الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا للمتاجرة بمطالب أهل النوبة

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2008 / 8 / 24
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


من المعروف أن بعض المشاكل البسيطة التى يمكن حلها ببساطة تتفاقم وينمو حجمها للحد الذى نفقد فيه السيطرة على الأمور. وفى الواقع فإن هناك من يسعى إلى سكب المزيد والمزيد من الوقود "المدعم" لتبقى النيران مشتعلة وبالتالى يظل محتفظا بمكتسباته الخاصة. ربما يعتقد القارئ أننى أتحدث عن القضية الفلسطينية الجديرة بالحديث والاهتمام ولكننى تذكرت ذلك عندما تناولت بالتفكير والتأمل "القضية" النوبية التى تناولتها وسائل الإعلام وأدلى كل صاحب قلم أو لسان بدلوه فى هذا الأمر وقد تلاحظ أن البعض تطوع بالرأى دون سابق دراسة أو معرفة بالأمر. ومن الملاحظ أيضا أن عدم الإلمام بالأمر وعدم فهم الجوانب المختلفة له يجرنا فى الكثير من الأحيان إلى استنتاجات خاطئة واستدلالات ضالة لا تساعد على الإطلاق فى التوصل للحلول. لقد بات جليا أن الحل الأمثل فى مثل هذه الحالات يتمثل فى الإلمام بكل جوانبها وتحديد مواطن ومصادر الألم حتى يصبح الدواء فعالا.

لقد نالت مطالب أهل النوبة اهتماما شديدا وزخما إعلاميا كبيرا فى السنوات القليلة الماضية. وما يدعو للأمل هو أن الدولة لم تعد تشعر بالقلق إزاء مناقشة هذه المطالب داخل ارض الوطن حيث التقى بعض رجال النوبة مع أعضاء لجنة التنمية البشرية بمجلس الشورى فى قرية عنيبة بمنطقة نصر النوبة فى 14 أبريل عام 2006م وشهدنا مؤتمر النوبة بين التوطين والتطوير الذى أقيم فى القاهرة فى عام 2007م وكذلك شهد عام 2008م أول مؤتمر حول (تهجير النوبة .. الحاضر والمستقبل) والذى أقيم فى مركز نصر النوبة فى يوم السبت 22 مارس وقيل حينئذ إن هذا المؤتمر—شأنه شأن اللقاءات الأخرى— يهدف إلى تحقيق مطالب عديدة سبق أن نشرتها الصحف القومية والمستقلة والتى يمكن حصرها فى المطالب الرئيسية التالية: المطالبة بتفعيل قرار الرئيس مبارك بجعل الأولوية للنوبيين في القري الجديدة حول بحيرة السد العالي مثل «كلابشة وجرف حسين وبشاير الخير»، حيث يسكن هذه القري ١٠% فقط من النوبيين، وقضية العشرة آلاف فدان والتي ستقوم الدولة بتوزيعها على النوبيين والمساكن المتبقية للمغتربين وعددها ٥٥٢١ منزلاً والتي لم يتم بناؤها حتي الآن رغم مرور ٤٣ عامًا علي التهجير والمطالبة بإنشائها على ضفاف بحيرة السد العالى هذا بالإضافة إلى مساكن النوبة التى تعانى من تشققات وعددها حوالى 1792 منزلا والتى فى حاجة الى 146 مليون جنيه لترميمها أو إعادة بنائها. وربما يندهش القارئ لبساطة المطالب والتى ليس من بينها دولة مستقلة كما يحلو للبعض أن يردد ومن كثرة ترديد هذا الكلام الأجوف يوشك البعض أن يصدقه وربما دفع هذا الأمر أحد القائمين على مؤتمر مارس الماضى إلى التصريح بأن المؤتمر يهدف إلى تأكيد مصرية النوبة وكأن النوبة تعد العدة لرفع علم آخر على أرضها.

والجدير بالإشارة أن منطقة النوبة فى التهجير لم يعد لها ممثل تحت قبة البرلمان وباتت تعانى من فراغ سياسى حيث تفتقد إلى قيادات يلتف حولها المواطنون وهذا الفراغ يجذب ويغرى طالبى الزعامة بالتوجه للمنطقة واللعب على أوتار المطالب البسيطة لأهلها بغية تحقيق شهرة زائفة قد تستغل فى مناسبات سياسية كانتخابات مجلس الشعب أو الشورى.. فالكل يأتى إلى أهالى النوبة مؤكدا صلته بالمسئولين وقدرته على حل هذه الأمور وتحقيق المطالب والأمانى. وفى الواقع فإن الحكومة لم تكن فى يوم ما قى حاجة إلى مؤتمرات داخلية أو خارجية لإنشاء القرى النوبية الجديدة عقب التهجير أو لإجراء الإحلال الجزئى أو الكامل لمنازلها المتصدعة. وفى ظنى فإنها ليست الآن فى حاجة إلى مؤتمرات وندوات لتحقيق المطالب المتبقية لأهل النوبة. والغريب أن معظم المطالب التى أثيرت فى مؤتمر مارس كانت محط اهتمام المسئولين وفى طريقها للحل كما أعلن نائب الدائرة محمد العمدة عضو مجلس الشعب الذى يتبنى قضايا ومطالب النوبة ومنها: تمليك المنازل مجانا للنوبيين سواء القديمة أو الجديدة وفصل دائرة نصر النوبة عن كوم أمبو والذى تم طرحه للمناقشة فى لجان مجلس الشعب وكذلك قضية قروض بنك التنمية التى تهدد مجموعة من النسوة بالحبس وهى ذات المشكلة التى طالب الرئيس بحلها.

ومن الإنصاف أن نتوقف قليلا لنلقى باللائمة على أهل النوبة الذين لا يفعلون شيئا بالمواقع التى تسلموها من المحافظة حيث تم توزيع 164 فدان زراعى (فى وادى النقرة) و12 فدان (فى وادى الصعايدة) ولم يقوموا بزراعتها وكذلك استلم بعض النوبيين 3700م ارض مبان فى مدينة أبو سمبل السياحية ولم يقم أحد بالبناء عليها.

وخلاصة القول فإن الأمر يتطلب التريث وعدم الاندفاع فى التصريحات التى تتعلق بمطالب النوبيين والبعد عن المتاجرة بهذه المطالب التى تؤدى حتما إلى إحداث الشروخ والانقسام فى نسيج المجتمع وكذلك نهيب بأهل النوبة بأن يعملوا على اختيار قيادات مخلصة تتبنى وتعمل على تحديد وتحقيق مطالبهم من خلال مخاطبة مسئولين حريصين على مصالح مواطنيهم. إن الاختلاف والتشرذم يعتبران من أقصر الطرق نحو انهيار المجتمعات وتحللها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال