الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهروب الى الحكم الاسرائيلي

سامر خير احمد

2004 / 2 / 9
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


يناضل العرب في الدولة الاسرائيلية منذ نحو خمسين سنة ضد العنصرية الصهيونية، غير انهم اليوم يرفضون باصرار فكرة فصلهم عن تلك الدولة والحاقهم بالدولة الفلسطينية، حسب افكار شارون الاخيرة التي تتضمن مبادلة المناطق ذات الكثافة السكانية العربية داخل اسرائيل، بالتجمعات الاستيطانية الكثيفة في الضفة الغربية. وقد نقلت وسائل الاعلام ردود فعل رافضة للفكرة سواء من أهالي بلدة ام الفحم التي تدور حولها فكرة المبادلة، او من اعضاء الكنيست العرب مثل عزمي بشارة واحمد الطيبي، الذين اعتبروا الفكرة بمثابة تشكيك في شرعية وجودهم على ارضهم.
غير ان المسألة ـ للحقيقة ـ تحتاج بحثها بما هو ابعد من نظرية شرعية وجود العرب في وطنهم، اذ كيف يعقل ان العرب يرفضون الانفكاك من حكم الدولة الصهيونية المحتلة والالتحاق بالحكم «الوطني» الفلسطيني في دولة عربية فلسطينية خالصة؟ وكيف يمكن فهم اصرار قادتهم السياسيين على أنهم جزء من دولة اسرائيل وانهم ليسوا قطع شطرنج تتحرك وفق رغبات الزعماء اليهود؟
الواضح ان العرب في الاراضي المحتلة عام 1948 يرون ان بقاءهم تحت حكم اسرائيل خير لهم من الانتقال الى دولة الضفة الغربية وقطاع غزة الفلسطينية، وهذه القناعة متأتية بالضرورة من مقارنة واقعهم الراهن ـ اقتصاديا وسياسيا ـ بواقع الفلسطينيين في ظل السلطة الفلسطينية المرشحة للتحول الى دولة وكذلك بواقع العرب الآخرين في باقي الدول العربية، انها مفاضلة بين مكتسبات في ظل الاحتلال من جهة، وظروف صعبة في ظل ما يفترض انه الاستقلال من جهة أخرى.
لكن لماذا رجحت ـ وللأسف الشديد ـ كفة حكم اسرائيل عند اولئك العرب؟ هل الوضع الاقتصادي المريح أهم واولى من الاستقلال الوطني والحرية؟
بالطبع لا، لكن من قال ان الدولة الفلسطينية الممكنة تمثل الحرية؟ انها بالضرورة تمثل القمع والاستبداد على الطريقة العربية المعمول بها في الدول العربية القائمة، ولا فرق في المحصلة بين قمع العنصرية وقمع الدكتاتورية، وهكذا فلا يعقل التنازل عن تنمية اقتصادية معقولة وحرية ديمقراطية ملموسة ـ في ظل الدولة الاسرائيلية ـ مقابل الحصول على ازمة اقتصادية خانقة واستبداد وتكميم افواه وارهاب نفسي ـ في ظل دولة الزعيم الملهم الفلسطينية.
ان الدولة الفلسطينية ذات المواصفات العربية التقليدية لا تمثل حلما الا للمكرهين عليها، وهذا ليس غريبا فالشعوب العربية في مجملها ليست راضية عن دولها وعن الحكم فيها. ان الدولة الحلم بالنسبة لكافة الشعوب العربية بما فيها الشعب الفلسطيني ـ وحتى الجزء الموجود في الدولة الاسرائيلية ـ هي دولة الحرية والديمقراطية وكرامة الانسان والتنمية الحقيقية والمساواة وتوظيف الثروات لتحقيق الازدهار الاقتصادي. وهذه هي الدولة التي يهرع العربي ليكون مواطنا فيها، وهي مواصفات لا يمكن ان تكون متحققة في دولة الضفة والقطاع المنقلبة من سلطة الفصائل والكتائب.
لا نلوم العرب في ما احتل عام 1948 على هروبهم من حكم أنصاف الآلهة العرب، فمعهم في ذلك كل الحق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحت غطاءِ نيرانٍ كثيفةٍ من الجو والبر الجيش الإسرائيلي يدخل


.. عبد اللهيان: إيران عازمة على تعميق التفاهم بين دول المنطقة




.. ما الذي يُخطط له حسن نصر الله؟ ولماذا لم يعد الورقة الرابحة


.. تشكيل حكومي جديد في الكويت يعقب حل مجلس الأمة وتعليق عدد من




.. النجمان فابريغاس وهنري يقودان فريق كومو الإيطالي للصعود إلى