الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللــون الأحمــــر

محيي هادي

2004 / 2 / 8
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


بين يدي كتاب يتحدث عن الاعتقادات الشعبية الموجودة في بعض المجتمعات الاوروبية ، و الكتاب يتحدث عن أشياء كثيرة، و لهذا  فعندما يصل الى اللون الأحمر يذكر أن هذا اللون ممقوت من قبل المشعوذين و مكروه  من قبل الحسودين و الذين يرمون الناس بعيون السوء، و دفعا للشر فإن أم الطفل الرضيع تشد خرقة حمراء في شَعر طفلها الى أن يبلغ النضوج.
و يذكر الكتاب اعتقادا آخرا عن أن أمراض الحنجرة تقل حدتها عندما تشد قطعة قماش حمراء حول الرقبة.
و إن السيارة الحمراء تتعرض للحوادث بشكل أقل من السيارات ذات الألوان الأخرى. و لهذا فليست غريبة عن هذا الاعتقاد الأوروبي، النكتة التي تحكى في السعودية من أن سيارة الشوفرليت الحمراء  لا تطمس في الرمل و لا تندعم.
و في أسبانيا، و في الليلة الأخيرة من  كل عام يلبس الفتيان و الفتيات  لباسا داخليا أحمرا كتعبير عن الحيوية و الحياة التي يتميزون بها.
و نعرف جميعا أن الدم هو ذا لون أحمر، و الدم هو حامل للحياة  التي تنبض في  أجسادنا، و يزداد احمرارا عندما يحمل غاز الأوكسجين مصدر طاقة استمرار الحياة.
في الستينات، و في الأيام التي سبقت مؤامرة 8 شباط 1963 المشؤومة،  و في منطقة قبر الإمام الأعظم أبي حنيفة، قرر القوم?ـيون و البعثيون على اختلاف ألوانهم مقاطعة اللون الأحمر، فقاطعوا الر?ي الأحمر و الطماطة الحمراء. لم يكن أصحاب هذه المقاطعة يأكلون الر?ي الأحمر و لا الطماطة الحمراء فهكذا خلت زلاطتهم من الطماطة الحمراء و أصبحت أكلاتهم تطبخ بدون معجون طماطة و صارت ألوان مروقهم صفراء تحمل لون الكركم الأصفر فقط، و استغنوا عن السما? عند أكل الكباب. و لهذا فإن أسعار الر?ي الفطير و الطماطة الخضراء قد ارتفعت، أما أسعار الأحمر من الر?ي و الطماطة  و السما? فقد انخفضت. و ليس غريبا أن نقول أن المناطق التي تحب الر?ي الأحمر و الطماطة الحمراء قد أعجبها هذا القرار البعثي القوم?ي فإن الاسعار قد انخفضت في هذه المناطق، و قد شبع الناس من الر?ي الطيب و الطماطة العظيمة و من المعجون.
 و لم تسلم باصات النقل الحمراء، الحكومية و الأهلية من قرار المقاطعة، بل  و تعرضت الى ألوان عديدة من الاعتداءات القوم?ية، فباصات مصلحة نقل الركاب في بغداد كانت تُرمى بالحجر أثناء مرورها بمنطقة الأعظمية، هذه المنطقة التي أخذت اسمها من اسم الإمام الأعظم  أبي حنيفة، هذا الإمام الذي كان يعادي أفكاره إمام آخر، إبن حنبل، و سار على نهجه  تلامذته من  إبن تيمية  و أشباهه  "من الذين أحيوا الدين و أبطلوا البدعة"(!). و قد اصبح الآن  أتباع ابن تيمية التجسيد  الحاضر لأخس أنواع الإرهاب و التقتيل.
و يتساءل المرء : لماذا هذه المقاطعة العجيبة الغريبة؟ ما هو الذنب الذي اقترفه اللون الأحمر؟ و لكن عندما يعرف السبب يبطل العجب. إذ أن اللون الأحمر قد اتخذته الحركات اليسارية لونا لأعلامها، لأنه يعبر عن لون الحيوية و الشباب.  و كحركة مضادة استخدم القوم?ية اللون الأصفر كشعار لهم، و يعرف الجميع أن اللون الأصفر هو اللون التي يحمله المريض بداء الصفرة و اليرقان، بل و يحمله كل مريض مهما كان مرضه.
لم يكن اللون الأحمر فقط هو اللون الذي تعرض لعداء الإرهابيين بل أن كل الألوان قد تعرضت لهذا العداء. و لهذا فإن الإغتيالات التي تعرض لها الشيوعيين العراقيين في مؤامرة شباط المشؤومة لم تقف عندهم بل اجتازتهم الى كل الفصائل الوطنية العراقية، و لم يسلم من الاغتيال  و التعذيب أي فصيل مهما كان.
إن الإرهابيين من بعثيين و قومـ?يين و سلفيين قد أصبح كرههم للون الحياة مرضا عميقا قد أخذ بعقولهم  فهم لا يحبون رؤية الدماء الحمراء تسير في أجساد الناس، أي ناس  كانوا، بل يريدون إراقة كل دم زكي، فلم يسلم من اغتيالاتهم لا الطفل و لا الشيخ و لا الرجل و لا المرأة و لا العربي و لا الكردي، و ما التفجيرات  الإنتحارية التي يقوم بها السلفيون، انصار البعثييين الدمويين، و الذي يذهب فيها العديد من الأبرياء، ما هي الا تأكيد على المرض الذي يسري في أجساد معادي لون الحياة الأحمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقوى تعليقات على كابلز وفيديو كليبات مع بدر صالح ????


.. خوارزميات الخداع | #وثائقيات_سكاي




.. من هي وحدة عزيز في حزب الله التي اغتالت إسرائيل قائدها؟


.. رئيس التيار الوطني الحر في لبنان: إسرائيل عاجزة عن دخول حرب




.. مراسلتنا: مقتل قائد -وحدة عزيز- في حزب الله باستهداف سيارته