الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كامل شياع المطرود من الغابة الوحشية

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2008 / 8 / 27
الارهاب, الحرب والسلام


انها اقرب للمزحة ان نكتب عزاءنا بالدم والدموع ونطرز مناديلنا بحرقة الالم ومرارة الفراق والقاتل يضحك من كل ذلك وفي احسن الفروض والتوقعات لايسعه ان يقراء عزاءاتنا ولعناتنا التي نكتبها تحت وضع (اللاحول ولا قوة ).
اصبح كامل شياع خارجا من غابة الوحوش الضارية الآن وأصبح الاتصال به في عالمنا محالاً بعد ان لم تسعفعه عزلته ولاتعويذة خارطة وطنه المخبأة في القميص المثقوب برصاص الغدر والوحشية كثيرا .
غادرنا كامل شياع بلا مقدمات بعد ان نفدت اسلحته في مقاومة حكام الغابة الحجرية ووحوشها الضارية .
تلك الاسلحة التي لايملك كامل سواها وهي عبارة عن مناديل بيضاء يجفف به دمع الفراق لأحبة سبقوه في الهم والمكابدة وشاطروه لعنة التغرب عن الاوطان والعودة اليها مسرعين للموت حبا على ارصفة شوارعها.
وسلاح البراءة المرسوم في ابتسامته المشرقة وتاريخ من حكايات البطولة والتغرب على ارصفة المدن الغريبة، زارني كامل بالامس و كان مثل ما تركته اخر مرة وضاء ومشرقا ولطيفا كنسمة في ذروة القيظ وهمس لي :
هذا افضل لي فانا لاقدرة لي على مقاومة هذه الوحوش التي تريد ان تستدرجني الى مالايليق بمحبتي للوطن وثقتي بالناس انا لا اعرف تسديد البنادق ولا اطيق الحرس الشخصي ولا اتلفت مذعورا خلفي لاني لاابتكر العداوات ولا اصنع الخصومات ورصيدي مزدحم بالاحبة ومزدان بالاصدقاء لااعرف للاحقاد ممرا وولا للكرهية سبيلا فلماذا أخاف الموت او الغدر ؟
ولذا فكان من الافضل ان اغادر قبل ان ارضخ لشروط هؤلاء الوحوش الذين طردوني من غاباتهم.
ساعود اليكم متقمصا صوت البلابل التي ستغني لصباحاتكم البيضاء وساشدو مع النوارس التي تمرح على دجلة في مواسم فيضاناتها المقبلة .
ستجدوني مرسوما فوق سطر من كتاب يعلم الصغار انشودة الوطن ورسم خرائطه دون الوان الطوائف واسماء المذاهب وامتيازات الاديان وطني الذي حملته كالجمر فوق اصابعي وانا اجوب طرقات العالم ومدنه انتظار الحلم عودتي وموتي الاخير فوق اسفلت شوارعه .
عدت كما وعدت للعائلة والاصدقاء ريثما سقط تمثال الذعر والخوف وزرعت بينكم املا بانتصار قيم التنوير والمعرفة ومضيت بعد ان فشلت بالرد على الذئاب التي كانت تترصدني منذ دخولي لشارع المتنبي.
ستتذكرونني هناك حتما عند تزورون المتنبي الشارع وتجوبون منعطفاته ودروبه التي كنت اصطحبكم فيها ايها الاصدقاء هل تتذكر ياتوفيق عندما اخابرك لااشتهي شايا او ثرثرة للاحبة نذهب فورا للشابندر وتلومونني على لا مبالاتي لعدم اصطحابي لحرس شخصيين واقول لك اني لااتصور ان يوجد من يتربص بي الشر ويريد قتلي لاني لا املك الا للمحبة لكل الناس والبشر في العالم كله.
لربما تكون معركة خطط لها سادة العدم وقراصنة الثقافة السوداء ضد رموز الفكر والحرية والتنوير لان كامل واحد من الرموز الفاضحة لمدرسة الحرية والثقافة المدنية وحرية الانسان.
نعم قد يكون الافضل لك ان تغادرنا لعالم بلاوحوش آدمية ولا عقائد تشرعن القتل لشعورها بالنقص لما تمتلكه من بياض في القلب والروح يمتلكها امثالك من البشر الاستثنائيين .
ولكن ستبقى ياكامل شياع حسرة ومرارة كبيرتين تتوزعان في قلوب الاصدقاء الذي شاطرتهم الالام والاحلام والرغبات وهواجس الحب الذين لايمكن نسيانهم لابتسامتك وهي تتفاءل بغد جديد وسلام يرفرف على هذه الغابة التي لازال يقطنها وحوش العصور المظلمة. في هذه اللحظة من الصدمة والذهول اتذكر شقيقك (سعدي )الذي كان يتحدث بزهو عن شقيق غادر العراق بعد ان ضاقت عليه السبل ليبحث عن طريق للقضاء على الفاشية التي تحكمت برقابنا واحلامنا الغضة. واتذكر معها حكايات الاستجواب للعائلة الى مكاتب الامن البعثية لتعاقبها وتضايقها على ولد عاق بحق الحكومة أسمه كامل شياع وهاهم اسلاف تلك الذئاب تترصدك اليوم لانك كنت خارجا عن المحاصصات والتصنيفات ولعبة الموت التي تمقتها وتندد بقراصنتها دوما.
فكنت صديقا للجميع وكان غيابك مفجعا للجميع الا تلك الذئاب المتوحشة التي طردتك لعالم يليق بك حيث لااحقاد ولاكراهية ولاموت يتربص بالانسان مازلت اتذكر كلماتك التي حفزتني للعودة الى البلاد بعد غيابي عنها لاكثر من 200 يوم.
(عد يا توفيق لامعنى لكلماتنا خارج بيتنا العراقي عد يا توفيق لنقايض هذا البيت بعطاياه الكريمة ولننفض عن وجهه اثار الخراب وظلال الجريمة ومن غيرنا يملك هذا الشرف عد يا توفيق اتراني تركت تلك البلاد السعيدة لاسهم في ترميم ما تركه الفاشيون على خارطة وطننا من جراح وندوب).
وعدت ياكامل بتحريض منك لااشهد مشهدك الاخير وانت تنتصر على قاتل وحشي بعزلتك وبياض قلبك وما تركته في قلوبنا من وجع الغياب وحكايات بطولة وانت تناضل الفاشية وانت تقارع الظلامية الجديدة بنور افكارك وصلابة مواقفك .
نحن نترقب قدومك ياكامل مع اول كوكبة للنوارس البيضاء التي ستحتفل معنا بهزيمة اخر وحش ضار يتربص بدوائر غدره للنيل من فريق التنوير والحرية الذي مازال مشتتا ومشرذما حتى هذه اللحظة من رحيلك المر ما يسهل اصطياد طيوره البيضاء الوديعة من قبل هذه الوحوش المفترسة والتي تامل بالانقضاض على حلمك بالحرية التي حلمت بها على طول لياليك القاسيات الغريبات. كامل شياع لااقول وداعا فقد اصبحت الكلمة (كليشة) متكررة نكتبها كل يوم وندونها على بياض صفحاتنا المنكوبة بانتظار المزيد من الضحايا وبانتظار المزيد من الخسارات .
لفريق التنوير والحرية الذي تنتمي اليه بهوية المواطن العراقي والصفة المعرفية.
لااقول وداعا ولااكتبها لانها اصبحت بلا جدوى ولاتترجم صراخي وعوائي في وحشة غيابك وغياب الاحبة من امثالك وانما اقول انا بانتظار اغنيتك السعيدة التي سترددها عصافير الوطن عند هزيمة اخر جندي من جنود الشر عن بلادنا العزيزة
سنتتظرك هناك ياكامل وانت بكامل عافيتك وجميل ابتسامتك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير