الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية الموت والحياة وغبارالحق الإلهي

سميرة الوردي

2008 / 9 / 4
الارهاب, الحرب والسلام


في الغربة يتلاشى الوهم ، ويظهر الواقع على حقيقته ، قد تجد لك في غربتك مجالات شتى لم تستطع الحصول عليها في الوطن لأسباب عدة أولها نأيك عن محابات من بيدهم الأمر والنهي ، فكرامتك الثقافية والسياسية والفكرية تنأى بك الى شواطئ مجهولة تعوضك عما تفتقده في الوطن من حرية وأمان ، تبذل كل قدراتك في موطنك الجديد ، وما أن يستتب لك ما كنت تحلم به حتى يعود هاجس الوطن ليغزوك من جديد ، فيصبح الوطن حلما مغيبا يزاحم وجودك لينفيك ثانية لذاك اللاوعي الذي يشدك للوطن لرائحة الأم والميلاد ، تلك البقعة التي أطلق عليها مسقط رأسك ، وكم تتمنى وأنت في غربتك أن تعود لنقطة البداية أو توقف الزمن فلا تدخل خط التغرب والتشرد والتيهان حيث لا أهل ولا وطن يُشبع حنينك .
ما إن بدأت بكتابة الموضوع آملة أن أشفي ما بداخلي خوفا من الموت بالغربة بعيدا عن كل الأحبة كما حدث لكثير من العراقيين الذين ماتوا عشقا في حب وطنهم ولكن لم تسنح لهم الفرصة والظروف لرؤيته وتكحيل العين بترابه بعد كل السنوات العجاف .
خبران أفزعاني من تداعيات الموت الذي لف الكثيرين من خيرة أبناء الوطن ومفكريه ولن يكون آخرهم كامل شياع ، فاليد السوداء وريثة العهد المقبور مازالت تهيئ المقابر للأبرياء والمفكرين .
الخبر الأول
القبض على فتاة متورطة بأعمال إرهاب ، ولم تكن الفتاة لوحدها بل هو عمل عائلي اتخذه الأب والأخ والأم والله أعلم ممن تبقي من العائلة وأقربائها ، والأكثر فزعا تزويج هذه القاصر ممن تلطخ ضميره ويديه بدماء الأبرياء ، وهنا يبرز الى السطح تساؤل قد يستنكره من أطال لحيته وقصر ثوبه ولبس الدين زيفا وإدعاء ، كيف تُزوج طفلة لم تبلغ سن الرشد ، تزوجها امها لأي طارق تختاره دون الإحساس بأي مسؤولية أو محاسبة ، أين القوانين التي تحمي الطفولة أولا والمرأة ثانيا من المتاجرة بهن .
لقد أظهر الخبر هذه الطفلة وكأنها مدفوعة كرها لهذه الجريمة محملا الفقر الوزر الذي دفع هذه الفتاة لهذا العمل ، فمقابل المال لا يرتدع الفرد عن ارتكاب أي جريمة ، وهذه النظرة للأمر نظرة ساذجة مفزعة تفتقر الى العلمية والموضوعية ، فالإرهابيون الذين ارتكبوا أبشع الجرائم منهم من تسلل من عوائل ميسورة ، ( وهذا ليس دفاعا عمن بيده أمر توفير فرص لحياة كريمة لكل العراقيين دون تمييز ومحاباة ) إن من يدفع أمثال هذه الطفلة وأطفال آخرين الى طريق الشر هو الحقد أولا والتخلف ثانيا ، فالجهل آفة قاتلة إذا استشرى في جسد أي مجتمع ، إن التعليم الإلزامي ضرورة اجتماعية لا يختلف عن أي ضرورة أخرى من ضرورات المجتمع كالصحة والكهرباء والخدمات الأخرى ، والتعليم الإلزامي لا يتوقف عند الإنتهاء من المرحلة التأسيسية أي الإبتدائية بل يتعداه الى المرحلة المتوسطة . إن لبناء مجتمع مدني خال من الآفات التي مر بها مجتمعنا العراقي لابد من علاج الإرث البغيض الذي ورثناه من الماضي فنسبة المتسربين من المدارس شكل نسبة عالية بين صبيان وشباب وطننا ولذا معالجة هذه الجوانب تساعد على بناء أجيال يتنامى عندها الحس الوطني والمواطنه فلا تنزلق تحت سطوة الإرهاب والجهل ، دون اللجوء الى تبرير مثل هذه الجرائم وإثارة استعطاف الناس وإظهار من تتزر بحزام ناسف تهدف به قتل أكبر عدد من الناس في سوق شعبي يضم كل فئات المجتمع بصورة المخدوعة المغرر بها ..
الخبر الثاني
تصاعد غبار كثيف غطى كل مدن العراق الى هنا الخبر عادي جدا ولكن أن يعلق على هذا الغبار الذي لن يكون الأول ولا الأخير في بلادنا ، وفي مواسم معينة أعتاد الناس على تصاعده لدرجة قد يسبب قلع بعض الأشجار وسقوط بعض الأسيجة ، والدور المتهاوية ، وهياج صدور من أُصيبوا بالربو ، بالألم والسعال وحاجتهم لتوفير الدواء والأقنعة .
كثيرا ما حدثت وتحدث مثل هذه الحالات منذ طفولتنا وللحظة هجرتنا من بلدنا الحبيب ولكن المؤسف هو اتباع الخبر بتعليق ثأري مبطن باللؤم والغدر وهي ليست المرة الأولى التي يدسون السم الزعاف في دورق العسل بل إنها سياسة أغلب إذاعات العالم وفضائياته وكأنهم يستحيفون الإطمئنان النسبي الذي حصل عليه بعض العراقيين بعد تطبيق خطة فرض القانون ، إذ عُلق على الخبر بأن الشارع العراقي بات يصف تلك الموجات من الغبار بأنه ( انتقام إلاهي ) وهو وصف لم نسمع بمثله لا قديما ولا حديثا عن أعاصير شتى دمرت ما دمرت وأهدرت من الثروات ما أهدرت ، فأعاصير العالم لم تكن انتقاما الاهيا ، كإعصار ويلما وريتا وميتش وكاترينا وحتى موجات تسونامي وغونو وليس آخرهم غوستاف ولا الزلازل جنوب شرقي الصين ، تلك الأعاصير ليست أعاصير للإنتقام الإلاهي لأنها في بلد غير العراق،
أما الغبرة التي ترتفع في مدننا وقد تكون مرتفعة أيضا في دول مجاورة
هي انتقام من العراقيين أصحاب أكبر مقابر جماعية في التاريخ على يد حكامه الساديين السفلة وأتباعهم وأشباههم ممن ينتقم لهم هذا الغبار .
أهكذا تفسر الأمور يا ( إذاعة سوا ) لماذا لم ينتقم كاترينا من الآلاف المؤلفة الذين قتلهم وهجرهم وما زالت آثاره حتى اليوم وكذا تسونامي ، لتأتي الغبرة العراقية بالإنتقام الإلاهي أين رحلت علومكم البيئية في معالجة هذه الظواهر غير الكيدية ، هل نسيتم إن إقامة الأحزمة الخضراء حول المدن هو السبيل الوحيد لدرأ العواصف الترابية والعراق بلد عرف بغزارة أشجاره وجودة تربته وعذوبة مائه وقدرته على العطاء لو توفرت إرادة مخلصة في الإنبات والإعمار ، والى اللقاء في أعاصير وغبرات غير إلاهية تنظف الأخلاق من الكذب والشعوذة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران: أسطول جوي قديم ومتهالك؟.. تفاصيل عن مروحية الرئيس رئي


.. الصور الأخيرة للرئيس الإيراني رئيسي قبل تحطم مروحيته وموته




.. الحرب في غزة: هل من تأثير على قطاع السياحة في مصر؟ • فرانس 2


.. تساؤلات في إيران عن أسباب تحطم مروحية الرئيس من بين 3 مروحيا




.. سيناريوهات وأسباب محتملة في تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