الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يشبع لصوص عراقنا الجديد ؟

يحيى السماوي

2008 / 9 / 3
كتابات ساخرة


تقول النكتة إن مسؤولا من مسؤولي إحدى الدول المانحة ، نشر إعلانا ً عن مناقصة ٍ عالمية لإنشاء سياج ٍ كونكريتي يحيط بمقرّ إقامة المندوب السامي الأمريكي في المنطقة الخضراء .. فتقدم بالعروض ممثلو ثلاث شركات مقاولات من بلدان مختلفة : موريتانية وصومالية وموزمبيقية ..

طلب ممثل الشركة الموريتانية مبلغ مئة وخمسين ألف دولار لإنجاز الجدار الكونكريتي ، مبيّنا التفاصيل الآتية : خمسون ألف دولار قيمة المواد الإنشائية من حديد وحصى وسمنت ... وخمسون ألف دولار قيمة أجور العمال والمهندسين ... وأمّا العشرة آلاف دولار فهي ربح الشركة ..

ممثل الشركة الصومالية طلب مبلغ ربع مليون دولار لإنجاز الجدار ، موضحا ً أن المبلغ هو : مئة ألف دولار قيمة المواد الإنشائية ، ومئة ألف دولار قيمة أجور العمال والمهندسين ... وما تبقى هو ربح الشركة ...

ممثل الشركة الموزمبيقية طلب مبلغ ثلاثة أرباع المليون ، مبينا ً في عرضه أن المبلغ هو : ربع مليون دولار قيمة المواد الإنشائية .. وربع مليون قيمة أجور العمل ـ والربع الثالث هو ربح الشركة .

لكنّ أحد كبار موظفي حكومة عراقنا الجديد ، تقدّم للمسؤول الدولي بعرض ٍ أكثر إغراءً ... فقد طلب مبلغ مئتـَيْ مليون ومئة وخمسين ألف دولار .... وحين استغرب المسؤول الدولي من حجم المبلغ طالبا ً منه المزيد من التفاصيل ، قال له الموظف الحكومي الكبير : مئة مليون دولار لك ... ومئة مليون دولار لي ... وأما المئة والخمسون ألف دولار المتبقية فهي للشركة الموريتانية التي سنكلفها بتشييد الجدار .

**

تذكرت هذه النكتة وأنا أقرأ ما أدلى به رئيس هيئة النزاهة العامة القاضي رحيم العكيلي لوكالة الصحافة المستقلة " إيبا " على هامش مؤتمر ( الفساد بين الشريعة والقانون ) االذي اختتم أعماله يوم السبت الماضي .. فقد كشف السيد رئيس هيئة النزاهة عـن " أنّ الكثير من المسؤولين العراقيين امتنعوا من تقديم كشوفات المصالح المالية الموجودة بذمتهم ولازلنا نحاول إقناعهم بضرورة تطبيق هذا القانون وتقديم الكشوفات المالية " .. مضيفا أن الهيئة " لا تستطيع ملاحقة أو اعتقال المسؤولين خاصة ممن شـُـمِلوا بقانون العفو العام الصادر مطلع العام الحالي والذين توجد في ذمتهم اموال حكومية كبيرة " ... أما سبب عدم استطاعة الهيئة محاسبة هؤلاء اللصوص فهو : " إنّ قانون العفو العام المرقم ( 17 ) و الذي صدر في ضوء المصالحة الوطنية التي اطلقـتها الحكومة العراقية قد شمل معظم قضايا الفساد المالي والاداري وخصوصاً فيما يتعلق بالوزراء " مشيرا ً إلى أنّ : " عدد القضايا التي شملت بقانون العفو العام والتي تتعلق بهيئة النزاهة قد بلغت اكثر من( 700 ) قضية في محافظة بغداد لوحدها " ..
وبمعنى ً آخر ، فإن " نواطير العراق " و " حرّاسه " الحاليين هم اللصوص ـ لكنهم لصوص محميّون بـ " قانون العفو العام " وقـلعة " المصالحة الوطنية " ...
وإذا كان عدد القضايا اللصوصية " المسكوت عنها " في بغداد وحدها بلغ أكثر من سبعمئة قضية ، فكم عددها في العراق كله ؟

لقد بذلت حكومة المالكي جهدا طيبا ً في التصدي للجريمة المسلحة وبعض مظاهر العنت الطائفي ، كان من نتائجه تحسُّـن الوضع الأمني ... لكنّ جرائم الفساد المالي ليسـت أقلّ خطرا ً على المواطنين من جرائم السطو المسلح والعنت الطائفي .. فهل سنشاهد هؤلاء اللصوص داخل أقفاص المحاكم لحملهم على إعادة أموال الشعب ، ومن ثم إيقاع العقاب اللائق بلصوصيتهم ؟

صحيح أنّ حاشية وأفراد أسرة وعشيرة الديكتاتور المقبور قد سرقوا وأهدروا الكثير من أموال الشعب العراقي ـ لكنّ الصحيح أيضا ، أنّ الحاشية الجديدة و" نواطير " عراقنا الجديد ، قد سرقوا وأهدروا في خمس سنوات ، أضعاف ما سرقه رموز النظام المقبور على مدى أكثر من ثلاثين عاما ...

لقد شبع الشعب قهرا ورعبا وجوعا .. فمتى يشبع لصوص عراقنا الجديد ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب