلاقي يجد فيه جوا صالحاً له . ويقسم هذا الوسط بما ياتي :
1 – توفير سكينة وعدالة وتقدم لاغنى عنها لبلوغ الافراد ، سواء في انشطتهم الخاصة او في انشطتهم الجماعية واهدافهم المتفقة مع صلاحهم الانساني .
2 – تنسيق الانشطة الفردية بادراجها في حركة جماعية فيها من المرونة ما فيه الكافية لكي لا تهدر اية غاية مشروعة يتوق اليها الفرد ، وفيها من الانسجام ما فيه الكفاية لكي يتسنى للهيئة الاجتماعية ان تستفيد من مجهود كل فرد وهذا يقتضي في الوقت ذاته حماية الاطارات الطبيعية التي يندرج فيها الجهد الانساني ، من اسرة ومهنة وجماعات مختلفة وتنظيم سطوة تلك الاطارات على الفرد بغية الا ينتهي الامر بان يرفع الى مصاف الغاية الشاملة للفرد يتعارض مع صالح الجماعة كوحدة .
3 – تنمية الوسائل الفنية لتحسين الحياة العملية التي يعتبر المجتمع المنظم سياسياً اقدر على وضعها تحت تصرف الانسان كطرق المواصلات وتوجيه ورقابة الانتاج والمنشأت التعليمية والصحية ومنشأت التوفير والادخار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار