الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الالغاء

علي محمود خضير

2008 / 8 / 26
مواضيع وابحاث سياسية



(1)

لن أكون مبالغاً إذا قلتُ إن نصوص الثقافة العراقية اليوم، بشكلها الظاهر الطافي على السطح هي نصوص إلغاء وإقصاء، وان الغالبية منها طروحات وأفكار الغائية – اقصائية تحمل عداءاً وكرهاً للآخر وهو، بالطبع، من تتبناه عدواً لها.
وفي الغالب أيضاً تكون هذه النصوص - استثني الابداعية منها- ذات بنية أيدلوجية سياسية تحاكم أعدائها دون أن تفتح في الثقافة مدى لسؤال جديد أو تقترح فكر خلاق أو تطرح معالجات للواقع الذي يكابده المجتمع.
إنها ثقافة انغلاق أكثر من كونها ثقافة انفتاح.
ثقافة تتبنى الكذب والكراهية والنفاق بدلاً من الصدق والحب والحقيقة.
بمعنى أخر هي ثقافة ضد الثقافة.

(2)

جلّ ما تحاول أن تقوله هذه النصوص: أنا الحق والجميع باطل، أنا الصدق والجميع يكذبون، أنا سبيل الخلاص والآخرون الهلاك.
الفكر الالغائي هذا غالباً ما يعتمد في إثبات أحقيته في التفرد في المشهد على طرق (وضعية) يقترحها هو وفق أيدلوجيته الخاصة الضيقة وخارج مفهوم حوار الفكر المفتوح على الرأي والرأي الآخر، انه يغتصب حق الآخر ويصادره.
وهي ثقافة دكتاتورية التطبيق إذ تفرض تفسيرها الأوحد للأمور ولا تحتمل تفسيراً يوازيها أو يتقاطع معها.
ونبدو نحن كمتابعين لهذه النصوص في موقف المتفرج المحتار الذي لا يمكنه أن يؤمن أن أراء الفرقاء في بعضهم نابعة من منطلق موضوعي ومنطق حيادي.

(3)

المحزن في الأمر أن تكون هذه المفاهيم هي المفاهيم السائدة وان تكون هذه الأصوات هي العالية فيكون مشهدنا مختنق بثقافة الحرب والاحتراب.
كم من ترسبات الحروب التي عاشها العراق لا زالت تُحرك هؤلاء؟، وما ظننا إذن بباقي شرائح المجتمع ذات الأفق المعرفي الأدنى إذا كانت ثقافة ( النخبة ) بهذا المستوى؟.

(4)

أكثر ما يلفت النظر في النصوص المتحاربة تلك هي سطحية ما تتنازع عليه وتفاهته، فلا نجدها –كما تحاول أن توهمنا- ذات هم إنساني معرفي تتبنى قضية الفرد المهمش، المريض، السجين، الفقير فتلك الأهداف بعيدة عن رغباتها بقدر ما نجدها منهمكة في الحصول على مكاسب تفرضها مكانة السلطة والسيادة على المشهد الثقافي وما تمنحه هذه السلطة من امتيازات معروفة وما يتبعه من فرض نفوذ على الجميع حتى تتحول الساحة إلى معكسر لا يعيش فيه إلاّ أبناء حزبه أو أيدلوجيته أو نمطه الكتابي.
إنها حرب عصابات، لكنها عصابات ترتدي جلباب الثقافة المهترء!

(5)

على سبيل المثال، يليق بهؤلاء المتنازعين أن يتطاحنوا على كيان بلا روح ومشروع مؤثر أو يتنازعوا على التبرك بأحضان مسؤول حكومة تملقاً أو ابتذال ظهور أعلامي مفتعل .. والخ مما يخجل أن ينسب لحملة الضمير الإنساني المثقل بعذابات الناس ومآسيهم.
من غير الممكن، أبداً، بناء حضارة ومعرفة وأدب يستحق الذكر في ظل معارك هذه الفئة العرضية تلك التي لا تتوانى عن تفضيل مصالحها الدونية الصغرى على ما ترفعه من شعارات ومُثل عليا.
هؤلاء بأقصائياتهم المجنونة يقصون الثقافة كمفهوم، حواراً ونقاشاً وجدلاً ايجابياً.
هكذا يتحولون إلى دعاة دين أو طريقة أصولية: فاما أن تؤمن أو تحل عليك لعنتهم.

(6)

يد تبني هنا
وربما هناك
بينما معاول كثيرة تهدم، كل يوم، ما تستطيع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على أرجاء قطاع غزة مع اشتداد المعارك في شرق رفح


.. أوكرانيا، روسيا، غزة: هل ستغير الانتخابات البرلمانية الأوروب




.. أوكرانيا: موسكو تشن هجوما بريا على خاركيف وكييف تخلي بلدات ف


.. لبنان.. جدل واتهام للمسرحي وجدي معوض بالعمالة لإسرائيل




.. متاعب جديدة لشركة الطيران الأمريكية بوينغ.. واختفاء مجهول لع