الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطاقة النووية ليست في كل الاحوال سلمية

رزاق عبود

2008 / 8 / 22
العولمة وتطورات العالم المعاصر


عاد مؤخرا الحديث عن استخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية. والمقصود به طبعا انتاج الطاقة الكهربائية بشكل اساسي تعويضا عن استخدام النفط، والفحم. وقد استغل انصار الطاقة النووية كمصدر "رخيص"، و" نظيف" لتوليد الطاقة بعد التغيرات المناخية بفعل مايسمى بالارتفاع الحراري العام في محيط الارض. ان ارتفاع اسعار النفط عالميا، وزيادة الضغوط من انصار حماية البيئه، وجمعيات المحافظة على الطبيعة، وضغط الكوارث المناخية من فيضانات، وسيول، او انحباس الامطار، وعواصف، ولمواجهة الضغوط الاقتصادية من المراكز الاقتصادية الجديدة في الهند، والصين، وروسيا، هي عوامل مساندة لانصار الطاقة النووية لرفع اصواتهم. وقد استغل ساسة كثير من الدول الارتفاع الحراري للدعوة، بشكل منافق، للعودة الى استخدام الطاقة النووية بدل مواجهة التغيرات المناخية باجراءات للمحافطة على البيئة، او فرض شروط على الصناعات الثقيلة. السبب الاساسي في تلوث البيئه. او اتخاذ اجراءات لتغيير نمط الحياة الاستهلاكية، والحد من التصحر، والتهام الغابات الاستوائية، وغيرها من اخطاء تغيير تناسق وجه الارض الطبيعي. بالادعاء كذبا، ان المحطات النووية لا تؤثر على المناخ، اولمواجهة خطر الركود الاقتصادي القادم، خاصة في امريكا، واوربا. لتخفيف حدة الرفض الجماهيري المتوقع. حيث اعلنت فنلندا،مثلا، انها ستبني ثلاث محطات جديدة، وكذلك اعلنت بريطانيا. وتحاول حكومة السويد اليمينية الحالية التنصل من القرار المتخذ بتفكيك المحطات الباقية. بعد ان فرض ضغط الراي العام غلق مفاعل في اولى محطات السويد النووية. وتنصلت ليتوانيا مؤخرا من تعهداتها بالتخلص من المفاعل النووي من طراز شيرنوبل. وكان التعهد احد شروط دخولها الى السوق الاوربية المشتركة (الاتحاد الاوربي). وهناك دول كثيرة تسير بنفس الاتجاه مستغلة ضعف الوعي البيئي عند الغالبية الساحقة من سكان البلدان الفقيرة. او في ابتزاز واضح بالتهديد بخطر الانكماش الاقتصادي القادم، واسعار النفط الفائقة الارتفاع، اوالتغيرات المناخية، والكوارث الطبيعية المحسوسة لكل انسان الان على اليابسة، وهي دعاية تؤثر على سكان البلاد الغنية. الامر الذي يعكس عدم اكتراث واضح في مصير البشرية، والكرة الارضية، واستخفاف كامل في حياة الاجيال القادمة. فجرائم هيروشيما، وناغازاكي ماثلة في الاذهان، ولازالت تبعياتها مستمرة في التشوه الخلقي لالاف المواليد الجدد. وهو نفس المصير الذي يعاني منه سكان، وبيئة المناطق التي اجريت فيها التجارب النووية كصحراء نيفادا الامريكية، وفي المحيط الهادي حيث اجريت التجارب البريطانية، والفرنسية. وفي مناطق عديدة من اراضي الاتحاد السوفيتي سابقا. ومنذ حرب الخليج الاولي فان العراقيين وسكان البصرة بالذات يعانون انواع الامراض، والعلل، وتفشي انواع السرطان بسبب استخدام القوات الامريكية، والبريطانية لليورانيوم المنظب في الذخيرة المضادة للدروع. وزادوها في حربهم المستمرة على العراق منذ احتلاله عام 2003. ان سكان شيرنوبل، والمناطق القريبة منها بشرا، وزرعا، ومياها، وجمادا شواهد رهيبة على الجحيم النووي. فمهما تطورت وسائل الصيانه فان الانسان يبقى معرضا لارتكاب الخطأ. واي خطأ؟! ويكشف الصحفيون بين فترة واخرى، رغم التعتيم المنظم، عن اخطاء، وفضائح كبيرة، وكثيرة كادت تؤدي الى كوارث افظع من شيرنوبل في امريكا، وبريطانيا، والسويد، واليابان، وغيرها. الحرائق النووية تحاط بكتمان متشدد بعكس حرائق الغابات التي تصاحبها ضجة اعلامية. كما ان الكثير من البلدان مثل ايران، واليابان، وامريكا تقع على خط الزلازل الذي لا ينفع معه اي اجراء للصيانة في ما لو حدثت الكارثة. ان المدعين ب"نظافة" الطاقة النووية يتعمدون اخفاء حقيقة ان الفضلات النوويية لا يمكن التخلص منها ابدا. وان وسائل اخفائها في اعماق الارض لا يعني التخلص الدائم منها فالاشعاع يتسرب على مدى السنين. وبما انه لا يوجد عاقل الان، لا يقر بكروية الارض، فانك كلما تعمقت مبتعدا عن ارضك فانك تعرض جارك في الجهة المقابلة للاشعاع باقترابك منه. اضافة الى اخطار الحرائق، والزلازل، والمياه الجوفية المتلوثة التي لاتعرف الحدود. واذا كانت الفضلات النووية السويدية اكثر الدول انفتاحا، وتقنية لم تجد بعد المقبرة النووية المناسبة فكيف بالهند، او باكستان، او ايران. الامر لا يقتصر على اطلاق المارد النووي، واستخدام طاقاته. الخطر الاكبر، والتحدي الاهم هو في امكانية السيطرة على هذا المارد ومزاجه المتقلب. ولم تقم اي جهة علمية، او سياسية حتى الان بتطمين البشريه من هذا الخطر الرهيب.

