الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتيال الثقافة في جسد الشهيد كامل شياع.

مالوم ابو رغيف

2008 / 9 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان الذين اغتالوا الشهيد كامل شياع، فردا كان مجموعة او جهة، لا يحملون له عدواة ولا ضغنا شخصيا ، فهو كشخص كانسان، لم يكن عدو لاحد ولا منافس لاحد ولا ندا لاحد، مغتالوه ربما لم يعرفوه ولم يخالطوه، فهو لا يهمهم كشخص، كانسان، ولا حتى كسياسي، لم يكن في قوائم الاغتيالات للاحزاب السياسية كمناوؤ او طامع بكرسي او منصب، فهذا لم يكن شانه ولم تكن غايته، لكنه كان مدرجا في قوائم الاغتيالات السوداء، كثقافة، كمنهج، كرمز لتفكير جديد، كطريق لمشروع اخر تضئ حروفه وتسطع كلماته فتهدي نحو مستقبل مشرق يبتعد بالانسان عن كور العتمة والظلمة والتخلف.
وان كان المغتالون لا يحملون عداوة ولا ضغنا شخصيا ضد الشهيد، الا انهم يحملون ثقافة مغايرة، ثقافة الموت والفناء ، ثقافة تعشش بين براثنها جراثيم المرض والتفسخ والانحلال ، ثقافة ظلامية ظالمة متوحشة دموية رعناء، لا يهمها الانسان ولا سعادته، ولا مستقبله ولا مستقبل اطفاله، ما يهمها هو ان يعيش الانسان في جهل الاوهام الغيبية، في الخضوع لفتاوى واحكام وايات واساطير واحاديث يناقض بعضها البعض الاخر يتحول الانسان في ظلها الى مسخرة. ثقافة لا تترك حيزا شخصيا اوخاصا للانسان الا ودست انفها الكريه فيه، فعكرته وافسدته وسلبت منه كافة جماليات الحياة وجعلته مشروعا للموت.
في ثقافة العتمة والظلام لا يوجد معتدل او متطرف، فكلهم سواء، لا فرق بينهم، فمن يموت في سبيل الله، والاله عندهم متناقض بذاته غير منسجم بصفاته، له وجوه متعددة ، لكننا ابدا لا نرى الا وجه المنتقم الجبار ولم يرينا يوما وجه ارحم الرحمين ، من يموت في سبيل هذا الاله المتناقض حتى وان قتل الاف الابرياء وليس الشهيد كامل شياع فقط، فهو عندهم خالد في الفراديس العليا من جنات مشبعة بروائح الجنس والشذوذ.
لن يتطوع احد لقتل انسان مثل الشهيد كامل شياع ، فشخص مثله يذهب بكل طمانينية الى شارع الكتب ليشتري حاجته منها وليس كما يفعل الزاهدون الاسلاميون الذين يشترون حتى ملابسهم الداخلية من الخارج، لا تحيط به وجوه حرس متجهمة لعتاة قساة غلاظ القلوب والافعال ولا فرق امنية مدججة بالسلاح مثل تلك التي تحيط بالجابري وكيل الوزارة واصناف الجابري فتضرب الصحفيين والمارة ، مثل الشهيد كامل شياع يتردد حتى القاتل المحترف عن قتله، لا يقتله الا اسلامي عصرته ثقافتة الظلامية فلم تبقي فيه ولو قطرة واحدة من رحمة او انسانية، جعلته متوحشا ساديا انانيا عبدا لشهوات وعدوه انه سيشبعها ويسعد بها في الجنة.
انه صراع لا ينتهي بين ثقافتين، ثقافة الموت مقابل ثقافة الحياة ، ثقافة التخلف والتاخر مقابل ثقافة التحضر ، ثقافة الخضوع والخنوع مقابل ثقافة التقدم والتحرر. لذلك اقتسم الاتجاهان الاسلاميان الشيعي والسني في ما بينهما وزارة التربية ووزارة الثقافة، ليستوز الاولى ملا خضير الخزاعي دكتواره بالغناء القرآني او ما يسمى مجازا التجويد!! والثانية لمؤذن ارهابي قاتل كل مزاياه انه ابن اخت الملا طارق المشهداني نائب رئيس الجمهورية. ولا عجب ايضا ان عجت هاتان الوزارتان بالاسلاميين المؤمنين، ليحولوها مرة الى جامع ومرة الى حسينية، مرة تقام بها الماتم ومرة المولد النبوي وتمجيد ابن تيمية.
لقد اغتالوا الثقافة في شخص الشهيد كامل شياع، فلو كان في موقع اخر، غير ذلك الذي لا بد ان يكون فيه، لما اغتالوه.
سلسلة الاغتيالات للثقافة العراقية، للثقافة الانسانية، للثقافة العلمية ستبقى منقوشة في ادعيتهم وخطب جمعتهم وفتاويهم واقاويل سلفهم وخلفهم، وما على المغسولة ادمغتهم دينيا الا البحث عن رمز يحمل شعلة النور في صدره وفي قلبه كما حملها الشهيد كامل شياع لكي يطفئوا نور العلم والمعرفة بكواتم الصوت من مسدساتهم القذرة، الا خاب ما كانو يعملون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل