الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسألة أبعد من: تفاؤل.. وتشاؤم...!؟

جهاد نصره

2008 / 8 / 28
العولمة وتطورات العالم المعاصر


بالرغم من كثرة مساخر الزمن العربي الراهن كمسخرة وجود تسعة وزراء من عائلة واحدة في إحدى الحكومات العربية.. وبالرغم من حقيقة أن الحكام العرب ( الأوادم جداً ) يملكون ـ وليس فقط يحكمون ـ بلدانهم بكلِّ ما فيها يعني أسفلها وعاليها..! وبالرغم من أن عدد العلماء الذين شهاداتهم العلمية لا تزيد عن اللحى النابتة على ذقونهم يبلغ مئات الآلاف.. وأن عدد الدعاة، والمفتين، والمشعوذين، وأصحاب الكرامات، وأئمة صلوات الجمعة، والمشايخ الستوك، يزيد عن بضعة ملايين ونيفتين..! وأن الجماعات إياها..! وهيئات الزخم، والدعم، والجزّ، والأمر بكلِّ شيء ما عدا المعروف..! والجمعيات، والمؤسسات، وروابط الظل كالإخوانيات، والقبيسيات..! وبالرغم من أن ذلك يشكِّل أهم مقومات البنية الفوقية في بلدان الجامعة العربية الإسلامية..! وبالرغم من أنها منتشرة بوفرة وكثافة في الشوارع والأزقة العربية من البحر إلى الجبل ومن الجبل إلى المحيط..! وبالرغم من أن ما تبقى ولا يمكن لنا ذكره في هذا المقام بحسب تعليمات المدام من صنف الصحيح لا يعد ولا يحصى..! و بالرغم من كل ما سبق وما سيلحق يظل بعض المشتغلين ( المتفائلين ) من رتبة مفكر فما فوق في زمن العقلنة، والحداثة، والديمقراطية، والوهابية المستنيرة على ذمة الحاج الليبرالي شاكر أفندي، يستغربون التشاؤم الواصل إلى درجة اليأس عند معظم المشتغلين في هذا الميدان..!
إن هذا الاستغراب يدعو حضرتنا إلى الاستغراب بدورنا إذ أنه يحضر عندهم مرتكزاً إلى قياس التماثل التاريخي الذي لا يعدو أن يكون استذكار حفظي ( فوتوكوبي ) لمعضلة ومآسي عصر التنوير الغربي الحافل وقتذاك بكل ما هو مذري إنسانياً حيث كانت مجتمعات الدول الغربية كافة خاضعة لهيمنة الكنيسة، ولاهوتها، وثقافتها بشكلٍ مطلق غير قابل للنقاش أو التساؤل..! ذلك لأن مثل هذا القياس غير موضوعي إلى حدٍ كبير من حيث أن هذا التماثل شابه وسيظل يشوبه متغيرات وتباينات في الظروف التاريخية والمعطيات الموضوعية لا يمكن إسقاطها وفي الوقت نفسه يجب عدم نسيان أن ثمن انتصار العقل التنويري الحداثي لم يكتمل إلا بعد اندلاع حروب داخلية وحشية دينية ومذهبية جرت جميعها تحت مظلة الفقه الكهنوتي الذي استحال إلى نصوص مقدسة يجب التسليم الكلي بها كما بتفاسير الكنيسة لها..! ويضاف إلى ذلك حقيقة انتفاء موضوعة دور العامل الخارجي البارز لاحقاً ويكفي أن نلفت انتباه أصحابنا المتفائلين إلى أهمية هذا الدور في مخاض المجتمعات الراهنة وهذا الأمر الحيوي لم يكن موجوداً بطبيعة الحال في زمن التحولات النهضوية الأوروبية ..!
هل يمكن في الزمن الراهن عدم الوقوف عند مفاعيل المساندة الحيوية التي تقدمها البلدان الغربية نفسها للأنظمة السياسية التي تحكم شعوبها باسم الله ووفق الشريعة والفقه كما كانت هي نفسها زمن ما قبل انتصار العقل..! فكيف يمكن للتنويريين العرب وهم محدودي العدد والعديد في الأصل أن يتمتعوا أو يركنوا إلى رصيد من التفاؤل في مثل هذا الواقع التي دفعت فيه المصالح الاقتصادية إلى قيام تحالف الأضداد أي تحالف الحداثة الغربية التي أنهت هيمنة سطوة الدين واللاهوت مع أنظمة دينية فقهية تعتاش وتتأبد على ريعية النصوص المقدسة..؟
لقد تمكن التنويريون الغربيون الذين دفعوا أثماناً باهظة حرقاً وقتلاً ومنعاً ومطاردةً ونفياً من النجاح في عملية تفكيك هيمنة اللاهوت وثقافة الكنيسة وصولاً إلى تحييد الدين وانتصار العقلانية الحاسم فهل يرى المتفائلون العرب أولئك أنه بالإمكان الانتقال إلى الحداثة والعصرنة التي تعني أولاً وقبل كل شيء سيادة العقل وحريته من دون تفكيك هيمنة الفقه الديني المقدس وثقافة المشايخ المذهبية الذين تكنوا بالعلم السماوي وصولاً إلى تحييد الدين في الوقت الذي نرى فيه أن هذه الهيمنة تتمدد وتتمأسس برعاية رسمية ..! ونرى تلك الثقافة تترسخ وتتمدد باطراد إلى حد يمكن بعده القول عن زمن العرب الراهن بكل بساطة: إنه زمن المذاهب والطوائف المستجد والمستمر حتى إشعار آخر ...!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه