الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العوامل البشرية والمادية المؤثرة في التنمية السياحية (3*)

فدى المصري

2008 / 9 / 1
الادارة و الاقتصاد


تستند المشاريع السياحية على الموارد المادية المتاحة للفرد ضمن مجتمعه، حيث أن موارد الأرض من بيئة طبيعية شكلت البنية الأساسية للاستثمار السياحي ،إذ يتم استثمار جمال الطبيعة في انتشار مرافق الحيوية السياحية من مؤسسات إيوائية ، إلى مطاعم ونوادي ليلية ، إلى شبكة خدماتية تستهدف تقديم الراحة وكافة احتياجات السائح الوافد إلى هذه المرافق . ومن ابرز العوامل المادية المتفاعلة في تنشيط القطاع السياحي هي :
الطبيعة الجغرافية ،المواصلات ووسائل النقل والاتصال ، المرفق الإيوائية ،البنوك، حيث تتفاعل كل هذه العوامل في تنشيط القطاع السياحي الذي أخذت تتطور مع تطور التكنولوجية الترفيهي من تقنيات تسهل تنقل الإنسان وتقدم له الراحة والاستجمام بأفضل وسائل وأقل تكلفة .
إن الطبيعة الجغرافية تلعب دور أساسي في تنشيط حركة السياحة تبعا لما يتمتع به المجتمع من بنية خضراء وبنية مائية تعكس جمالية الرؤية يطرب لها العين وتنسجم معها النفس البشرية ، لما تعكسه هذه الطبيعة من جمال وطيب منظر ورائحة ذكية ، عدا عن هواء نظيف تنتعش له الرئة من ضغط المدن وتلوثها ، وفق مناخ معتدل يستطيع الإنسان أن يتأقلم مع هذا المناخ وما يحققه للإنسان من إشباع هواياته وخاصة الرياضية منها وهذا لما يعود إلى الموقع الجغرافي القريب من البحر ، أو الذي يحتوي على جبال كثيرة مرافقا ً للثلوج الغنية ، الغابات، الصخور والشلالات المائية الطبيعية التي تمد الإنسان الرغبة في التنزه وتنشيط قدراته عبر ممارسته بعض النشاطات تتلاءم مع الوضع الطبيعي. ومن هنا اعتبر بلاد الشرق مقصد سياحي هام ، تبعاً لما تحتويه من جمال طبيعي ، ومن اعتدال مناخي يحقق السائح النقاهة وذلك عبر ممارساته لأكثر من هواية السباحة والتزلج في آنٍ معا ً و نذكر هنا لبنان الذي يتمتع بهذه الخاصية ، والذي شُكل على ضوء ما يتمتع به من خصائص طبيعية وجغرافية نظامه الاقتصادي الذي يستند على القطاع السياحي ألخدماتي بشكل رئيسي، وكلما نجد أن المجتمع غني بالآثار كلما شكل عامل جذب سياحي ، لما تحقق هذه الآثار من رغبة في الاستطلاع على حياة الإنسان البدائي وفضولية لدى محبي التاريخ أن يستطلعوا بقايا الإنسان الأول وفق شكل الحضارة وشكل الآثار المتبقية .
إلا أن الطبيعة وحدها لا تكفي لتنشيط السياحة من دون وجود سياسة للبنية التحتية منتظمة تسهل للسائح إقامته بالبلد المقصود وبالأخص شبكة من المواصلات التي تسهل تنقل الإنسان ضمن هذا البلد ، أو من البلد إلى الخارج والعكس ، من هنا تم تطوير شبكة المواصلات البرية والبحرية والجوية ، عبر تطوير تعبيد الطرقات والأسترادات الرئيسة منها وربطة المدن الرئيسية بالقرى الاصطياف ، كما تم تطوير المطار والمرافق الحيوية المتصلة فيه ، مع تنظيم الرحلات عبر شركات الطيران ، وكذلك التنقل البحري عبر تنظيم المرافئ ، وكل ذلك ، يبغي تسهيل تنقل الإنسان الذي يشكل العنصر الأساسي لتنشيط القطاع السياحي الذي نشط بشكل كبير على أكتاف وسائل النقل . والجدير بالذكر هنا أن أقدم وسائل شبكة النقل تعود للإمبراطورية الرومانية التي أنشأت شبكة من الطرق المصفوفة (Chaussées ) حوالي 220 ق.م. انطلاقا ً من روما باتجاه مدينة ( Rimini ) على الادرياتيكي ومنها شمال إيطاليا ، وتوصلوا خلال ثلاث قرون إلى بناء شبكة طولها 80 ألف كلم تربط أنحاء الإمبراطورية الرومانية ( في أوروبا المتوسطية وشمال أفريقيا والمشرق العربي )وكانت هذه الطرقات مجهزة بالأنصبة الموضوعة على أطراف الطرقات ، تحدد البعد عن مدينة روما ، عاصمة الإمبراطورية وكانت لهذه الطرقات أهمية كبيرة في تواصل الشعوب مع بعضها وعبر تسهيل تنقلاتهم ورحلاتهم التجارية . كما نجد أن تطور شبكة سكك الحديدية الفرنسية قد ساهمت بإقامة سلسة من الفنادق والمطاعم على طول شبكة السكك الحديد ، وتكون بذلك قد ساهمت في تنمية الصناعة الفندقية الحديثة التي طالت شركات فندقية ضخمة فرضت وجودها في كل بلدان العالم مؤخراً . وباختصار نجد أن اختيار وسيلة النقل من قبل السائح وفق ما تحققه له من عناصر ثلاث أساسية ألا وهي الأمان والسرعة والتكلفة . كما أن وسائل الاتصال والتواصل المرافقة للشبكة المواصلات قد كان لها عامل حاسم في ازدهار السياحة وتنشيطها ، وذلك تلبية ألامان الاجتماعي للسائح في بلد الغريب ، من عناصر اتصال ببلده الأم عبر الهواتف ، والبريد ، ولعل الانترنت شكل محطة جذرية هامة في تسهيل احتياجات السائح عبر مده بالمعرفة المسبقة للمسافرين عن المعطيات اللازمة بالمناطق السياحية المقصودة ، من خلال تجوالهم بشبكة الانترنت التي تضيف لهم كل المتطلبات ، من حجز ، إلى اختيار مكان الإقامة ، واختيار المرافق الذي يود زيارتها المسافر قبل مبادرته بالجولة السياحية .ولعل الإعلام له دور هام في التأثير على النشاط السياحي وتطويره عبر بثه برامج وثائقية عن خصائص البلدان السياحية ونمط مرافقها الإيوائية والخدماتية والآثاراتية وآثارها التاريخية ، عبر الإعلانات والدعايات التي تجذب السياح من كل أقطار العالم .
لا يمكن للسياحة أن تنشط دون وجود مرافق إيوائية و تعتبر هذه المرافق الإيواء السياحي من العوامل المؤثرة في التنشيط هذا القطاع وتنميته ؛ وتشمل هذه المرافق جميع المؤسسات التي تستقبل النازلين. وتشمل جميع المؤسسات السياحية الخاصة المعدة لاستقبال النزلاء والمسافرين والمجهزة بالأثاث والمنافع الصحية اللازمة والتي تقدم ، بقصد الكسب المادي الإقامة مع الطعام أو بدونه وهي:الفنادق على اختلاف أنواعها ( الفندق الدولي ، السياحي ، الرز يدنس، الفندق العائلي ، الشقق المفروشة ) ، والمؤسسات المعدة للسياحة الجماعية والاجتماعية ( الموتيل ، الأوبرج ؛ الشاليه ).وقد لاقى هذا القطاع رواجا ً كثيرا ً ، لما حققه من جذب للسياح ، ولما انعكس إيجابا ً على القطاع السياحي والخدماتي والتجاري بشكل عام ، ولما حقق هذا الربح البالغ الأهمية أطلقت شركة الطيران الفرنسية شبكة من الفنادق " Meridien" على غرار الشركات الجوية الكبرى مثل شركة اليابانية التي تملك شبكة فنادق " Nikko " وشبكة طيران لوفتهنزا "Lufthansa" ، التي تملك شبكة فنادق " penta" . وقد استطاعت الشبكات الفندقية بفضل سياسة التسويق والترويج التي تنتهجها من الوصول إلى تشكيلة واسعة من الزبائن وخاصة من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين ، الذين عززوا القطاع السياحي وفق ما يمارسونه من نشاطات ترفيهية تخفف عن كاهلهم أعباء أعمالهم المهنية ، فامتدت نشاطاتهم السياحية لممارسة بعض الهوايات ، أو زيارة بعض الأماكن الأثرية ، أو الوفود للنوادي الليلية التي نشطت مع تطور قطاع الفنادق ومرافقه الحيوية . فهذا القطاع الفندقي قد نشط السياحة بشكل فاعل من حيث المردود السياحي والاستثمار العقاري المرافق لتشيد هذه المرافق الإيوائية، عدا عن فتح آلاف فرص العمل أمام الشباب من ذوي الاختصاصات المهنية المستحدثة لدى القطاع التربوي ، مما عالج أزمة البطالة التي تسيطر على الفئة الشابة لدى النظام الاقتصادي بشكل عام . وهذا ما ساهم في ولادة السياحة الحديثة عالميا ً وتنشيط المرافق التقنية والتكنولوجيا عقب هذه الثورة التقنية العالمية .ولعل تنشيط القطاع المصارف والبنوك عبر مكننتها تكنولوجيا ً من خلال تسهيل المعاملات المالية من تحويل ونقل الأموال لدى المستثمر أو السائح شكل عامل أساسي مساعد في حدوث ثورة سياحية هامة عالميا ً، تبعا ً لما يحقق التكنولوجيا المصرفية من سهولة تحويل الأموال من والى خارج البلاد، وهذا ما يساعد في تنشيط حركة التجارة وتنشيط عملية الشراء المرافق لحركة الزوار مع فترات الاستجمام والسياحة الفردية والجماعية .ومن هنا نجد تنشيط لحركة الحرف اليدوية التي تشكل التصنيع التراثي للبلاد ، وإنشاء المعارض التراثية المرافقة لأماكن الآثار ومقصد الزوار ضمن المصايف وأماكن السياحة المعتمدة من قبل الدولة .
فمع تنشيط السياحة ومرافقها نجد تنشيط للعديد من القطاعات الاقتصادية الهامة التي لم اعد فقط مورد اقتصادي إنما اتخذت كقطاع مستقل له نقابته ، ومنشطيه وعماله المهنيين والصناعيين بشتى الموارد المتعلقة بقطاع السياحة والاستجمام المرافق لها . وبالتالي ، شكل للبلد ، مورد هام في خزينتها ، وحقق أرباح أنعكس إيجابا ً على نمو الاقتصادي لديها ، مما جسد للدول سياساتها السياحية التي تخطط إليها ، وذلك لإحداث أفكار جديدة تجذب السياح إليها ، ومن هنا نجد الأفكار المعتمدة من قبل أصحاب الفنادق في تطور مستمر وعرض رؤى وتصور تنشط لديها حجم السياح الوافدة إليه ، وعلى سبيل المثال نجد ابتكار لدى بعض أصحاب المطاعم في اليابان من حيث نوع الأكل ومن حيث طريقة تقديم الوجبات للزبائن ، فقد نجد تدريب للعمال لديه على أسلوب بهلواني في طريقة التقديم مستغل اللياقة البدنية ، وشكل عامل انبهار للزوار مما عزز استقطاب السياح لديه من مختلف الجنسيات .ومن هنا نجد ضرورة السياسة السياحية التي تفعل في عملية تنشيط هذا القطاع وتساهم في الابتكارات التي تتوازى مع متطلبات التقدم التقني والعلمي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام


.. الجزائر في المرتبة الثالثة اقتصاديا بأفريقيا.. هل التصنيف يع




.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا