الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعاء موجه إلى نهر الفرات.....

محمد العبيدي

2008 / 8 / 21
الادب والفن


نهر الفرات الذي كان يقدسه السومريون والبابليون ونقش هذا الدعاء على رقم من الرقم الطينية المفخورة :

أيها النهر خالق كل شيء حينما حفرتك الالهه العظام .
أقاموا أشياء طيبة على شطئانك وفي طيات غمرك.
بنى(( أيا)) ملك الغمر مقامه وانعموا عليه بفيض من المياه.
لانظير له . فيا أيها النهر العظيم أيها النهر المجيد يانهر
المعابد المقدسة مياهك تفرج الغمة فتقبلني برأفة
وخذ مافي بدني وارم به على شطئانك وغرقه عند ضفافك وغطه
في أعماقك....
قدماء العراقيين من سومريون والبابليين يعتبرون الماء مصدر الحياة ومنبع الخير والبركة ، لذلك كان من أهم الالهه التي يعبدونها ويتباركون بوجوده ويقدمون له القرابين والنذور، دون أن يزعل عليهم بالمياه الوفير(( الفيضان)) هذا التقرب إلى تشكيل النهر هو ليس تصنيف عشوائي ، لا في الجريان ولا حتى في الامتداد وإنما تكوينه محكوم بوجود الالهه (( انكي))الذي يسيطر على الينابيع الموجودة في شماله وهو الذي يعطي أوامره بالماء العذب، إن شاء ليطلقه بما يجعله هادئا وليس متروجا وبهذا بسببه تنتعش الأرض وتخضر المزروعات ويعيش الإنسان والحيوان وان شاء جعله حبيسا علينا. وعشوائيا مخالفا لما نريده من الالهه هل هو قلة في النذور؟ ام عدم استغلال المياه بصورة منطقية لاعشوائية ؟

لم يكن الالهه(( انكي )) طيلة فترة وجوده عشوائيا بل مكتف بذاته وهو يسوغ ما يأمر به ومنتظم وأننا نشعر بقبضة يده وهو جالس على العرش بنظام مهيأ عميق الجذور للعلاقات التي تتحكم بها القوانين الإلهية التي تقرر أن يكون كل إلهه له تصرف فردي إلى جانب اله السماء واله الهواء.
سلطانه قوي بكل المقاييس ، يستطيع ان يوقف الفيضان والموجات الخارجة عن إرادته عند حدها كان اله الماء العذب التي تقع منابعه عند مكان عرشه وقره في الغور التي تنبع منه المياه من جبال عالية بعيدة ، لتصل إلى اريدو إلى الاهوار إلى معبد يعود له (( أي سآكل)) وكان أقدس مكان في أوائل العصور السومرية هذه النظم لم تأتي دون إحكام وقوانين لأننا ندرك النهر بصفته التزامنية ندركه الآن ضمن تفكير مميز لاندركه مثلما وجدناه عند الإنسان الرافد يني الأول ، المبدأ الذي يحرك النهر وجريانه وموجاته هو يعتبر مفهوم الهي لايتحمل التعقيد والاختلاف ، في المفهوم الوظيفي الذي يؤديه النهر وإنما هناك تضاد يحدث مع الالهه الأخرى كوجود المطر في السماء والرياح والغيوم والبرق ووجود اله الهواء هو الآخر يصب غضبه على النهر ، الدعاء موجود في الواقع وفي لغات سومر لايعطي تمييز ثلاثي بين الالهه إنها عملية فردية غير مسيطر عليها بصورتها الجماعية ولكن هناك تداخلات ، للطبيعة تجعل من الالهه القدرة على خلق متضادات مزدوجة والهدف منها هو نعت سكان سومر عن كل التجاوزات التي تحصل ليس على الالهه (( انكي)) وإنما على طريقة الاستغلال الأمثل للنهر كون الالهه حصل ويحصل من الأجيال على كل لااوصاف التعظيم والتقديس التي عبروا عنها برموز مختلفة وصوروها على أختامهم وألواحهم الحجرية والتماثيل وواجهات المعابد هذا النموذج الترتيبي من الثقافة الرافدينية للإنسان الأول هي عملية روابط لشؤون الحياة المختلفة ومن خلال ذلك إنها خزين لكل لغة تكلم مصحوبة بثقافة لم تكن متخالفة او مترادفة بل هي مطابقة لمجموعة الحقائق المدروسة، وفق وظيفتها القاعدية التي يتمتع بها النهر.

الأنهر والمنابع وجريانها والآبار كلها امتلكت علامات التقديس في عقيدة، السومريين والبابليين والعراقيين المعاصرين ، أولا لأنها مثلت الالهه (( انكي))
اله المياه والخير ويقدمون له القرابين والنذور وثانيا شكل الإنسان الأول عناصر معينة، للدخول في عالم وزع بموجبه كل خيرات النهر وهذا أيضا يطلب من حالات التقديس لان الماء عنده في كفيه، والينابيع جنبه وحتى عملية التجوال في القارب يتمتع بجريان النهر، كل هذه الفعاليات للالهه دونت على أختام اسطوانية ووضعت عند الناس السومريين واتخذوه شعارا لهم هذه وظيفة النهر كونها عنصر ثابت مستقر ومحكوم بوجود الالهه (( انكي)) الفت مكوناتها الأساسية للإنسان الأول ولم تكن قصص النهر نوع من القصص المرتبطة بالخيال وابسط دليل على واقعيتها الدعاء معكم إلى نهر الفرات الموجود في أعلى المقالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة