الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الداخلية بين قرارين

مرتضى الشحتور

2008 / 9 / 4
دراسات وابحاث قانونية


ليس عسيرا على أي متابع تشخيص عوامل واسباب الخلل المتفاقم الذي قوض او عرقل توجهات وزارة الداخلية في بناء جهاز امني مهني ومحترف ويحظى بالدعم الوطني المنشود.
ومن غير شك فقد قدم رجال الداخلية الدماء غزيرة في معركة العراق ضد الجماعات المسلحة وفرق الموت والعصابات الخارجة عن القانون والى وقت قريب كانت شرطة العراق تقدم وبمعدل يومي ماعدده ثلاثون شهيدا ومئات الجرحى.
لقد واجهت الشرطة العراقية معركة شرسة تفوق قدراتها .ولكنها صمدت ولم تترك ساحة المعركة.
لم تكن الشرطة مسلحة وكان مشروطا على المتطوعين جلب الاسلحة الشخصية من عوائلهم لتامين الحماية الشخصية لهم ،حتى ملابسهم النظامية اشتروها على حسابهم الخاص.
لقد تم قبول تطوع عشرات الاف من الشرطة وانزلوا الى ساحة المعركة قبل دخول مؤسسة للتدريب الاولي ومعرفة استخدام السلاح.
كانت المعضلة الاساسية ان التدريب قد اعتبر موضوعا غير اساس ،مع ان كراسة التدريب الاساسي تظل مثل القراءة الخلدونية لمعرفة قراءة وكتابة اللغة في المدارس العراقية.
ان الية واضحة لتدريب رجال الشرطة ظلت الى الان عملية غير ممنهجة وفضلا عن ذلك كان اختيار القيادات في المحافظات والمفاصل الاساسية في الدوائر التخصصية عرضة للتغيير الكيفي ضمن الية غير مستقرة وتواجه هشاشة متزايدة.
السبب يعود الى تشريعين جرى اقرارهما بعجالة ومن دون تمحيص.
الاول القانون 71 القسم الاخير منه والذي اناط تعيين قادة الشرطة بالمجالس المحلية.
الاخر القانون 91 الذي تضمن دمج عناصر المليشيات الحزبية في قوى الامن.
في القانونين.اهينت الاسس والتقاليد الاصيلة للمؤسسة الامنية.
فالقانون الاول اسس وصاية مبتدعة من خلال جعل المجالس المحلية تدير فلك مؤسسة سيادية تعنى بتنظيم امن بلد في مرحلة مخاض عسير.
ولاشك فقد رصدنا وعلى مدى واضح كيف كانت مجالس المحافظات تقيل قادة شرطة مرقومين ومشهود لهم بالكفاءة ولاسباب واهية.
ان صراع دستوريا يلف العملية الان.فهناك العديد من القادة الذين عينهم القائد العام للقوات المسلحة وقد اداروا العمليات الاخيرة بنجاح لافت غير ان مجالس المحافظات والمحافظين قد اعلنوا منع التعامل او التفاعل معهم.
وعلى الجانب الاخر كان التفسير الخاطيء للقانون 91 قد وفر فرصة جائرة لزج الاف الاميين ممن هم لاينتمون اصلا لجهة مجاهدة ،وجرى منحهم رتبا عالية ثم تولت الجهات الفاسدة تبويئهم مناصب قيادية في مفاصل تخصصية.مما انعكس بصورة مزرية في تصفيات وانتهاكات صارخة لحقوق الانسان وتعدي واستهتارعلى الرؤساء والمرؤسين.
ان المئات من ابناء المعدومين من الاحزاب المعارضة للنظام السابق وممن يحملون الشهادات الجامعية لم يحضوا باية وظيفة وتعاني عوائلهم شظف العيش.وعلى العكس فقد تمكن الاف من المصلحيين والقادرين على الدفع وركوب طرق الرشا من شق طريقهم ونيل الرتب والمناصب.تحت يافقة قانون بريمر 91 (الدمج)!
ان المعايير القانونية .والمهنية،والتضحيات الهائلة .تم تنحيتها بصورة غير لائقة.
وعلى سبيل المثال فقد حدد قانون خدمة قوى الامن صلاحية السيد وزير الداخلية في التكريم بمنح من (قام بعمل بطولي اكسب العراق عزا وفخرا قدما ممتازا لسنة واحدة).
وفي باب التكريم فقد حدد القانون ذاته صلاحيات القائد العام بمنح رتبة اعلى (رتبة واحدة) لمن اقدم على عمل بطولي وفوق العادة).
اننا ازاء مفارقة مفجعة .فقد منح السيد بريمر من لم يعرف سوح الوغى ولم تعرفه ميادين التدريب او حياض الوطن او خنادق القتال رتب جنرالات وقيادة الوية او حتى فرق مقاتلة،وحسب تزكية رئيس حزب .مع اننا قوانينا العريقة لم تعط الوزير صلاحية منح رتبة! يالها من مفارقة؟
وتظل عملية ارتهان تعيينات قادة الشرطة بالمجالس المحلية في مقدمة الاخطاء الكارثية.
في الانبار اشتدت حدة الازمة فقد اقيل قائد الشرطة اللواء طارق العسل.
وفي بابل اقال مجلسها القائد الشهيد قيس المعموري ولما تمسك بدعم الوزارة له تمت تصفيته بطريقة نسبها اهل الحلة لجهة حزبية ناصبت الشهيد المعموري العداء.
القضية لم تقتصر على الحلة والرمادي كانت هنالك ازمة مماثلة في الموصل وفي حزيران كانت هناك ازمة اشد في الناصرية.
وحيث تشير تقارير موثوقة من هناك الى نجاح السيد صباح الفتلاوي في تصفية جهاز الشرطة وانحسار عمليات القتل الى ادنى معدلاتها وانتهاء اطلاق الصواريخ،وتراجع العبوات الناسفة ،وعلى رغم اقرار الجميع بذلك النجاح اللافت الا ان مزايا نظام المحاصصة السائدة لم يجعل ممثلي الاحزاب المهيمنة القبول بالنجاح ومواكبة تأييد اهل الناصرية للقائد الناجح.
المهمة المطلوبة والملحة الان ،هي في اعادة تقييم المدمجين ،وتسريح الطارئين على الجهاد وغير المؤهلين عمليا ومهنيا.هذا اولا،وثانيا ربط قوات وزارة الداخلية بالقيادة العامة للقوات المسلحة وجعل التعيينات في المناصب القيادية من اختصاص الحكومة المركزية.وذلك مايعيد المهنية للداخلية ومايعيد الصورة الناصعة لشرفها وهويتها الوطنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر