الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحمةً بضحايانا .... يا رئيس شباط !!

محسن صياح غزال

2004 / 2 / 9
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


   في هذا اليوم الأسود الممقوت , تحلُّ الذكرى الحادية والأربعون لأول هولوكوستٍ بعثي بحق

العراق وشعبه , وآخر حلقة في مسلسل الأبادة الذي تعرض له علي يد مغول القرن الهمجيين !

ولا زلت أحتفظ بشاهدٍ على تلك المجازر المروعة التي أقترفتها قطعان الحرس اللاقومي بحق أنبل وأشرف أبناء وبنات هذا الوطن , وتشهد الصور والوثائق على بشاعة وساديّة ولا آدمية

تلك المخلوقات وعلى كرهها  وحقدها وظلاميتها للبشر. ذكريات لا تمحى من ذاكرة الوطن والشعب , جروح غائرة لاتزال تنزف في جسد الوطن والأنسان , خلّفتها جرائم وشناعات وحوش مفترسة عاثت في الوطن قتلاً وحرقاً وتدميراً , زنازين وأقبية تعذيب وتشويه , مقابر

للأحياء والقتلى , قطارات الموت ومعتقلات النهاية , سلوك فاشي وهمجي وبربري فاق َ في

بشاعته ودمويته وقسوته مجازر المغول والحجّاج والنازيّة !

أول ذكرى يتنسم العراقيون فيها هواء الحرية النقي , ينامون دون كوابيس وهواجس الرعب,

بلا زوّار ٌ ليلٍ وكلاب نهارٍ مسعوره ولا كمائن حارات ٍوأزقّة , بلا بعث ولا أناشيد ولا صورة جلاّد . في هذه الذكرى التي يدعوا ويطالب فيها الشعب الأقتصاص من القتلة والسفّاحين وسارقي حياته وقوُتِه وتنظيف الوطن من رجسهم وقذاراتهم وبقاياهم , يخرج علينا من يُسمعنا

دعوات ساذجة ومثيرة للأستغراب والحيرة والشجب , تدعوا الى مصالحة الضحية مع القاتل ,

والسجين مع السجّان والمذبوح مع السكّين!! والأغرب من ذلك انها تأتي من رئيس مجلس الحكم لشهر شباط : محسن عبد الحميد , وبعذرٍ أقبح من ذنبٍ , فمرة طائفية وأخرى نظامية !

فهو يدعو الى المصالحة والعفو والمسامحة – وربما التعويض ! – لعناصر الجيش والبعثيين-

ليس المقصود الجنود البسطاء – من المراتب والقيادات البعثية " المظلومين " ! مرة بدعوى أنهم من الطائفة السنّية وأخرى بدعوى أنهم عبيد مأمورين وواجبهم السمع والطاعة فقط !

وهو بهذه الدعوة لايستهين ويهين ملايين ضحايا الأبادة الجماعية في الوطن وخارجه فقط ,

بل ويهين ذاكرة ودموع ونواح الملايين من أهالي الضحايا والمعذبين من اليتامى والأرامل

والمشردين وهذا الخراب الشامل الذي حلّ بالوطن والأنسان .

متى كان سيف الجلاد.. غصن زيتون ؟ ألم يكن على يد هؤلاء تدمير وأحتلال بلدين وشعبين

مسلمين وجارين , ألم يكن على يد هؤلاء أستباحة وأبادة وأغتصاب ما يقرب من ستّة عشر

مدينة عراقية وما فيها من زرع وضرع وبوحشية لم يذكر التأريخ مثيلاً لها – لازالت وثائقها المصورة تفترش الأسواق وتملىء الأرفف - , ألم يكن هؤلاء هم من أباد مئات الألاف من أخوتنا

الكرد وحرقوا وأزالوا القرى من الأرض أبان حملة الأنفال سيئة الصيت وأستخدموا الغازات السامة ضد مواطنين أبرياء وعزّل , ألم يكن هو الجيش العرمرم الذي رمى سلاحه وخلع بذلته

العسكرية أمام أول دبابة أمريكية على حدود بغداد – بغض النظرعن شكل الحكم ونوع الحاكم-

وهل كان الجلادون البعثيون يميزون في الذبح والأبادة بين طائفة وأخرى أو دين وآخر أو قومية

دون أخرى ؟؟؟ كيف يمكن لعاقل سوّي- ناهيك كونه أحد ضحاياهم- أن يعتقد أو يتصور أن هؤلاء البرابرة المتعطشين للدم .. " مظلومين " ! كيف ظُلِموا وعلى يدِ مَنْ ؟؟ هل ظُلموا حين

كانوا يتحكمون برقاب الملايين بالمكاسب والسلطة والجبروت ويسومون الشعب العذاب والويلات, أم أن مئات الألاف من عظام المقابر الجماعية ومئات الألاف من المشوهين واليتامى

والأرامل والمشردين متهمين بالظلم , أم هو الأحتلال الذي أنقذ الشعب والى الأبد من أعتى الفاشيات بشاعة في التأريخ ؟؟؟

أتوجس خشية من هذه الدعوات المنكرة والمرفوضة – تحت اي غطاء أو تبريرأو مسوغ – وفي هذا الوقت بالذات. شعور بالمرارة والخيبة لتلك الدعوات التي تطالب بأعادة الأعتبار

للقتلة والجلادين والمسؤولين عن المذابح والدمار الذي حل بوطننا . انه تزييف للواقع وقلب للحقائق وقبرٌ للعدالة الأنسانية والألهية بتصوير الضحية ظالماً والجلاد مظلوماً ! هؤلاء كانوا

وحوشاً وسفاحين وكواسر , لصوص وقتلة حين تسلطوا على مصير شعبناووطننا , وجرذان

مذعورة ساعة الحسم والجدِّ والمقارعة , وسيدهم جرذ الجحور مثالاً , لقد كانوا الحربة التي نحرت رؤوس الملايين من العراقيين , وكانوا الحصن الذي يلوذ به نظامهم خوفاً من شعبه .

ولا أدري كيف يريدون لهذا الشعب المذبوح أن ينسى ما فعله به هؤلاء منذ " عاهرة الثورات"

في 8 شباط الأسود عام 63 وحتى أبريل 2003 , وكيف له أن ينسى أنهار الدم التي سالت والأرواح البريئة التي أزهقت وتيتمت وشُردت واُغتصبت في ذلك اليوم المقيت ؟ .

كان الأحرى بالسيد محسن عبد الحميد أن يفتتح رئاسته للمجلس بقرار اعتبار يوم 8 شباط

يوم حداد رسمي على أرواح الملايين من الضايا التي أزهقها نظام الجريمة والبصم والجحور.

فكيف نصفح ونسامح ونرحم من صبغ الوطن بدم الضحايا وزرع الوديان بعظام أبنائنا , من

نحر النهر والشجر والنخيل ولوث السماء والعشب , قبل أن نرحم قتلانا وقبورهم التي لم تُكشف

ونرحم أنفسنا أيظاً , وهل ترحمون من يذبحُ بشراً  أ و نخلة ؟؟

محسن صياح غزال

8 شباط 2004

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح