الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحاديث منتصف النهار

سميرة الوردي

2008 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



( لقد تحدى بروميثيوس الإغريقي الآلهة ليجلب للبشر سر النار ، أما كلكامش فقد ناطح الآلهة ليجلب سر الحياة ومفتاح لغزالموت ومغزى العيش في هذا العمر الضيق ) *
العيش في جنان الأرض ليس كالعيش في جحيمها ، ولجنان الأرض وجحيمها ، أشكال وألوان وصفات متعددة ابتداء من حرية الإنسان في الحب وإنتهاء الى جلوسه في غرفة مكيفة الأجواء شتاء وصيفا .
الحب يختلف من مجتمع لآخر وتختلف وسائل تكييف الجو بين المجتمعات كذلك ، فالحب في مجتمع ديمقراطي يتيح للمرأة والرجل حرية التعبير عن لواعج النفس ، غيره في المجتمعات التي تعتبر كل بارقة حب حقيقي بين البشر كفر وفجور ،
الفرد في المجتمعات التي لاتنتهك فيه حريته ويستظل بظل القانون يحميه ويحاسبه هوغير الفرد في مجتمع يترجرج فيه القانون ويتلوى بمقاسات أصحاب الشأن وعلى ما يطابق مقاساتهم ، فالقانون في الدول المتقدمة لا يقوم به الا ذوو الشأن ، أما في كثير من دولنا فبالرغم من وجود القوانين والدساتير فهناك من يستطيع أن يلوي عنقهما ويقضمهما أو يضيف اليهما ما يتلاءم ومصالحه .
في كثير من الدول التي سادها القانون لا يحتاجون كثيرا للكهرباء في بيوتهم صيفا أو شتاء لأنها بلدان حبتها الطبيعة بجو معتدل ،وبخبرات هندسية عالية جعلت بيوتهم تعتمد على ماتنتجه الطبيعة من مواد خام كخشب الأشجار في توفير التدفئة في بيوتهم من غير أضرار بيئية ، ولكنهم مع ذلك من أكثر الدول حاجة للكهرباء فلا يمكن لدار في أي بقعة من بقاع العالم أن يكون متحضرا آدميا من دون كهرباء تنير لياليه . لا أتذكر بالضبط متى بدأت مهزلة كهربائنا المستعصية المنال وبرمجة قطعها المتواصل وعلى ما أضن ـ ومن يعلم فليخبرني ـ أنه كان في سنة خمس وتسعين من القرن الماضي ـ كما أعتقد أو أتذكر ـ أي مر ما يقرب الثلاث عشرة عاما والوطن غارق في ظلام قاتل ، كم أهلك هذا الإنقطاع من بشر هم أحوج ما يكون لموسم دافئ أو بارد ، وكم أُتلفت مواد استهلاكية وكم فسدت من أدوية وكم تعطلت من أعمال وصناعة ، وكم وكم ولو عددناها ليئسنا من أي تطور ممكن الحدوث ، فتأثيرانقطاعه على الإقتصاد وعلى التنمية كالسم الزعاف في الجسد المعافى ،.
أضف اليها شحة الوقود الأُخرى ، ولولا الشعب العراقي وقدرته على تصبير النفس وإصبارها بالأمل والحلم بانتهاء هذه الأزمات التي مرت به ولم تمر على أي شعب من قبله ولا من بعده لكان مصيره الزوال والجهل والتخلف ولكن مازلنا نجاهد كي نحافظ على إرثنا الحضاري رغم همجية الظروف ومن يقف وراءها .
كلما أبرق لبلاد الرافدين أو بلاد مابين النهرين ( ميسوبوتاميا ) كما سماها الأغريق، أرض النخيل والمياه والبترول ـ والمقابر الجماعية ـ لا أجد جديدا في مشكلة الكهرباء بل تبقى الشكوى المرة منها ، فمن يمتلك نقودا قد يشتري مولدة يشغلها حسب ما يوفره له وقته وجيبه ، وأما من ليس له جيب يصرف منه عليها فالى الجحيم ، وليس أصعب من أن يأتيك جواب أحبتك من أن وحيدتهم الصغيرة مريضة وعندما تسألهم عن مرضها يجيبوك (عندها حرارة من البارحة ، الجو كلش حار عدنا كهرباء ماكوعايشين بجحيم ).
من سيكشف سرسرقة الكهرباء ويجلبه سيخلد خلود بروميثيوس وأكثر. وسيكون من أوائل بناة هذا الوطن الأصيل .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف ساهمت تركيا في العثور على مروحية الرئيس الإيراني المحطمة


.. كأس الاتحاد الأفريقي: نادي الزمالك يحرز لقبه الثاني على حساب




.. مانشستر سيتي يتوج بطلا لإنكلترا ويدخل التاريخ بإحرازه اللقب


.. دول شاركت في البحث عن حطام مروحية الرئيس الإيراني.. من هي؟




.. ما المرتقب خلال الساعات المقبلة حول حادثة تحطم طائرة الرئيس