الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الإنتخابات (التمادي في الإقصاء وتكريس ثنائية الشريكين المتفوقين)

أحمد عثمان

2008 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


استبشر الكثيرون بصدور قانون الإنتخابات لعام 2008 واعتبروه خطوة في طريق التحول الديمقراطي المزعوم برغم وجود بعض التحفظات لديهم على بعض مواده ومنها مواد هامة. ولسنا بالطبع نشكك في أن القانون خطوة في سبيل إضعاف النظام الشمولي لحزب المؤتمر الوطني، ولكننا لانرى بأية حال من الأحوال أن القانون يشكل نقلة في إتجاه التحول الديمقراطي. إذ أننا كنا ومازلنا وسنظل نؤكد بأن إتفاقية نيفاشا ودستورها بالتبعية، لايصح إعتبارهما وثيقتان للتحول الديمقراطي ، لأنهما كرستا وجود الدولة الدينية في الشمال، وخلقتا دولتين إحداهما علمانية بالجنوب قد تصبح ديمقراطية إذا شاءت الحركة الشعبية، والثانية دينية في الشمال يسيطر عليها المؤتمر الوطني ومن المستحيل أن تصبح ديمقراطية. هذه المعادلة وللحفاظ عليها، تم تكريسها في تقسيم السلطة بين الشريكين وإلحاق الآخرين بهما من مواقع متخلفة، مع إعطاء اليد العليا للمؤتمر الوطني بالمركز.

وبالطبع جاء قانون الإنتخابات- بإعتباره إبناً شرعياً لنيفاشا- مكرساً لهذا التفوق للشريكين ، ومحافظاً على أكثرية مضمونة لهما – في حال لم تستسلم الأحزاب التاريخية للي الذراع وتقبل بقانون الأحزاب لسنة 2007! فالقانون المذكور- أي قانون الإنتخابات- وفي المادة (3) منه، عرف الحزب السياسي بأنه ذلك الحزب المسجل بموجب قانون الأحزاب السياسية لسنة 2007م، وهذا يعني أن جميع الأحزاب غير المسجلة، لا حظ لها ولا أحقية في خوض الإنتخابات القادمة المزعوم أنها وسيلة للتحول الديمقراطي. فإذا علمنا أن أحزاب الأمة القومي (جناح الإمام الصادق) والحزب الإتحادي الديمقراطي (جناح مولانا الميرغني) والحزب الشيوعي وأحزاب الجنوب التاريخية، كلها غير مسجلة بموجب قانون الأحزاب السياسية لسنة 2007م، نستطيع أن نخلص إلى أن هذه القوى جميعها لايجوز لها خوض الإنتخابات القادمة لأنها ببساطة أحزاب غير مسجلة!

وأمام هذه القوى أمران أحلاهما مر هما:- أن تتنازل عن إعتراضاتها الجوهرية والمؤسسة ضد قانون الأحزاب السياسية لسنة 2007م وتسجل نفسها بموجبه حتى تتمكن من خوض الإنتخابات وبذلك تكون نزلت عند رغبة الشريكين اللذين تجاهلاها وسفها إعتراضاتها عند سن القانون المذكور أو أن تقبل حقيقة أنها خارج العملية الإنتخابية لأنها ممنوعة بنص القانون من خوضها.
ولعله من المفيد أن نذكر بأن الخيار الأول يعني أن تتنكر هذه الأحزاب لتاريخها وتلقي به في المزبلة لتولد كائناً جديداً، لأن قرار مسجل الأحزاب تأسيسياً "constitutive" وليس كاشفاً "declaratory" للمركز القانوني للحزب، ومما يؤكد هذا الميلاد أن أحد شروط قبول تسجيلها هو الإلتزام بنيفاشا، مما يعني وجوب تغيير برامجها السياسية لتتواءم مع نص نيفاشا المقدس!(أخذنا في إعتبارنا أن الأحزاب قد فقدت فرصة التسجيل عبر الإيداع وهي مسألة فيها نظر أيضاً، لأن القانون قيد هذه الفرصة بمدة زمنية قدرها تسعين يوما من تاريخ صدوره. يرجى ملاحظة أننا قد إعتمدنا في مناقشة القانون على مشروعه المنشور بمنتديات على كيفك لتعذر الحصول على نسخة منه فوجب التنبيه).

وبالطبع لسنا في حاجة للقول بأنه في حال إختيار هذه القوى التمسك بموقفها من قانون الأحزاب السياسية، سوف يخلو الجو للشريكين ليصبحا أكبر قوتين في الإنتخابات القادمة التي ستكرس سيطرتهما إستمراراً لنهج نيفاشا في تغييب القوى الأخرى أو إلحاقها من مواقع الضعف. وفي ظننا- وبعض الظن إثم- أن هذا هو السبب الرئيس الذي دفع الحركة الشعبية لقبول قانون الإنتخابات برغم تحفظاتها على بعض مواده. فهي رابحة في كل الأحوال من وجود مثل هكذا تعريف للحزب السياسي. وذلك لأن إختيار الأحزاب قبول التسجيل يضمن لها إلتزام الحزبين الكبيرين بإتفاقية نيفاشا بنص قانون الأحزاب، أما إختيار عدم المشاركة بعدم التسجيل فيضمن لها إستمرار التشكيلة الحالية الملزمة أصلا بالإتفاقية. فإذا أخذنا في الإعتبار أن هاجس الحركة الشعبية الأوحد هو إتفاق نيفاشا وتنفيذه، نجد أن موقفها هذا يتسق تمام الإتساق مع موقفها الأول بالموافقة على إستبعاد التجمع الوطني من المفاوضات التي أدت للإتفاق بالأساس، ومع رضاها بأن تصبح ممثلاً لجنوب السودان فقط وفقاً لنصوص الإتفاق ومعادلة المحاصصة الواردة به.

خلاصة الأمر هو أن الحركة الشعبية حافظت على خطها السياسي الذي إنتهجته منذ ماشاكوس، وأن المؤتمر الوطني يواصل نهجه في تكريس الإقصاء، ولكن المحير هو موقف أحزاب المعارضة التي وضعت بين سندان قانون الأحزاب ومطرقة قانون الإنتخابات وواصلت الصمت حول هذه المسألة شديدة الأهمية. ولاندري ماهي أسباب هذا الصمت والإستمرارفي إبداء التحفظات على النصوص التفصيلية بالقانون الخاص بإنتخابات هي ليست طرفاً فيها بالأساس ! لعل المانع خير.
ولنا عودة لمناقشة مواد القانون بالتفصيل في حال توفر الوقت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس