الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية السماء الأولي

أسماء الطناني

2008 / 8 / 26
الادب والفن



" إذا لم تنفذ قراري فأنا بريء منك و افعل ما شئت"..
تزلزلت نفسه و تجمدت الدماء في عروقه، هل وصلت به الدرجة أن يقول له هذه العبارة!، ألم يتذكر سنوات عمره التي قضاها بين أحضانه يرتشف الأخلاق و المعاني النبيلة منه!، ألم ينتبه إلي الدماء الواحدة التي تنسكب من قلبيهما لتغذي الخلايا المشتقة منه!، لماذا قالها؟ ليت الزمن قد توقف لبرهة تنتهي عندها العبارة دون أن يسمعها عمر .
كما زلزال نفسه شعر بالأرض تتزلزل من حوله، الأشجار تهتز، الطرقات تهتز، البشر يهتزون، صورة والده في كل مكان وعبارته تتردد في أذنه كالصاعقة ، يريده أن يترك أحلامه و طريقه لأجل أنثاه الثانية التي تزوجها بعدما ماتت أم عمر، نفثت السم في عقله كالأفعي الحمقاء، قالت له: لا تترك عمر يكمل التعليم في الجامعة فليعمل معك في معرض الأثاث الذي تمتلك ويوفر الأموال لنا.
سيتحول عمر بأمرها من صاحب ليسانس للآداب إلي نجار يذاكر علي الأخشاب و يكتب بالمسامير نهاية سنوات تعليمه بالفشل و الحزن.
تضاربت الأفكار في عقله، الأرض مازالت تهتز من حوله، يشعر بدوار شديد، تلفح نيران المستقبل المجهول وجهه و تطفؤها ذكريات سنوات دراسته الجامعية الثلاث، كم تصبب عرقه من الاجتهاد، كم لم ينم من أجل الإمتحان، كم حصل علي التقديرات المرتفعة.
ليتك يا أمي لم تموتي، ليتك يا ملك الموت أغفلت وجودها في قائمة عملك اليومية في ذلك اليوم الغابر، لكن أيغير الندم الأقدار! ، أيبدل البكاء الحال!
نظر إلي السماء، وجدها مليئة بالسحب ، تتحرك في هدوء ولا تهتز، شعر بارتياح لها، اتسعت حدقتاه، تعجب، اندهش لما آلت إليه نظراته، السماء تتكلم، تريد أن تقول شيئاً..
هناك بعيداً سحابة تبتسم، أخري حزينة اقتربت منها، اندمجتا معاً وأصبحا كتلة واحدة، ابتسمتا معاً، هل الإبتسام في وجه الحزن يغيره؟ ، غريبة تلك النظرية السمائية..
نظر إلي الناحية الأخري، سحابة حزينة، اقتربت منها أخري مبتسمة، و انتهي الأمر بالابتسام، إلي أن أرسلت السماء الأمطار.
أحاديث كثيرة مرت عبر أذنه وهو دالف إلي غرفته من زوجة أبيه و أبيه، لم يلتفت لكل هذا، أحضر قلماً ووريقة و كتب.. " المطر يتكون من سحابة حزينة و سحابة مبتسمة" نظر إلي جملته ثم كتب.." إذن الخير ينبع من الحزن و الفرح معاً "..
دلفت زوجة أبيه إلي غرفته وهي ترسم ملامحها المتوحشة أمامه قالت له: ستنفذ قرار والدك شئت أم أبيت، يكفيك هذا من التعليم اترك الفرصة لأخيك القادم، و أشارت بيدها إلي بطنها المنتفخة .. لم يفعل شيئاً فقد أظهر الحزن علي وجهه ثم ابتسم لها و تذكر النظرية التي أرسلتها له السماء
تعجبت من رد فعله الغريب، حزن ثم ابتسامة لم تعهد رد الفعل هذا من أحد طيلة حياتها..
بعدها دلف والده إليه ، قال له: اجمع كل كتبك و ضعها في حقيبة حتي أبيعها في السوق، لم يجب أظهر حزناً ثم إبتسامة كبيرة أظهرت اسنانه البيضاء..
تعجب والده من ذلك فهو لم يعهد رد الفعل هذا من أحد طيلة حياته..
مرت الأيام و عمر يطبق نظرية السماء دون أن يفعل شيئاً دونها..
- "اذهب يا عمر إلي السوق و اجلب لنا الغداء"..
- حزن ثم ابتسامة واسعة.
- " احمل هذه المنضدة إلي المعرض و دق بعض المسامير بها أولا"
- حزن ثم ابتسامة واسعة.
صفعة فوق وجهه من أبيه لأنه لا يعلم كيف يقطع الأخشاب..
- حزن ثم ابتسامة واسعة.
شهر علي هذا الحال و عمر لا يتكلم ،فقط يجيب بهذه الطريقة..
ظن والده أن مكروهاً أصابه، أو أنه تحول إلي مريض نفسي أو أن بعض الجنون قد أصابه، دلف به إلي بيوت العرافين، إلي الأطباء ولا أحد يجد له حلاً.
سيطر الخوف عليهم مما يفعل، شعرت الزوجة بأنه خطر عليهم، قالت بنفسها لوالده: اتركه يذهب ليكمل تعليمه و يعمل بعيداً عنا..
أعطاه والده المال الوفير ..
حصل علي الليسانس..
أصبح مدرساً في مدرسة المدينة..
أعجبته إحدي الفتيات..
لم يوافق عليها والده..
قال في نفسه.. " يبدو أنني سأستخدم نظرية السماء مرة أخري"..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي