الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصريح بالرشوة ... تصريح بالقتل ... تصريح بالحرق

وائل نوارة

2008 / 9 / 4
الادارة و الاقتصاد


في كل شهر تقوم الحكومة بسداد رواتب موظفي العموم راتباً هزلياً هزيلاً لا يسمن ولا يغني من جوع، وهي تعلم أن نفقات الحياة فوق خط الفقر بملليمترات قليلة أضعاف هذا الراتب، وهي عندما تفعل ذلك عن علم وعمد وعن سبق الإصرار والترصد، فهي تعطي لهذا الموظف تصريحاً ضمنياً أو صريحاً بالرشوة، تصريحاً باستغلال المواطنين المتعاملين معه بيعاً للحكومة أوشراءً منها أو ترخيصاً بالعمل أو البناء أو السير أو الوقوف أو أي شيء آخر تقرر الحكومة أنه يحتاج لترخيص.

وفي كل يوم تصدر قرارات الحكومة بتحميل الشركات أو المنشآت أو الأكشاك الصغيرة عبء ضرائب مبيعات المرحلة الثالثة أو الثانية أو العاشرة أو ضرائب دمغة أو دخل أو خصم وإضافة (كما رأينا في المثال 4 على الصفحات السابقة) فهي تعطي صاحب الكشك أو المنشأة تصريحاً صارخاً بالتهرب من الضريبة.

وفي كل يوم، تستمر الحكومة في العمل بقانون عداد التاكسي الذي يفترض أن 3 = 10 كما رأينا في المثال رقم 1، فهي تعطي سائق التاكسي تصريحاً أصيلاً بكسر القانون ومحاسبة الزبائن على أساس أن 10 = 10، وتصريحاً بتلويث البيئة بسبب أن السيارة مستهلكة، باعتبار أنها تمنعه من شراء سيارة جديدة – لأن الإهلاك في المثال 1 على الصفحات السابقة = جنيه واحد، بينما يجب أن يكون الإهلاك في حدود خمسة جنيهات في المشوار باعتبار أن قيمة السيارة مثلاً 90 ألف جنيهاً، وعمرها الاقتصادي خمس سنوات تعمل في كل سنة 12 شهراً وفي كل شهر 25 يوماً وفي كل يوم ورديتان، كل وردية 8 ساعات منها ساعتان بحثاً عن الركاب، بإجمالي 18 ألف ساعة طوال العمر الاقتصادي للسيارة، بما يرتفع أيضاً بالعائد المتوقع عن المشوار إلى 10% من 90 ألف جنيهاً مقسومة على 3600 ساعة عمل سنوياً = 2.5 جنيهاً في المشوار.

وأنا آسف لاضطراري لذكر هذا المثال: في كل يوم، تقوم الحكومة بتسيير القطارات على شبكة السكك الحديدية التي تفتقر لأدنى قواعد السلامة، نظراً لعدم تناسب قيمة تذكرة النقل مع التكلفة الآمنة للنقل (ونضع خطاً تحت الآمنة) مع عدم قيام الحكومة بسداد مثل هذا الفرق، فهي تعطي لوزير النقل تصريحاً ضمنياً بالقتل، تصريحاً بقتل المواطنين من ركاب القطارات، ولا دخل هنا للإهمال أو القضاء والقدر أو أي شيء آخر، سوى الإصرار على إدارة الأمور طبقاً للوغاريتمات فاسدة ولامتساويات واضحة تصر الحكومة على اعتبارها كمتساويات.

في كل يوم ترفض الحكومة رصد الاعتمادات المناسبة والاحتكام للشركات المتخصصة في تأمين المباني ضد الحريق، وخاصة للمنشآت الهامة ذات القيمة التاريخية أو التي ترتادها أعداد غفيرة من المواطنين كل يوم، فهي تصدر تصريحاً بالحرق، وحادث مجلس الشورى الأخير، وما كشفه مسئولي الدفاع المدني من أدلة أكيدة على التقاعس والتواكل والاستخسار بل والاستهبال - هو خير دليل على ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق كليبر.. منافسة بين بحارة بولاية واشنطن لجمع تبرعات لمنظ


.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 08 مايو 2024




.. الرئيس الصيني في ضيافة الإيليزيه.. وسط توترات جيوسياسية واق


.. البنك المركزى: ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى لـ41 مليار دولار




.. سعر جرام الذهب الآن فى مصر يسجل 3100 جنيه لعيار 21