الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيارة وفد مجلس الحكم الى لبنان: لماذا التصرف بعقلية المعارضة؟

سالم مشكور

2004 / 2 / 7
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


ما زال المسؤولون العراقيون الجدد، المعارضون سابقا، يتصرفون خلال اتصالاتهم بنظرائهم في الدول الاخرى بعقلية المعارضين المحتاجين لكل مساعدة وخدمة من هذه الدولة او تلك. لم يصدقوا بعد، او بالاحرى لم يتعودوا بعد، على التصرف كرجال دولة تستعد لتصبح اكثر عافية مما كانت من قبل، وبالتالي لن يكون هؤلاء بحاجة الى البحث في توسيع علاقات العراق مع الدول الاخرى، ولا الطلب من الدول الاخرى تقديم التسهيلات للعراقيين، فكل هذا سيأتي وحده، بمبادرة من الآخرين، بل بطلب منهم.
مناسبة هذا الكلام طريقة سلوك المسؤولين العراقيين الذين زاروا لبنان، من طريق الشام، خلال الاسابيع الاخيرة، وآخرهم وفد مجلس الحكم، المجلس الذي كان حتى الامس القريب "غير شرعي ولا يمثل الشعب العراقي" حسب تصريحات كبار المسؤولين الذين استقبلوا بالاحضان وفده الاسبوع الماضي، فسبحان مغيّر الاحوال!
ما لفت في تصريحات رئيس الوفد موفق الربيعي بعد لقائه رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري قوله انه طلب منه تقديم التسهيلات لدخول العراقيين واقامتهم في لبنان والبحث في تطوير العلاقات العراقية اللبنانية، والاكثر غرابة وسذاجة، الطلب منه المساعدة في "تحسين صورة العراق الجديد لدى الاشقاء العرب".
هل يعقل ان يصدر مثل هذا الطلب من مسؤول في دولة تملك كل هذا الشموخ والكرامة؟ ومن خوّل السيد الربيعي ان ينتهك كرامة العراقيين بمثل هذا الاستجداء المهين للعراق واهله؟ واذا كان الربيعي يجهل المعايير التي تتحكم بعلاقات الدول كان عليه على الاقل الاستعانة بمستشارين. كان هؤلاء سينصحونه بأن لا يستعجل هذا الطلب لأنه سيتحقق تلقائيا. يكفي ان يهتم المسؤولون العراقيون بترتيب الوضع الداخلي العراقي واعادة الكرامة والعزة للمواطن العراقي بعد طول استلاب، ويسرعوا في تحسين الوضع الاقتصادي، عندها سيأتي الآخرون ليشيدوا بـ"العراق الجديد" ويطلبوا هم تحسين العلاقات معه، ويعرضوا التسهيلات الكبيرة لدخول العراقيين الى دولهم، اقلها الغاء التأشيرة واجور الاقامة وشروطها، كما هو متوافر لرعايا الدول العربية الغنية في لبنان.
بل ان الساحة العراقية تستقطب منذ الآن المستثمرين والبضائع ورجال الاعمال وبينهم اللبنانيون، وهم محبوبون ومفضلون من العراقيين، وبالتالي كان على الربيعي وباقي المسؤولين العراقيين ان يتصرفوا بأسلوب اكثر رفعة وانفة من هذا الموضوع.
على مدى اكثر من عقد عاش كاتب هذه السطور احلى سنوات حياته في لبنان لكن هاجسه الدائم كان الاقامة وتجديدها السنوي واحتمالات الاستدعاء للتحقيق، كما حدث مرة، لمعرفة هل انني معارض عراقي ام لا. لكن ختام تلك الاقامة الطويلة والتجذر النفسي والعائلي في هذا البلد الساحر كان ان تلقيت اتصالا هاتفيا يهددني فيه العنصر بأن علي الاسراع بدفع غرامة التأخير وتجديد اقامة زوجتي والا فسيتم سجنها. وفي ذلك اليوم نفسه سمعت احد المسؤولين يصرح بأن "لبنان بلد كل العرب"، حينها احسست ان العبارة غير مكتملة اذ كان عليه ان يضيف الى تصريحه كلمة "الاغنياء" ليكون صادقا. لم يكن امامي حينــها غـير قــبول عرض عمل خارج لبـنان كنت مـترددا في قبوله، لأغادر البلد الذي عشقته وقررت ان اعيش فيه العمر كله، مجروحا ومشدودا اليه بكل الحنين.
سيستعيد العراقي عافيته وسيعود "غنياً" وبتسهيلات رسمية كبيرة، الى احبابه واصدقائه في لبنان وستزدهر بحمدون وباقي المصايف التي تتذكر الآن وبكل حب واعتزاز، المصطافين العراقيين، وسيعود المثقفون العراقيون الى نظرائهم اللبنانيين، والى مقاهي بيروت ومنتدياتها. سيعود للعراقي كبرياؤه الذي جرحه العهد البائد، وجعله محل استهانة الآخرين. من اهم الدروس التي يجب ان يتعلمها المسؤولون العراقيون الجدد هي ان يضعوا كرامة العراقي في الداخل والخــارج فوق كل اعتبار، فلم يهن العراقي على الآخرين في العقود الغابرة الا لان  نظـامه البائد استهان به واهدر كرامته.
عليهم ان يتعلموا كيف يتصرفون كرجال دولة غنية ستجتاز محنتها وتستعيد عافيتها وان يوقنوا بأنهم لم يعودوا معارضين يعيشون هاجس الفيزا والاقامة.
والعلاقات بين الدول تحكمها المصالح وعــناصــر الـقوة المادية والسياسية ولـيس العــواطــف التي طبعت تصريحات رئيس  وفد مجلس الحكم العراقي في بيروت.
سالم مشكور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو