الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقليم الجنوب

سعدون محسن ضمد

2008 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بينما كان أحد الجالسين يروي لنا قصة غريبة عن آخر المجازر التي ارتكبها وحش الفساد في جسد الدولة العراقية، قاطعه أحد أعضاء مجلس النواب ليروي لنا قصة اعتبرها أكثر تعبيراً عن حجم الكارثة (الفسادية) في العراق.
تحدث الرجل عن شحنة كبيرة من الغاز وصلت موانئ البصرة منذ فترة، هذه الشحنة طبعاً تم شراؤها من قبل الجهات المختصة وبأموال طائلة، لكنها تسببت بمشكلة عند وصولها. ذلك أن الأماكن المخصصة لخزن الغاز كانت ممتلئة تماماً، فماذا يجب على المدير المسؤول عن الموضوع أن يفعل؟ هل يعيد الشحنة إلى المصدر؟ هل يوبخ الجهات المسؤولة عن عملية الشراء؛ لأنها عقدت الصفقة دون أن تسأله عن قدرة مخازنه على الاستيعاب؟ هل يفتح صنبور الغاز ويلوث البيئة العراقية بالغاز أكثر مما هي ملوثة بالغبار والحر وبقايا الحروب؟
ماذا تتوقعون أنَّ المدير فعل؟ (تساءل عضو مجلس النواب). حسناً لقد قرر إحراق خزين الغاز الذي يملأ المخازن، لكي تكون مهيأة للشحنة الجديدة. نعم بكل بساطة وخفة يد (وعقل) فعل المدير ذلك.. أحرق الغاز. وبهذه الطريقة خلَّص نفسه من المخاطر التي يمكن أن تجرها عليه عملية رفضه استلام الشحنة، من جهة، وضمن إخفاء الآثار التي تدل على غباء بعض المسؤولين وعدم درايتهم بأصول إدارة الدولة، من جهة أخرى.
مستحيل (قلت للبرلماني) هذا مستحيل، أعتقد أن في الموضوع بعض المبالغة، فليس من المعقول أن تحرق ثروات البلد من قبل مسؤوليه، كنَّا ولوقت قريب نعاني من عمليات إحراق ثرواتنا من قبل الإرهابيين، والآن وبعد أن نوشك على الخلاص منهم يتولى مهمتهم المسؤولون؟ هذا مستحيل!!
لكن الرجل لم يتراجع عن إصراره بل واستمر يروي قصصاً أخرى تتحدث عن عمليات إهدار ثروات البلد التي يتسبب بها نقص التنسيق بين مؤسسات الدولة. أخبرنا (مثلاً) عن مولدات طاقة كهربائية ضخمة تم التعاقد عليها وشراؤها من قبل وزارة الكهرباء دون أن تتم استشارة وزارة النفط بالموضوع، علماً أن الأخيرة هي المسؤولة عن تزويد الأولى بحاجة هذه المولدات للوقود. بالتالي فليس من المعقول أن يتم التعاقد على مولدات تعمل على البنزين (الذي نعاني من شحته) في الوقت الذي يمكن شراء مولدات تعمل على النفط الأسود مثلا أو الغاز أو أي وقود يكون أكثر وفرة من البنزين.
في النهاية شعرت بالحزن، وتمنيت لو أن عضو مجلس النواب لم يسرد لا عليَّ ولا على بقية الأصدقاء هذه التفاصيل، فمثل هذه الحكايات ترافق ذاكرتي لأيام وأشعر معها بالتشاؤم واليأس، بل واؤمن بضرورة حجبها عن الناس لئلا تتسبب بغضبهم وربما ثورتهم، ولسنا طبعاً بحاجة لمزيد من الثورات والبطولات.
لا أزال أقنع نفسي إلى اللحظة أن في قصة إحراق الغاز بعض المبالغة، أنا أفعل ذلك لأن الموضوع غير معقول، لكن يبدو أنَّ من العبث الإيمان بأن الواقع في العراق يسير على سكة المعقول، ذلك أن الوقائع غير المعقولة التي يتم تناقلها أكثر من أن تكون (مجرد) مبالغات. فهناك من يتحدث عن تهريب الأموال الطائلة عبر حقائب السفر ومن قبل أهم رجالات البلد. وهناك من يتحدث عن صفقات يتم عقدها لإنقاذ أخطر الإرهابيين، وهناك من يحذر من جيش من عملاء إحدى دول الجوار يتم إعدادهم كمرشحين لانتخابات مجالس المحافظات بغرض السيطرة على إقليم الجنوب المرتقب. نعم المشكلة أن القصص كثيرة ولا أمل في أن تكون كلها مجرد مبالغات ليس إلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة السيارات الكهربائية الصينية | عالم السرعة


.. الشرطة الألمانية تطلق النار على مهاجم يحمل فأسا داخل تجمع لم




.. سلسلة جرائم مروعة.. قصة قتل غامضة وسلسلة من الألغاز تقود إلى


.. مسلسل -هاوس أوف ذو دراغن- : متى تعلن الحرب بين الملكتين تارغ




.. -يلوّح بفأس وعبوة حارقة بين المشجعين في #هامبورغ.. - والشرطة