الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تستطيع لجان التحقيق طمس الأهداف الاستراتيجية الاساسية للحرب الاستراتيجية العدوانية الانجلو امريكية على العراق واحتلاله؟!

احمد سعد

2004 / 3 / 15
ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري


ملف الحرب الاستراتيجية العدوانية الانجلو امريكية لا زال يلاحق ادارة بوش الامريكية وحكومة بلير البريطانية مهددًا بحسم مصير المجرمين وأفول نجومهم عن كراسي صياغة القرار السياسي في بلديهما. فالجميع يتذكر ان الذريعة الاساسية التي لجأ اليها نظاما بوش وبلير لتبرير شن الحرب على العراق وتجاهل موقف هيئة الشرعية الدولية كانت الادعاء بان نظام صدام حسين يمتلك اسلحة دمار شامل، كيميائية وبيولوجية وذرية، تهدد أمن المنطقة والعالم وحتى الأمن الامريكي. و"لاثبات" وجود اسلحة دمار شامل في العراق الّف المحتل الانجلو امريكي طاقم تفتيش من خبراء امريكيين وبريطانيين، ترأس الطاقم الامريكي ديفيد كاي. وأقيم هذا الطاقم وباشر عمله في شهر نيسان، أي بعد شهر من احتلال العراق عسكريًا. وبعد عشرة أشهر بالكمال والتمام من التفتيش فنّد رئيس الطاقم الامريكي، ديفيد كاي، أمام الكونغرس الامريكي في 28 كانون الثاني 2004، المزاعم الانجلو امريكية باعلانه "أن بغداد لم تكن تملك أسلحة دمار شامل قبل الحرب التي شنتها  الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق في آذار/ مارس 2003. وان الارض العراقية خالية من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية منذ عقد من الزمن قبل الحرب"!!
وانكشاف أكاذيب المزاعم الامريكية والبريطانية حول أسلحة الدمار الشامل في العراق قد حشر ادارة بوش وحكومة بلير في زاوية الادانة. فإدارة بوش أصبحت تواجه نارين محرقتين، نار المقاومة العراقية المتصاعدة ضد المحتل الانجلو امريكي التي تعكس حقيقة فشل المحتل في بناء قواعد الأمن في العراق وتكبده الخسائر الفادحة يوميًا، البشرية والمادية، ونيران المعارضة الداخلية في أمريكا، من القوى المناهضة لاحتلال العراق والناشطة لجلاء القوات الانجلو امريكية الغازية وضمان استقلال وحرية العراق، ومن الحزب الدمقراطي الامريكي الذي ينافس بوش وحزبه الجمهوري في سنة الانتخابات للرئاسة والكونغرس، والذي يتطلع ليكون البديل السلطوي لادارة بوش. فبعد تقرير كاي بدأت تهبط شعبية بوش بين أوساط الرأي العام الامريكي، ولأول مرة منذ الحرب الاستراتيجية العدوانية على العراق تهبط  شعبية جورج دبليو بوش تحت الخمسين في المئة في استطلاع الرأي العام. فحسب تقرير أعده معهد "جالوب" بناء على طلب صحيفة "يو.إس.ايه.توديه" وشبكة "سي.إن.إن" لم يحصل بوش سوى على 46% من الأصوات بينما منافسه الدمقراطي على الرئاسة جون كاري فقد حصل على 53% من الأصوات. ويعزو معارضو التصويت له أسباب عدم دعم بوش والتصويت له الى سببين مركزيين، الأول، عدم رضاهم من طابع سياسة بوش في معالجة الأوضاع الاقتصادية، خاصة اتساع دائرة البطالة التي وصلت الى أكثر من (6,4%) من القوة العاملة الأمريكية وفي ظل الركود الاقتصادي. والثاني، أن بوش ضلّل الشعب الأمريكي بجره الى أتون حرب غير عادلة ضد العراق وبادعاء كاذب يزعم بوجود أسلحة دمار شامل في العراق.
إن الكشف عن أكاذيب الادارة الامريكية والحكومة البريطانية فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل يؤكد مصداقية ما أكدناه قبل وإبان وبعد الحرب العدوانية على العراق، بأن الدافع المركزي لشن هذه الحرب،  ليس أبدًا وجود أو عدم وجود أسلحة دمار شامل، وليس أبدًا الاطاحة بنظام صدام حسين لإنقاذ شعب العراق من نظام دكتاتوري دموي وضمان حريته كما ادعى الغزاة المحتلون، بل كان الدافع والهدف استراتيجيًا يندرج في اطار المخطط الكوني لإدارة عولمة الارهاب الامريكية بالهيمنة المباشرة على العراق وثروته النفطية كمقدمة ومحفز استراتيجي للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط واقامة نظام مناطقي جديد يدور في الفلك الامبريالي الامريكي ويخدم مصالحه ومصالح احتكاراته عابرة القارات استراتيجيًا وعسكريًا. كما أكدنا أن الاطاحة بنظام صدام حسين والادعاء بوجود أسلحة دمار شامل في حوزته كانا الذريعة والوسيلة على طريق انجاز الهدف الاستراتيجي المذكور.
إن بوش يدرك جيدًا أن نسف أسس ذريعته الأساسية لشن الحرب على العراق قد يضع مصيره كمصير والده، على كف عفريت، ويخسر، كوالده بعد حرب الخليج، في عدم الحصول على ولاية رئاسة ثانية. ولهذا، نرى بوش هذه الأيام يلجأ الى المراوغة والى التفتيش عن كبش فداء يزيح عن كاهله المسؤولية والاتهام بالكذب والتضليل ويطمس الحقيقة عن الهدف الاستراتيجي من وراء شن الحرب على العراق. حتى وزير خارجيته، كولن باول، يشارك رئيسه باللجوء الى نهج المراوغة والتنصل من المسؤولية. ففي تصريح له لصحيفة "واشنطن بوست" قال باول "انه لا يعرف ما اذا كان سيؤيد مهاجمة العراق لو قيل له ان هذا البلد لا يملك ترسانة من أسلحة دمار شامل"!
وتحت ضغط الرأي العام الامريكي ولمواجهة منافسة الحزب الدمقراطي خاصة بعد تقرير كاي وقبل حوالي عشرة أشهر للانتخابات الرئاسية لجأ بوش الى المراوغة وصرح يوم الاثنين الماضي (2/2/2004) أمام الصحفيين في ختام اجتماع لحكومته في البيت الابيض "انني أشكل لجنة تحقيق مستقلة تضم ممثلين عن الحزبين الجمهوري والدمقراطي لتحليل الوضع الذي نحن فيه". ويعكس العديد من المؤشرات والدلائل انه لاخفاء الاهداف الحقيقية من وراء شن الحرب على العراق فإن التركيز سيكون على محاولة اعفاء الادارة السياسية - ادارة بوش - من المسؤولية وتحميلها للجهاز المخابراتي ككبش فداء، كما تعكس هذه المؤشرات جرجرة التحقيق سنوات طويلة بهدف اتمام المخطط العدواني في العراق والمنطقة وافراغ الموضوع من مضمونه الحقيقي. ومن أهم هذه الدلائل والمؤشرات ما يلي:
اولا: توجيه الاتهامات، من مختلف الاتجاهات لدائرة الاستخبارات الامريكية. فديفيد كاي لم يوجه الانتقادات الى الزعامة السياسية بل الى الاجهزة الاستخباراتية. وبعد اعلان بوش عن اقامة لجنة التحقيق صرح العديد من حلفائه والمقربين منه انهم "أيدوا الدعوات لاجراء تحقيق خوفًا من أن تكون شبكة الاستخبارات الامريكية، الأكبر والأكثر تطورًا في العالم، تعاني من عيوب خطيرة".
ثانيًا: ان بوش باعلانه عن اقامة لجنة التحقيق المستقلة، قد صادر استقلاليتها قبل اقامتها وأفرغها من مضمونها الأساسي. فقد أعطى بوش لنفسه صلاحية تعيين اعضاء هذه اللجنة، أي انا أحاكم أنا. وحسب تاكيدات مسؤول بارز في الادارة الامريكية طلب عدم الكشف عن اسمه ان اللجنة التي يتوقع ان تضم تسعة أشخاص ستقدم تقريرًا باستنتاجاتها في عام (2005) أي بعد الانتخابات الرئاسية الامريكية المقرر اجراؤها في تشرين الثاني/ نوفمير القادم.
ثالثًا: ان بوش وسع مهمة لجنة التحقيق بحيث "تنظر - على حد زعم بوش - في حربنا ضد انتشار أسلحة الدمار الشامل في اطار أوسع"!! أي أن التحقيق سيشمل النظر في المعلومات الاستخباراتية  حول كوريا وايران التي صنفها بوش، اضافة الى العراق ضمن ما أسماه "محور الشر"! ولم تمض 24 ساعة على اعلان بوش عن اقامة لجنة التحقيق حتى أعلن عرّابه وحليفه في الحرب الاستراتيجية العدوانية على العراق وكونيًا، رئيس حكومة بريطانيا، طوني بلير عن اقامة لجنة تحقيق شبيهة علها تنقذ مصيره السياسي الآيل الى الزوال، خاصة وان شعبيته وصلت الى الحضيض ويُتهم بالكذب والتضليل في كل ما يتعلق بتورط بريطانيا الى جانب الولايات المتحدة في الحرب ضد العراق.
ما نود تأكيده في نهاية المطاف أن نسف المزاعم الانجلو أمريكية حول وجود أسلحة دمار شامل في العراق استغلتها كذريعة لشن حربها العدوانية الاستراتيجية يجعل من  المنطق ومن الأهمية بمكان تصعيد التضامن العالمي وعلى مختلف الصعد الرسمية والشعبية لتخليص شعب العراق من براثن الاحتلال الانجلو أمريكي غير الشرعي وغير الانساني ومساعدة العراق على استعادة هويته  المستقلة كدولة سيادية على كامل التراب الوطني المحتل. كما يكتسب نسف مزاعم الغزاة  المحتلين أهمية عالمية في المعركة لمواجهة مخطط الهيمنة الأمريكية كونيًا تحت يافطة مختلف الذرائع الكاذبة مثل "محاربة الارهاب". لقد ادعى رئيس طاقم التفتيش الامريكي، ديفيد كاي الذي فضح أكاذيب ادارة بوش بتأكيده خلو الارض العراقية من أسلحة الدمار الشامل، ادعى في تصريح له لبرنامج "فوكس نيوز صنداي" التلفزيوني "ان تشكيل لجنة التحقيق ليس مهمًا فقط للامة الامريكية بل هو مهم كذلك لمصداقيتنا كقوة عالمية وعلاقاتنا مع حلفائنا"!! وما نود قوله لكاي ولغيره من خدام المصالح الامبريالية الامريكية انه بالاضافة الى عدم ثقتنا بنزاهة لجنة تحقيق يعينها المسؤول الاول عن ارتكاب الجريمة، الرئيس بوش، فإنه لن تكون اية مصداقية لهذه القوة العالمية على ساحة العلاقات الدولية ما دامت تمارس سياسة عولمة ارهاب الدولة المنظم في اطار مخطط استراتيجي مرسوم للهيمنة دوليًا بقوة البلطجة العدوانية العربيدة وبهدف اقامة نظام عالمي جديد بزعامتها ويخدم مصالحها السياسية والاستراتيجية ومصالح احتكاراتها عابرة القارات ومتعددة الجنسيات اقتصاديًا. 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة