الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هو الحب 2

محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)

2008 / 8 / 26
العلاقات الجنسية والاسرية


هل يستحق موضوع الحب والغرام كل هذا الحديث وعلى حلقات متعددة؟ من الطبيعي ألا يبدو كذلك، لأنه يتعلق بحالات مألوفة لكل منا ولا يحتاج إلى كثير من التعمق لأنه أضحل من أن نغمس فيه أنفسنا مسافة شبر. ولكننا قد نحتاج مثلاً إلى نقاش مسلسل متهافت مثل "نور" التركي أو باب الحارة السوري أكثر من حاجتنا إلى نقاش الأعمال الجيدة، وذلك لأن حجم الاهتمام قد يفرض حاجة للنقاش لا تفرضها طبيعة الموضوع نفسه .ولذلك فهذا فالموضوع (الحب) لا زال بحاجة إلى الكثير من النقاش لينقشع ظاهره الدعائي الذي جعل منه كذبة كبيرة أخرى يعيشها الكثير من الكبار والصغار دون فهم صحيح. فالحاجة إلى الحديث عن هذا الموضوع لا تأتي من صعوبته أو عمقه، بل من الهالة الكبيرة التي يحظى بها بفعل العقلية المثالية الرومانسية السخيفة السائدة حيثما قفز ذلك الحب.

وما قلته بطريقة غير مباشرة في المرة الماضية سأقوله هنا بمباشرة وصراحة: إن الإنسان يمارس الانتخاب الطبيعي على المستوى الإنساني مسمياً ذلك السلوك بالحب -وأنا لا أتحدث عن الزواج هنا - وذلك لأسباب لا تخفى. فالكثير من الناس يخشى من رغباته الجنسية ويحاول تسمية انجذابه الجنسي بتسمية تبدو أكثر "إنسانية" بالنسبة إليه وهي "الحب". فبدلاً من أن يقول الرجل "فلانة تثيرني" يقول ملطفاً "أنا أحب فلانة" وكذلك الأمر بالنسبة إلى المرأة. وفي نفس الوقت فإن الإنسان يحاول أن يتعالى على أي شيء يشترك فيه مع بقية الكائنات ولذلك استبدل بالانتخاب الطبيعي ما سماه بالحب والغرام والعشق والهيام إلى آخر تلك التوصيفات الباهرة.

ومسار تطور الإنسان ككائن يثبت أنه لم يخرج عن سعي سائر الكائنات في انتخابها الطبيعي لتحصيل أجيال أفضل وأقوى، والكائن الحي يميل تلقائياً نحو الارتباط بالأفضل من تلك النواحي باستثناء الحالات التي فرضتها التنظيمات الاجتماعية المتنوعة على مدى التاريخ والتي كانت المرأة فيها مسلوبة الإرادة في موضوع الارتباط أو متعرضة لضغوط معينة،، لكنني أذكر أنني لا أتحدث عن الارتباط أو الزواج بل عن "الحب" أي في حالة حرية الاختيار للطرفين.

كثيراً ما يصور الفن الحب على أنه تفاعل كيميائي أو شوك كهربائي ينشأ فجأةً ومن أول نظرة، على رأي عمنا تامر "عمرها حصلتلك" وذلك جميل جداً بالنسبة لأغنية تغنى خاصة إذا كانت من تامر، لكن أخذ ذلك على محمل الجد هو بالتأكيد نوع من السذاجة القاتلة، وينسحب عليه ما ينسحب على غيره من الأمور "easy come easy go" لأن عاطفة تنشأ بنظرة، قد تتحول كلياً إلى شخص آخر بنظرة أخرى وليس هناك ما يمنع ذلك وليست لتلك النظرة الأولى تلك القداسة التي تمنع ذلك. وذلك "الانبهار" في أحسن حالاته هو أشبه بحلم قصير (ما أريده بالحلم هو الوهم لا المعنى الرومانسي المتداول) يدرك خلاله الحالم أنه يحلم وهو ما يسمى lucid dream أو الحلم الساطع، والذي يتيح للحالم متى أدرك أنه يحلم أن يفعل ما يشاء بمعنى الكلمة ويحضر من يشاء إلى حلمه،لأنه في عالم وهمي وهو يحصل في أحيان كثيرة، لكنه لا يدوم طويلاً.

لكن البشر بشكل عام، والشرقيين بشكل خاص يعشقون من يكذب عليهم ويسمي الأشياء لهم بأسماء مختلفة، ولا عجب إذاً أن تجد فيلما من الدرجة العاشرة مثل a walk to remember يحظى بكل تلك الشعبية بين الشباب العرب بالذات،، لأن تركيبتهم وتربيتهم مهيأة للتجاوب أكثر مع "الحب الأفلاطوني" الأبله.

انظر حولك جيداً،،، هل وقع أحد في يوم من الأيام في حب شخص مصاب بتشوه خلقي، أو عاهة مستديمة، أو قبح شديد، أو مرض مضن. هل هناك من يقع في حب شخص معاق مثلا؟؟ للأسف الشديد الإجابة هي لا...

وعندما شاهدت فيلم THE BUTTERFLY EFFECT وجاء ذلك السيناريو الذي يتعرض فيه البطل وهو صغير لأذى الانفجار في الحادث الذي تعرضوا له وهم صغار،، تلقائياً تقع الفتاة -التي كانت في كل سيناريو آخر تقع في حبه هو- هذه المرة في حب صديقه بعد تعرضه هو لبتر ساقيه وساعديه. وقد سألت نفسي وقتها: لو فرضنا أن الفيلم حقيقي فعلاً : ألم يكن من الممكن أن تقع في حب نفس الشاب رغم إعاقته؟؟ فهو في النهاية الروح نفسها والنفس نفسها يعني "روحي وروحك سوا .. هايمين في دنيا الخيال"، لكن الإجابة الحقيقية هي أن الفيلم كان واقعياً جداً حين جعل ذلك الحادث كافياً جداً لجعل البطل أول من تستبعده الفتاة بدلاً من أن يكون حبيبها كما في كل مرة.

وقد يقول قائل هنا أن المعاق تحبه المعاقة ويقع هو في حب المعاقة بسبب مأساتهما المشتركة،، لكن الحقيقة هي أن كل واحد يتمنى الشخص السليم،، لكنه يفضل أن يرتبط بمن يمكن أن يقبل به في المقابل على أن يبقى وحيداً...

يعني الكل يسعى نحو الأفضل... ويحصل ما يمكنه أن يحصله... "اللي بيطلع بإيدو"

مثال توضيحي : لنأخذ عينة من 10 رجال و10 نساء يعيشون في مجتمع مغلق بحيث أن العينة المتاحة للنساء هي هؤلاء العشر رجال وللرجال هي العشر نساء...

ولنقل أن الرجال مرتبون (من أفضلهم إلى أضعفهم صفاتا : قوة، فحولة، ثراء، وسامة، نفوذ) على النحو 1، 2 ، 3 ،4 ،5 ،6 ،7 ،8 ،9 ،10

والنساء (من أفضلهن صفاتاً إلى أضعفهن "جمالاً وجاذبية") على النحو: أ، ب، ج، د، ه، و، ز، ح، ط، ي

فسينحصر حب جميع الرجال بلا استثناء في النساء : أ، ب، ج

وسينحصر حب جميع النساء في الرجال : 1، 2، 3

ولذلك فالرجال 1،2،3 والنساء أ ، ب، ج سيتوزعون بطريقة أو بأخرى على بعضهم البعض باحتمالات التوافيق الممكنة

لأن الرجل الذي يمكنه أن يحظى بواحدة من الثلاثة الأفضل لن يتنازل وينظر إلى أي من السبعة الباقين

وكذلك المرأة التي يمكن أن تحظى بواحد من الثلاثة الأفضل لن تتنازل وتنظر إلى الباقي، وهكذا...

الرجال 4 ، 5، 6 كانوا يفضلون النساء أ، ب، ج والنساء د، ه، و كن يفضلن الرجال 1 ، 2 ، 3

ولكن نظراً لعدم توفر الأفضل بالنسبة لهم فسيتوزع أفراد هذه الدرجة الوسطى على بعضهم أيضاً...

أما الطبقة الأخيرة : الرجال من 7 إلى 10 والنساء من "ز" إلى "ي" فلا مناص أمامهم من التسليم إلى الأسوأ لأنه المتاح لهم فقط.

وهذا ما يطلق عليه المثاليون في النهاية : لكل شخص في هذا العالم يوجد شخص مناسب يمكن أن يقع في حبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يغيب عنهم الفرح ويحاصرهم الحزن أطفال غزة في العيد


.. هروب طبيب بعد وفاة امرأة أجرى لها عملية شفط للدهون في العراق




.. ولاء عودة عملت بشغف وعزيمة لإقامة زاويتها التي تضم المشغولات


.. حنرجعها معرضاً متنوعاً يدعم الفلسطينيات في غزة




.. إحدى القائمات على المعرض ملاك العرابيد