ان الدعوة للمحافظة على البيئة، والسيطرة على التغيرات المناخية لا يتم بوضع الديناميت النووي في اعماق الارض المعرضة للتحرك، وحدوث الزلازل، وانفجارالبراكين، وحركة المياه الجوفية، والحرائق الواسعة، والاعصارات الفتاكة. ناهيك عن الاخطاء البشرية التي لايمكن توقعها مهما اتخذ من اجراءات الصيانه، والحذر. ففضائح الاخطاء، والزلات البشرية تتوالى في اكثر الدول تقدما في التقنية، واستخدام التكنولحية.

لقد اكتشف نفق في طبقة الاوزون في بداية سبعينات القرن الماضي وتم معالجة هذا الخطر الى درجة كبيرة، بمحاربة اسبابه. والصور الحديث لناسا تشير الى تحسن كبير في طبقة الاوزون الامر الذي يمنع وصول الاشعة القاتلة الى جو الارض. ان تقليل استخدام النفط، والفحم، وترشيد استخدام الطاقة الكهربائية، والمياه، والحد من استخدام المبيدات والاسمدة الكيمياوية، وغيرها من اجراءات المحافظة على البيئة، تخفف من اثار ونتائج الحرارة المناخية. الطاقة المائية، والهوائية لم تستنفد بعد، ولا يمكن ان تستنفد. يقدر ان 70% من الطاقة الكهربائية في الدنمارك تاتي من استغلال الرياح، وقد بدأت بهذا المنحى منذ ازمة النفط العالمية في منتصف سبعينات القرن الماضي. وتتبعها الان الكثير من الدول. الدنمارك الان مصدر40% من التوربينات، واجهزة، وتقنية استغلال الطاقة الهوائية لتوليد الكهرباء. كما ان الطاقة الشمسية، وخاصة في بلداننا العربية لا زالت تذهب هباءا. ربما لاتريد اوربا تبديل اعتمادها على نفط العرب، والشرق، وروسيا الى تبعية الى شمس العرب، والافارقة. فعلينا المبادرة في اجراء البحوث، والتجارب على الطاقة التي تذهب هباءا، قبل ان نجد انفسنا بلا نفط، ولا موارده، بعد ان يجد غيرنا مصادر اخرى للطاقة.

رزاق عبود

* في رسالة سابقة طلب مني الاستاذ حسن اللواتي المشرف على نشرة "المسار" في جامعة مسقط المساهمة في ملف حول استخدامات الطاقة النووية. وقد ارسلت له،وقتها، المساهمة اعلاه. ونظرا للحديث الجاري عن الاستخدام السلمي للطاقة النووية في منطقتنا، ولتعميم الفائدة اقترح علي احد الاصدقاء نشر الموضوع. اتمنى ان يكون مفيدا!!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 59.39%.. نسبة المشاركة الأعلى منذ الدورة الأولى من انتخابات


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: لماذا الإقبال -القياسي- على ص




.. الانتخابات التشريعية في فرنسا.. ما دور الجمعية العامة؟


.. أميركا.. بايدن يجتمع مع عائلته اليوم لمناقشة مستقبل حملته ال




.. 3 قتلى من حزب الله في قصف إسرائيلي على بلدة -حولا- جنوبي لبن