الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حال الأمة ..من الأصالة الثقافية إلى البحث فى الأصالة الإقتصادية والسياسية

محمود حافظ

2008 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


إمتدادا لمقالنا السابق عن حال الأمة .
نود الإشارة هنا ، وفى كل ما نسطره يحكمنا ما فرض علينا من صراع بين المركز الإمبريالى العالمى السائد وبين محيط هذا المركز المسود ، وما فرضه علينا هذا المركز من صراع خاصة مع وجود مجموعة المحافظين الجدد فى المركز الأمريكى وما تفرضه علينا وتمارسه كطرف سائد فى الصراع وخاصة مع فلاسفة هذه المجموعة أمثال هانتنجتون وفوكوياما .
نحن لا ندعى المعرفة الشاملة والتفقه فى أمور الدين وكل مانسوقه هو مجرد قراءة لواقع وهذه القراءة لا تأتى من فراغ أو هى مختلقة ، فنحن نأخذ ما يخدم منهجنا ويوضح فكرنا فى مقابل التغلغل الآثم والإختراق الفج لأصالة فكر هذه الأمة ومحاولة تفكيك هذا الفكر وإزاحته وتفريغه من مضمونه وزرع أفكار تنسجم مع فكر الغرب الإمبريالى وليبراليته الذى يسوق لها بمعاونة من أصولية متطرفة قد أشرنا إليها سابقا عند طرح الأصالة الثقافية .
فى ما سبق قد أوضحنا طبقا لرؤيتنا أن الأصالة الثقافية للحضارة الإسلامية تمحورت حول الوسطية فى مجابهة التطرف والجماعة فى مجابهة الفردية والشورى فى مجابهة ديمقراطية فرغت من مضمونها لتخدم الأقلية الحاكمة وتخدم مصالح هذه الأقلية وإمتدادت هذه الأقلية الخارجية بعيدا عن مصالح عموم الأمة .
وسؤالنا هنا والذى نحاول الإجابة عليه هل هذه البنية الثقافية أو قل بمعنى آخر (هذه البنية الإيديولوجية ) لها بنية تحتية إقتصادية ثم سياسية ؟
ولمحاولة الإجابة سوف نسوق بعض المفردات التى تخدم وجهة نظرنا .
- الخطاب الموجه إلى هذه الأمة ومن القرآن الكريم هو خطاب موجه إلى الجماعة بدءا من يا أيها الناس إلى يا أيها الذين آمنوا إلى يا أيها الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وهنا نلاحظ إرتباط الجماعة المؤمنة بالعمل الصالح وبما أن الخطاب موجه من السماء فقد تم ربطه بالأرض فى صورة العمل الصالح .
- طبقا لمقولة الكلم الطيب يصعد إلى السماء والعمل الصالح يرفعه وفى هذه المقولة الأرضية نجد تأسيس قاعدة مادية مفادها إن الصعود إلى الأعلى لايتأتى إلا برافعة العمل الصالح بمعنى رافعة فعل العمل الصالح الذى يفيد الجماعة .
-فى معرض هذه الإضافات نود أن نضيف هذه الإضافة وهى المتعلقة بالأمانة وكيف قبلها الإنسان (الفرد ) وطبيعة هذا الفرد ظلوما جهولا ، بمعنى أنه دائم الظلم ودائم الجهل ، وهذا الدليل كاف لتوضيح فكرة الجماعة فى مقابل النزعة الفردية فى الحضارة الإسلامية ، فهل نستطيع أن نقول رأينا هنا وفى هذه المقولة تحديدا أن هذه الأمانة هى مجموعة التعاليم فى الخطاب الدينى والتى تقبلها الإنسان لتحد من ظلمه وجهله بتنازله عن فرديته وقبوله بمبدأ الجماعة وإنخراطه فيها ويقبل بالعمل الصالح ، وفى هذا القبول الطوعى يكون الإنسان الفرد إنتقل من الذاتية إلى الموضوعية وأصبح أمينا على نفسه وجسده ، وأن هذه الأمانة أملت عليه التصرف طبقا للتعاليم الخيرة الصالحة للمجتمع والتى تحافظ على هذا الجسد وهذه النفس فى الإطار الجماعى للمجتمع المدنى .
- إن حض الخطاب الدينى على العمل من ( وقل اعملوا ... ) إلى دفع الرسول (صلع) الأمة إلى العمل وتوجيهه للعاطلين بتوفير وسيلة العمل لهم ودفعهم للعمل ، وتفضيله للذى يعمل ويعول ناسكا قابعا للعبادة ، وتقبيل اليد الخشنة من العمل ، أليس هذا كافيا لوضع أساس إقتصادى إسلامى مبنيا على العمل فى ظل الجماعة ؟ .
- أليس فى مقولة الأمام على لو كان الفقر رجلا لقتلته هى مقولة لمحاربة من يجلب الفقر للأمة ومن يعمل على إفقارها يستحق القتل فهنا من يعمل على إستغلال هذه الأمة والإستئثار بمواردها وإقفال فرص العمل على مواطنيها وهنا أيضا تكريس لنمط الجماعة ضد الفردية ، هذه الفردية التى تمثلت فى أن الفقر رجلا يستحق القتل .
- فى مقولة أخرى فى هذا السياق لأبى ذر الغفارى عجبت لرجلا لايجد قوت يومه ولايخرج شاهرا سيفه وفيها أيضا حض على محاربة من يقفون فى مواجهة إتاحة فرص العمل والرزق .
- هذه التعاليم التى جعلت الإبنة تقف فى وجه أمها وتمنعها من الغش والفساد لصالح الأمة وإقامة العدل وتوزيع ثروة الأمة بالعدل حتى على الحاكم نفسه فى إشارة لمن إنتقد عمر بن الخطاب بحصوله على حصة أكثر من حقه فى ثوب يرتديه ، هذا العدل فى توزيع الثروة على جماعة الأمة هو من رحم هذه التعاليم والتى تأسست عليها هذه الحضارة الإسلامية .
- هل نستطيع أن نقول ونبالغ فى القول أن هذه الحضارة قد أرست نمطا للإنتاج بنيته الأساسية قائمة على العمل ومنع الإستغلال والتوزيع الجماعى للثروة فى ظل نمط سابق قائم على العبودية قد عملت هذه الحضارة على تفكيكه وإلغائه ؟ .
- هذا النمط الذى كرس العمل وألغى الذاتية لصالح الوضوعية ومنع الإستغلال وحارب الغش والفساد وأكثر من هذا حض على العمل الزراعى لتوفير الغذاء للأمة فى مقولة تستحق الإشارة إليها ومفادها غرس الفسيلة حتى وقت قيام الساعة .
- هذه بعض من مقومات الحضارة الإسلامية التى وضعها صامويل هنتنجتون نصب عينه وسلط عليها سهامه فى صراع الحضارات ، لأن هذه الحضارة لم تضمحل بعد لأن القيم الحضاريةالتى أتت بها هى قيم أرقى من الحضارة السائدة هذه القيم هى التى بنى اليسار عليها فكره المادى والذى ذهب به إلى ضرورة إضمحلال هذه الحضارة السائدة المبنية على الفردية والذاتية لترقى إلى الموضوعية وفكر الجماعة ووضع العمل قاعدة نمط إنتاج للجماعة ومحاربا إستغلال الإنسان للإنسان ، مقاوما لروح الفردية التى تؤدى بالضرورة فى حالة تسلطها وهيمنتها إلى أبشع أنواع الإستغلال والقمع والفساد والجهل .
- هذا هو جوهر الصراع مع الغرب الإمبريالى والذى تحالف مرحليا مع نفر من الأمة إذكى فى معتقداتهم روح التطرف والجهل والأنانية حتى يستنزف خيرات هذه الأمة بهؤلاء التابعين ، والذى يعمل ف نفس الوقت على توفير إحتياجاته خارج نطاق هذه الأمة لينقلب بعد ذلك على حلفائه التابعين .
- أخيرا ربما قد نكون وفقنا فى توضيح قرائتنا للصراع الدائر بين الإمبريالية والمناهضين الأحرار فى هذا الكون لهذه الإمبريالية ، المقاومون لها والمنتصرون عليها فى ممانعتهم لها والعمل على التحرر والتمسك بروح الجماعة لرد ما أستلب من هذه الأمة .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارب تونس مع روسيا والصين وإيران: ما الذي يقلق الاتحاد الأو


.. تونس: مقتل عسكري بإطلاق نار في المنطقة الحدودية العازلة مع ل




.. تونس ترد على تصريحات مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب


.. تونس تحتضن الاجتماع الإقليمي حول تعلم الشباب ومهاراتهم وانتق




.. المناظرة التلفزيونية للانتخابات التشريعية الفرنسية. جدل سببه