الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى عنق الزجاجة فقدناه!

عمار الدقشة

2008 / 8 / 25
القضية الفلسطينية


أكثرَ المتحدثون في الآونةِ الأخيرة من إطلاقِ المسمياتِ والتوصيفات للمأزقِ السياسي والأخلاقي الذي تعيشه القضية الفلسطينية، ولربما كان أكثر تلك التوصيفات حظوةً عند أهل السياسة هو أن قضيتَنا تراوحُ في عنق الزجاجة.
ولا أدري عن أيِّ عنقِ زجاجةٍ يتحدثُ أولئك؟!
-هل هي زجاجةُ مصباح النور والحكمة الوطنية التي كسرناها بأيدينا، لنغرقَ في بحرٍِ من الظلم والظلام؟!
-أم هي الزجاجة التي وُضعت كشاخصٍ للرماية، في معسكرات التدريب والتعبئة الحزبية والفصائلية؟!
-أم تلك التي يبحثُ عنها أطفالُ غزة داخل حاوياتِ القمامة؛ لبيعها؛ سعياً للحصول على ما يقتاتون به ليسد رمقهم؟!

برأيي الذي لا أثقُ بمدى صوابيته بقدر ما أثقُ بأن إحباطَ الفلسطينيين أوصلَهم لقناعةٍ مقاربةٍ له: أن هذا المصطلح فقد موضوعيتَه، ولم يعد مناسباً لننعت به إفلاسَنا الأخلاقي والسياسي وحتى الوطني، لربما أمكننا استخدامُ مثل هذا التوصيف في مرحلةٍ سابقة: كالخروج من بيروت مروراً بحرب المخيمات وصولا لاتفاقات أوسلو..

أما الآن فحتى الزجاجة التي كنَّا نشعر بالضيق وانسداد الأفق عند حشر قضيتنا داخل عنقها فقدناها بجملة ما فقدنا، وكم تمنيتُ في مراحلَ سابقةٍ أن تعودَ قضيتنُا لتحشر داخل عنقها، بالطبع ليس حباً في الاكتئاب أو رغبةً في الوقوع تحت الظلم، ولكن لأن مع كل ما يعنيه ذلك فهو يعني أن قضيتنا الوطنية لازالت موجودةً وتشغل حيزاً على سطح البسيطة، حتى لو كان هذا الحيز هو عنق زجاجة، يمكن أن يكون قاعدةً للانطلاق نحو فضاء الحرية والانعتاق.

أما الآن فأعتقد أننا كفلسطينيين لو حُشرنا في عنق الزجاجة، فلن نشعر بالضيق أو الضجر؛ لأننا الآن بعد أن انقسمنا ومُسخنا فرقاً متقاتلة، أصبحنا أصغر من أن نشعر بضيق هذا المكان؛ لأنه عملياً اكبرُ من حجمنا العقلي والأخلاقي، وأقوى من أن تكسره بنادقُنا التي ضلَّت الطريق وفقدت الاتجاه.

وإذا ما أبدينا الإصرارَ على توصيف حالتنا السياسية، فلن نجد مصطلحاً سياسياً أو لغوياً يمكن أن يُطلقَ على ما آلت إليه أحوالُنا، إلا أننا كنا فعلاً داخل عنق زجاجة تهشمت، لتختفيَ في المجهول، وتدورَ في فلكٍ متناهي الصغر، محصورٍ بين العدمية واللا جدوى.

ويبقي خيطُ نجاتنا الوحيد مرهوناً بأن يدفعنا دوارُنا ذلك للشعور بالغثيان، لنتقيء سمومَ التعبئة الحزبية، ونعودَ كما ولدتنا أمهاتنا، ونسترشدَ كحي بن يقظان بفطرتنا الإنسانية والوطنية، لنعودَ للوجود مرةً أخرى، بعد رحلةٍ طويلةٍ من العدمِ والعبثيةِ الفظة، التي وصلنا إليها بفعل ما نُفث من سمومٍ داخل عقولنا، وغيَّبَ وعيَنا الوطني..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج