الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر الفيحاء.. و إقليم البصرة الإنساني

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2008 / 8 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


أود من خلال هذا المقال أن أنوه أولا إلى العمل الوطني المهم الذي تريد قناة الفيحاء إنجازه للمصلحة الوطنية عموما و محافظة البصرة خصوصا من خلال مؤتمر يناقش سبل إقامة إقليم البصرة على أسس قانونية و علمية، و لكن و لكي ينجح المؤتمر يجب طرح المواضيع و المشاكل بأسلوب علمي بعيد عن العاطفة و نظريات المؤامرة التي تقيس كل شيء بمقياس العدو و الصديق لا بمقياس الواقعية العقلانية التي تطرح المشاكل و إيجاد حل واقعية لها، و للأسف هنالك حملة للتشويه و الفوضى الإعلامية ضد مشروع فدرالية إقليم البصرة، و قد لا يدرك المواطن البسيط الذي لا يملك الاطلاع الكافي في المجال السياسي و الإعلامي فيعرف من هم وراء هذه الحملة، و بالتأكيد فإن مروجي الطائفية و القومية يعانون الآن من هاجس نجاح هذا المشروع السياسي الإداري الاجتماعي لسبب أساسي وجيه هو أن إقليم البصرة ليس إقليما قوميا أو مذهبيا طائفيا، و هذا بحد ذاته تهديد لكل العملية السياسية المنافقة القائمة على التحاصص الطائفي القومي، و نحن إذ نشجب المحاصصة فإننا نؤشر في الوقت ذاته على نفاق فئات سياسية تشتم المحاصصة ثم تسعى على أرض الواقع إلى المحاصصة لفشلها في الاستحقاق الانتخابي، أو أنها تنافق بحيث تدعو إلى التوافق "في المركز بغداد" بينما هي في الأطراف تدعو إلى ديمقراطية حكم الأغلبية و هو ما يدل على رفضها الكلي للديمقراطية.
إن مشروع إقليم البصرة يجب أن يقوم على أسس علمية و عقلانية و بدون شعارات طائفية أو قومية، و سيكون من الخطر أن تُضم البصرة إلى ما يسمى "إقليم الجنوب"، الأكيد أن كل اتحاد أو إقليم واسع يضم أكثر من محافظة سيكون عرضة لتسلط مركز آخر و الفساد المالي و الروتين الإداري و هيمنة الحزب و سياسات زعيم الحزب، لكن و كما أسلفنا في مقال سابق فإن الفدراليات الصغيرة تكون أسهل من حيث الإدارة و إيصال الشكاوي و معانات المواطنين و حل مشاكلهم إضافة إلى أن هذا النوع من الفدرالية الإدارية تتيح للشعب أن ينمّي حسّه الوطني و الهوية العراقية بينما فدرالية الجنوب التي يروج لها بعض المتاجرين بمأسات الشيعة، هذه الفدرالية ستكون سببا في إلهاء الشيعة بأعداء "خارجيين" هم في الحقيقة إخوتهم في الوطن ذاته، كما أن ظهور الفدرالية ذات "الهوية المزيفة" القومية أو الطائفية يكون دوما سبب صراع فيسعى كل طرف إلى ابتلاع أرض "متنازع عليها" و بالتالي تكون النتيجة حروبا و موتا بدل السلام و الحياة.
أنا مع إقليم البصرة إذا لم يتحول هذا الإقليم إلى أرض احتكار لأحد الأحزاب، كما هو حال تجارب موجودة على الأرض العراقية، فيمنع الدعوة أو التنظير لأي حزب أو فكر عدا فكر الحزب المناضل الوحيد الأحد، من هنا كان لزاما على كل التنظيمات السياسية و الحزبية و منظمات المجتمع المدني و الشخصيات الاجتماعية و الدينية أن يدعموا هذا المشروع بالتعددية الفكرية و السياسية و الحزبية، و الخشية هنا تكمن في أن يقوم حزب من الأحزاب بالهيمنة و فرض نمط ديني و حزبي على الإقليم المزمع إنشاءه، و رغم كل المخاطر التي سترافق إنشاء هذا الإقليم إلا أن أفضل ما في التجربة هو خوضها بحلوها و مرها كون التغيير و التعلم من الأخطاء هو الهدف الأساس من أي تجربة، بشرط أن تكون التجربة مصحوبة بالحرية الفكرية و إبداء الرأي.
الأمر الآخر الذي يجب أن يعرفه كل من يطمح إلى بناء الفدرالية هو أن الفدرالية لا تعني بحال من الأحوال الخروج على الخطوط العامة للدولة كالسيادة و الاتفاقات الدولية و ضبط الأمن الداخلي و العلاقات الدبلوماسية و الأهم من كل هذا أن لا يصبح الإقليم أو الاتحاد أشبه بالجسم الغريب الذي ينتهي بأن يرفضه الجسم الأكبر ـ الدولة ـ و تكون الكارثة في أن تفشل التجربة بالكامل، فلا يمكن لمحافظ البصرة أن يقرر ما من شأنه التدخل في الحياة الشخصية للمواطنين بحجج دينية أو غيرها و يجعل من نفسه وليا على أخلاق الناس و حياتهم اليومية، و للأسف فإن لمحافظة البصرة سوابق سيئة في هذا المضمار تشبه تصرفات محافظين آخرين تابعين لحزب من الأحزاب "المناضلة"!! يتدخلون في حياة الناس بحجج قومية أو طائفية، إذ سبق لنا أن رأينا قرارات لمجلس محافظة البصرة ضيق بموجبها على الحريات العامة و منع استيراد المشروبات الروحية تحت مختلف الحجج، بالتالي لا يمكن أن تكون للبصرة مثلا شرطة "أمر بالمعروف و نهي عن منكر" كما هو في السعودية و إيران، و على الدولة أن تنسق بهذا الشأن بحيث يتم إنشاء أي مشروع سياسي تحت رعايتها و بعلمها لتفادي التناقض السلبي، فنرى مثلا أن إقليما من الأقاليم سيقوم بعناد متعمد للمركز و ليس من منطلق حرصها على مصالح المواطنين و توفير الخدمات المفقودة أصلا.
الأهم من كل ما سبق هو أن تتخذ الأحزاب ذات النفوذ العريض بين أهالي مدينة البصرة قرارا جديا بأن تجعل الحرية و حقوق الإنسان من ضمن الأولويات لإنجاح المشروع و لكي لا تتحول البصرة إلى مشروع صراع ـ كما حصل في تجارب سابقة ـ بالتالي تكون الكارثة أن تصبح الفدرالية و هي من أنجح المشاريع السياسية في دول العالم الحر إلى تقسيم غنائم بين أحزاب لكل منها استعداد على فرض رؤيته على المجتمع و النظام بدلا من التنافس السلمي الذي يتيح للجميع الحرية في التعبير و نمط العيش و أن لا يكون هناك من ثوابت غير الحرية و الديمقراطية و حقوق الفرد و حرياته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: ألبانيا تصدم كرواتيا بتعادل متأخر 2-2 وتعقد


.. فصائل مسلحة عراقية تطالب بانسحاب القوات الأميركية | #الظهيرة




.. القائم بأعمال الخارجية الإيرانية يلتقي رئيس المكتب السياسي ل


.. رئيس شركة بوينغ يواجه استجوابا بشأن راتبه وشفافية معلومات إد




.. أصوات من غزة| الحرب غيرت حياتهم.. أطفال غزة يعملون لإعالة أس