الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يفهم العربي ما يقوله الأعجمي ! ؟

سهر العامري

2008 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


من سوء حظ العراقيين أن يقعد على عين مالهم رجل مثل صولاغ ، وزير المالية في عراق اليوم ، هذا الرجل الذي تسلح بالكذب حينا ، وبالنفاق والمكر حينا آخر ، فهو حين صار وزيرا للإسكان والإعمار بنى للعراقيين ناطحات سحاب معلقة في الهواء ، وحين صار وزيرا للداخلية أباح أجساد ضحاياه من العراقيين ، الذين غصت بهم سجون تلك الوزارة ، للمزرف الكهربائي ( الدريل ) حتى لقبه العراقيون بـ ( صولاغ حامل الدريل ) ، ثم حين أصبح وزيرا للمالية حطم الصناعة العراقية ، وراح يحارب عمال العراق بأرزاقهم ، وإذا ما هب هؤلاء للدفاع عن تلك الأرزاق تصدى لهم مغاوير العجم الذين يحتمي بهم هو .
الصولاغ هذا ، الذي يلقب نفسه بالزبيدي ولاءً ، هو عضو من أعضاء المجلس الأعلى للثورة الإسلامية! في العراق ، وذلك بعد أن تأسس هذا المجلس ، وبإشراف مباشر من قبل جهاز المخابرات الإيرانية ( إطلاعات ) ، في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم ، والمعروف أن جهاز المخابرات هذا هو نفسه جهاز السافاك زمن الشاه ، فالخميني لم يأمر بحل هذا الجهاز بعد وصوله للحكم ، وعلى هذا فقد تحول جل العاملين فيه من خدمة حكومة الشاه الى خدمة حكومة الخميني ، وبذات التفكير والتصرف اللذين كانا سائدين زمن الشاه .
لقد كان الجهاز هذا يعمل على وضع يده على كل صغيرة وكبيرة تدور داخل الأحزاب العراقية التي تدعي أنها تمثل الشيعة في العراق ، ولهذا حرصت الحكومة في إيران ، ومن خلال جهازها المذكور ، على أن يضم المجلس الأعلى في صفوفه بصورة خاصة العراقيين المتحدرين من أصول إيرانية ، ومن الذين يجيدون اللغة الفارسية ، ولذلك صار الإنسان الذي يزور مقر المجلس الإسلامي ! الواقع بالقرب من ساحة الفردوس من العاصمة طهران لا يجد شخصا يتكلم العربية فيه ، وحتى أولئك الذين كانوا يحسنونها لم يستطيعوا أن ينبسوا بحرف واحد من حروفها خوفا من السلطات الإيرانية ، وعلى ذلك صارت لغة التخاطب في أروقة ذلك المجلس شفاها وتحريرا هي اللغة الفارسية ، وباتا لزاما على العرب من شيعة العراق ، والذين ارتضوا لأنفسهم خيانة شعبهم ووطنهم ، والعمل في صفوف هذا الجهاز ، أن يتعلموا اللغة الفارسية في غضون أشهرا قلائل .
في صيف هذه السنة التقيت بعربي عراقي شيعي في العاصمة البلجيكية ، بروكسيل ، وقد حدثني عن قصته في رحلة التعب التي مر بها كل العراقيين الذين هجروا العراق ، قائلا : بعد خفوت انتفاضة سنة 1991 التي أشعل نارها في بداية الأمر جهاز المخابرات الإيرانية المذكور بعد أن كانت الحكومة الإيرانية قد أعدت خطة سرية من أجل إسقاط نظام صدام مستغلة الحرب التي شنتها أمريكا على الجيش العراقي في الكويت ، وكانت تلك الخطة تقضي بطمأنة الجانب الأمريكي من خلال الاتصال بوزارة الخارجية في الإتحاد السوفيتي التي نقلت تعهدا واضحا من رئيس جمهورية إيران ، هاشمي رفسنجاني ، ينصّ على أن إيران ليس من مصلحتها التدخل بشؤون العراق في حال ما عزمت أمريكا على شن الحرب ضد صدام ، وإخراج قواته من الكويت ، ولكن إيران في ذات الوقت كانت تعمل خفاء على إرسال بعض المجاميع الذين دربتهم على استخدام السلاح الى داخل العراق بحجة أن هؤلاء من المعارضين العراقيين ، وكان ذلك تزامنا مع اشتعال نيران الحرب التي سميت بحرب تحرير الكويت أو حرب الخليج الثانية .
لقد قامت تلك المجاميع المسلحة في بداية الأمر بتحريض الشارع العراقي على القيام بالثورة من أجل إسقاط نظام صدام الذي صار مع تلك الحرب في حالة ضعف لا يحسد عليها ، ولكن الأمريكان الأغبياء الذين استطاعت المخابرات الإيرانية تضليلهم عن طريق وزارة الخارجية في الإتحاد السوفيتي وقتها تنبهوا متأخرين فقاموا بفك الحصار عن القوات العراقية المحاصرة عند البصرة ، قائلين لها : إذهبوا كي تحموا وطنكم ! فما كان من هذه القوات إلا أن أنزلت عقابا صارما بالمنتفضين الذين حركتهم المخابرات الإيرانية التي منتهم بحماية من قوات فيلق بدر ، وهو فيلق تشكل في إيران من العراقيين الذين وقعوا في أسر القوات الإيرانية إبان الحرب التي دارت بين العراق وإيران في الثمانينات من القرن الماضي ، وكذلك من العراقيين المتحدرين من أصول إيرانية والمعروفين بالعراق : بأبناء التبعية الإيرانية الذين استولوا على المراكز الحكومية المهمة في عراق أمريكا الديمقراطي الآن !
قال لي العراقي ذاك وهو يروي لي قصته : أنا من أهل الهاشمية ، وهي مدينة تابعة لمحافظة بابل العراقية ، اشتركت بانتفاضة 1991م ، وحين قمعت تلك الانتفاضة هربت الى المملكة العربية السعودية ، وعشت في معسكر لللاجئين بالقرب من مدينة رفحة الحدودية ، وفي الوقت الذي رُحل الكثير من العراقيين من هذا المعسكر الى دول أوربا وكذلك الى أمريكا رفضت أنا الذهاب الى تلك الدول ، وآثرت الذهاب الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية! وحين نزلت فيها طلبوا مني تعلم اللغة الفارسية معللين طلبهم هذا بكوني أحمل شهادة الماجستير بالزراعة من جامعة الموصل ، وهم بحاجة الى مترجمين مثقفين كي يسهل لهم المترجم هذا عملهم مع بقية اللاجئين القادمين من المملكة العربية السعودية أو من غيرها.
بعد أن تعلمت الفارسية في مدة ستة أشهر ، يقول العراقي هذا ، طلبوا مني العمل في جهاز المخابرات الإيرانية ، وعلى أن أقوم بمهمة داخل العراق ، ولكنني رفضت ذلك بقوة قائلا لهم : تريدون مني أن أخون وطني !؟ فقالوا وبلغة حازمة : العمل معنا أو الخروج من إيران حالا . قلت لهم : ولكنني لا أملك جواز سفر ، فكيف لي أن أخرج من إيران؟ ردوا : لتذهب الى كوجة مروي ( زقاق ضيق يقع بالقرب من شارع ناصر خسرو في طهران ) وتشتري جوازا مزورا على أية حال يكون ، وسنقوم نحن فيما بعد بوضع ختم خروج لك من إيران .
اشتريت جوازا من كوجه مروري وبحالة رثة ، وضعوا عليه ختما يطالبني بالخروج من إيران خلال أسبوع واحد ، قائلين لي عليك أن تحصل تأشيرة دخول لأية دولة ! قلت : لا توجد دولة تعطيني تأشيرة على جواز مثل هذا ! لكنني أخيرا وفي غضون هذا الإسبوع حصلت على تأشيرة من أوغندا الدولة الأفريقية ، دخلتها بعد التفجيرات التي حدثت في العاصمة الكينية ، نايروبي ، ولهذا أعتقلت من قبل الشرطة الأوغندية ومن جهاز الشرطة الأمريكية العامل هناك ، ورميت بالسجن وتعرضت للتحقيق المطول ، وكانت التهمة ، هي أنني إيراني الجنسية وأنني أنا من قام بتفجيرات نايروبي ثم فررت منها الى أوغندا .
هذا هو حال إيران في تعاملها مع كل من يرفض خيانة وطنه ، العراق ، وعلى هذا الأساس تشكل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ! من العناصر التي تنحدر من أصول إيرانية ، ومن أولئك الذين يجيدون التحدث باللغة الفارسية ، وأحد هؤلاء هو وزير المالية في العراق اليوم صولاغ الزبيدي ولاءً وليس صلبية ، وانتسابه الى قبيلة زبيدة العربية هو من باب الضحك على الذقون ، مثلما ضحك هاشمي رفسنجاني على ذقن جورج بوش الأب ، ومثلما يضحكون الآن على ذقون جورج بوش الإبن.
لقد نشر المكتب الإعلامي في وزارة المالية في العراق نص مقابلة مع صولاغ هذا ، يظهر فيها وهو يعوم في بحر من الجهل ، فهو من جهة لا يجيد التحدث باللغة العربية ، ومن جهة أخرى يطرح مبررات سخيفة لتوليه منصب وزير المالية ، كما أن السائل يبدو على شاكلته في عدم فهمه لكلام العرب ، وذلك حين يسأل معالي الوزير صولاغ ! على الشكل التالي :
س/التحويل من وزارة الداخلية إلى وزارة المالية ماذا يعني لكم ؟
لاحظوا كلمة تحويل التي يجب أن تكون التحول وليس التحويل وشتان بين المعنيين ، فيجيب صولاغ مستخفا بعقول العراقيين قائلا :
ج/ أينما توجد الحاجة في المكان الذي اقدم فيه خدمة وأنا سياسي واقتصادي ومالي ورجل أعمال ساهمت في تأسيس الصناعة وعملت في الأعمال التجارية ودخلت في الصناعة ونجحت في صناعة الأقمشة وعملت في الاستيراد والتصدير وكلها لها علاقة بالمالية .
وعلى النظرية الصولاغية هذه سيكون وزيرا للمالية كل من يحمل المؤهلات التالية :
سياسي واقتصادي ومالي ، رجل أعمال ، أسس الصناعة ، عمل في الأعمال التجارية ، دخل بالصناعة ، نجح في صناعة الأقمشة،عمل في الاستيراد والتصدير ، وكلها لها علاقة بالمالية .
المعروف عن صولاغ أنه صرف الجزء الأكبر من سني عمره بين إيران وسورية ولبنان وكان ممثلا للمجلس الأعلى الإيراني في كل من لبنان وسورية ، والعراقيون الذين عرفوه عن قرب يقولون عنه : إنه كان يبيع الجوازات المزورة للعراقيين المقيمين في الخارج ، والذين منع صدام سفاراته من أن تمنحهم جوازات سفر عراقية ، كما أنه بمناسبة أو دون مناسبة كان يقول أنه مهندس ، وبعض الأحيان يصدر أسمه بقوله : المهندس صولاغ ، هذا قبل أن يتحول الى معالي الوزير صولاغ . فهو والحال هذه لم يكن رجل اقتصاد في يوم من الأيام حتى تناط به مهمة مثل مهمة وزارة على قدر كبير من التأثير في حياة العراقيين مثل وزارة المالية ، وإذا كان لكل من يشتغل في البيع والشراء الحق في أن يصبح وزيرا للمالية لصار الكثير من تجار العراق وزراء لها لأنهم يفوقون صولاغ خبرة في هذا المجال بمرات كثيرة .
لقد جُبل صولاغ على الكذب ، فهو الذي بنى للعراقيين ناطحات سحاب على الأرض التي يقوم عليها معسكر الرشيد والتاجي حين أعلن هو ذلك بعظمة لسانه حال توليه لوزارة الإسكان والإعمار ، وهو حامل الدريل الذي قضى على الإرهاب والإرهابيين أيام توليه لوزارة الداخلية ، وها هو اليوم يكذب ولا يريد أن يقول السبب الحقيقي الذي وقف وراء تعينه وزيرا للمالية في العراق ، ذلك السبب الذي تجسد بالرغبة الإيرانية ووفقا للمحاصصة الطائفية * ، ولا شيء غير ذلك ، ولهذا استطاعت إيران من خلال وجوده في وزارة المالية العراقية من تحطيم السوق العراقية وقتل الصناعة المحلية ، فصار كل شيء يستورد من إيران فمثلا عمدت إيران الى إغراق السوق العراقية بمادتي الإسمنت والطابوق وبأسعار تقل عن أسعار المنتج منهما محليا ، وهذا ما دفع المعامل العراقية المنتجة لهاتين المادتين الى غلق أبوابها وتسريح عمالها ، وحين علم سماسرة إيران في الحكومة وخارج الحكومة خاصة التجار الذين ينحدرون من أصول إيرانية بتوقف المعامل العراقية عن انتاج المادتين المذكورتين عمدوا الى رفع أسعار ما يستوردونه منهما من إيران، وبشكل جنوني . يضاف الى ذلك هو أن صولاغ قد فتح أبواب العراق للمصارف الإيرانية التي يحاصرها العالم بسبب من العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة ، ولهذا فقد أباح هو فتح فروع للمصارف الإيرانية التالية : ملي ، وسبه ، وصادرات في بغداد والنجف والبصرة ، ولغرض سرقة أموال العراقيين ، إذ أن هذه المصارف تعمل من دون رقابة عراقية عليها .
وعن لغة الأنا الذي يتحدث بها بائع الجوازات المزورة ، ووزير المالية في عراق اليوم ، وكذلك عن ركاكة اللغة ها كم اسمعوا سؤالا وجوابا آخرين من المقابلة التي أجريت معه والتي أشرت لها قبلا :
س/ هناك تقارير تشير إلى عدم تأثير زيادة واردات النفط وزيادة الرواتب عن الشارع العراقي ... هل يوجد تحسن على المبلغ الضخم 79 مليار دولار موازنة العراق؟ .
ج/ هي 70 مليار وهو مبلغ ضخم عندنا 6 مليار دولار بطاقة تموينية انا مخصصها ومليار وربع لشبكة الحماية الاجتماعية وشبكة الحماية يوجد فيها تحسين والدعم الأخر الغير مرئي مثلا" عندك 200 مليون دولار للمهجرين و250 مليار دينار الى العائدين و3 مليار دولار للمحافظات ورواتب الموظفين والمتقاعدين كل هذه تصرف وأنا مخصص لوزارة الكهرباء ما يقارب 3 مليون دولار وهكذا للنفط 3مليار دولار وكذلك بقية الوزارات .
ها انتم تلاحظون أن لا السائل ولا الوزير يحسن التحدث باللغة العربية ولو بشكل مقبول يستطيع القارىء العربي من خلاله أن يفهم المقصود من السؤال والجواب عليه ، ماذا يفهم القارىء من قول السائل(هل يوجد تحسن على المبلغ الضخم 79مليار دولار موازنة العراق ؟) ثم ماذا يفهم القاريء من جواب الوزير غير لغة مشوشة يفهم منها أنه يخرج المال من جيبه ليمن به على العراقيين فيما يعرف بالبطاقة التموينية (عندنا 6 مليار دولار بطاقة تموينية انا مخصصها ).
فهل أراني أجانب الصواب حين أردد مع المتنبي ، ابن الكوفة الحمراء ، على بون المسافة الزمنية بيننا ، وهو الذي عاش في العراق ، ولكنه لم يدخل بغداد حين أحكم الفرس قبضتهم عليها زمن الدولة البويهية ، حين يقول :
وإنما الناس بالملوك وما * تفلح عرب ملوكها عجمُ
لا أدب عندهم ولا حسب * ولا عهود لهم ولا ذممُ
= = = = = = = = = = = = =
* لقد اشترطت إيران على فخامة ! الرئيس جلال الطلباني عزل مستشاره للشؤون العسكرية ، وفيق السامرائي ، إن هو أراد أن يقوم بزيارة الى طهران ، وذلك لأن إيران تشن حربا خفية وعلنية على كل عراقي اشترك ضدها في الحرب التي دارت بين العراق وإيران في سنوات الثمانينيات من القرن المنصرم ، وعلى هذا يكون وفيق السامرائي مطلوبا على رأسه من قبل إيران نفسها أو من قبل عملائها في العراق . وهذا ما يثبت أن كل الضباط العراقيين الذين سقطوا صرعى بعد الاحتلال الأمريكي للعراق سقطوا على يد عملاء المخابرات الإيرانية في العراق ، وبمباركة أمريكية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب