الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكريم شاعر مرهف

طارق قديس

2008 / 9 / 5
الادب والفن


أمضى الشاعر أكثر من أربعين عاماً من عمره في خدمة الشعر، زاهداً في الدنيا وما فيها من مغريات تستطيع أن تنقله من شعراء قاع المدينة إلى طبقة المترفين، وكان كل ما يملكه بيت صغير في حي فقير للغاية في قاع المدينة.

ظل الشاعر يصب أفكاره بالحبر على الورق قبل العولمة، وكذلك بعد العولمة، رافضاً كل ما يدفعه إلى الخروج على طقوسه اليومية في كتابة الشعر.

ظل يكتب عن أرضه التي أحبها، عن بلدته التي عاش وتربى على طرقها المستوية والوعرة، عن فتياتها الجميلات، عن زهورها النضرة.. ظل يكتب كل ما يلامس قلبه دون أن يطال نفسه تلوث القلوب بصبغة النفاق المستشري في معظم النفوس البشرية عموماً.

ظل بعيداً عن مسح الجوخ، عن كل ما من شأنه أن يتضارب مع فكره وما يؤمن به.

والحق يقال أنه كان شاعراً مرهف الحس، يكتب في كل مكان، ينشر شعره في الصحف اليومية وفي المجلات العربية، إلا أن أحداً من أصحاب المراكز الثقافية لم يكترث به، بل إنهم جميعاً حاولوا قدر الإمكان ركنه على الرف، بعيداً عن دائرة الضوء، وكل ما فعلوه في حياته هو أنهم تذكروه بما تيسر لديهم من مال حين ألمت به وعكة، وكأنهم كانوا يريدون أن يشمتوا به وأن يتفضلوا عليه ، وفي قرارة أنفسهم يأملون بأن يرحل عنهم حتى لا يروا وجهه مرة ثانية.

ومع أنه اجتهد وكتب هنا ونشر هناك، إلا أنه ظل شاعراً مغموراً لدى الكثير من الناس.

ولما مات، حاول من عملوا على تهميشه في حياته أن يظهروا بمظهر الحملان في مماته، فقاموا بتكريمه بعد رحيله! ولكن كيف؟ قاموا بإطلاق اسمه على أحد الشوارع في المدينة، وكأن الشارع يخلد ذكر الشاعر، ولم يأبهوا باهماله طيلة السنوات، وأنه لطالما كان مهمشاً بسببهم هم ذاتهم، بل إنهم عندما هزتهم ضمائرهم للتمادي في تكريم الرجل لمعت في ذهن أحدهم فكرة جهنمية لتكريمه، وهي أن يقوموا بتحويل منزله إلى مزار دائم، ووضع نصب تذكاري للراحل عند مدخله.

وحتى يتسنى لهم أن يكملوا تكريمهم الحاتمي قرروا أن يطردوا أولاده من المنزل، منزل أبيهم الذين تربوا فيه، فالمنزل ليس للنوم بعد اليوم، وإنما هو ثروة قومية، وملكٌ للجميع .. أما هم فلهم أن يختاروا الرصيف الذي يشاؤون في المدينة، ولهم أن يشكروا المكرمين على تكريمهم صباحاً ومساء لأنهم قد أوفوا الحق لأبيهم ميتاً أكثر منه حيَّاً بطريقة فريدة من نوعها ويصعب وصفها لو شاؤوا بأن يصفوا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق على الشاعر الراحل طارق قديس رحمه الله
مادلين الخوري ( 2012 / 3 / 21 - 18:49 )
لا اعرف كيف ابدأ بالكتابه عنه لاني عاصرت مرحله زمنيه كنا قد عملنا سويا في شركه الزي للالبسه الجاهزه وكان هو صديق عزيز على وكان كل ما يكتب ياتي الي ويقرأ لانه كان يحب ان استمع له واعطيه رأيي له لما كتب من قصائد لانه يعلم بأني اعشق الشعر الى ان اتى بيوم وحامل بيديه كتابه الاول التي تم نشره( بأسم هلوسات عاشق مفلس) وكان اول اهداء لي وكتب الاهداء لي ومع ظروف الحياة كل منا اصبح بطريق ومرت سنين وسنين الى ان سافرت من الوطن الى الولايات المتحده وانا مقيمه الان هناك بالامس كنت ابحث عن كتابه في مكتبتي الصغيره الى ان وجده ففررت ان ابحث في جوجل عن اخباره وهل استمر في الكتابه الى ان تفاجئت بقرار موته وعدم التكرث له وكل هذه السنوات ولا احد قد قام بتكريمه وتعزيزه لا بل للاسف قد قاموا بطرد اولاده من بيت ابيهم الذي تربوا وبقية ريحته متواجده في ذلك المنزل للاسف لا يسعني الا ان اقول رحمك الله يا صديقي ذات الاحساس المرهف


2 - تعليق على الشاعر الراحل طارق قديس رحمه الله
مادلين الخوري ( 2012 / 3 / 21 - 18:52 )
لا اعرف كيف ابدأ بالكتابه عنه لاني عاصرت مرحله زمنيه كنا قد عملنا سويا في شركه الزي للالبسه الجاهزه وكان هو صديق عزيز على وكان كل ما يكتب ياتي الي ويقرأ لانه كان يحب ان استمع له واعطيه رأيي له لما كتب من قصائد لانه يعلم بأني اعشق الشعر الى ان اتى بيوم وحامل بيديه كتابه الاول التي تم نشره( بأسم هلوسات عاشق مفلس) وكان اول اهداء لي وكتب الاهداء لي ومع ظروف الحياة كل منا اصبح بطريق ومرت سنين وسنين الى ان سافرت من الوطن الى الولايات المتحده وانا مقيمه الان هناك بالامس كنت ابحث عن كتابه في مكتبتي الصغيره الى ان وجده ففررت ان ابحث في جوجل عن اخباره وهل استمر في الكتابه الى ان تفاجئت بقرار موته وعدم التكرث له وكل هذه السنوات ولا احد قد قام بتكريمه وتعزيزه لا بل للاسف قد قاموا بطرد اولاده من بيت ابيهم الذي تربوا وبقية ريحته متواجده في ذلك المنزل للاسف لا يسعني الا ان اقول رحمك الله يا صديقي ذات الاحساس المرهف

اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي