الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة لكل الديمقراطيين: في ميزان المسائلة العلمية؟

عبدالاله سطي

2008 / 9 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


شغل ظهور "حركة لكل الديمقراطيين" الدرع المدني لما سوف يسما فيما بعد بحزب "الأصالة والمعاصرة"، العديد من الأوساط السياسية والإعلامية، التي اختلفت في تحليلاتها حول الوافد الجديد، ما بين مؤيد ومبارك له وما بين مستعيض منه ودوره داخل الحقل السياسي المغربي.
بإعمالنا للعقل وبوضعنا لهذه الحركة في ميزان التحليل العلمي، تثار ثلاث ملاحظات أولية:
الملاحظة الأولى: تتجلى في المقاربات السطحية التي تناولت بها التحاليل التي واكبت حلول هذه الحركة على الحقل السياسي المغربي. حيث معظم الآراء التي وردت في هذا الشأن كانت في كثير منها استباقية ووصفية مما أسقطها في فخ الأحكام المسبقة.
الملاحظة الثانية: إن أكثر ما أثار الانتباه في هذه الحركة هي مجيئها بمبادرة من مقرب السلطة وصديق الملك "علي الهمة"، الوزير المنتدب لدى وزارة الداخلية السابق، إلى جانب نخبة من الأطر المحسوبة حتى وقت قريب على اليسار الراديكالي والتي كانت في مواجهة مباشرة مع النظام القائم.
الملاحظة الثالثة: ما يثار أيضا حول هذه الحركة هو سؤال القيمة المضافة التي يمكن أن تضيفها للمشهد السياسي القائم؟، الذي أبرز عن أزمته بجلاء بعد استحقاقات 7 شتنبر 2007. هذا يحيلنا أيضا على سؤال الأيديولوجية التي ستقوم عليها هذه الحركة؟.
هذه الملاحظات تحيلنا على الاستنتاجين التاليين:
1ـ إن "حركة لكل الديمقراطيين" هي حركة لم تاتي من فراغ، بل هي تأتت لتملأ الفراغ الذي أصبح يهدد توازن الحقل السياسي المغربي. وبإعمالنا لمفاهيم علم السياسة والسوسيولوجية السياسية، يمكن موقعة هذه الحركة من خلال السياق الذي ظهرت منه وفيه، ضمن خانة إوالات ودعامات النظام السياسي الذي يحس بعدم التوازن السياسي في كيانه، والتي من دونها يمكن أن تتهدد مصالحه واستمراريته. وما يفسر هذا هي السوسيولوجية المهنية للنخبة التي تتألف منها هذه الحركة ثم كرونولوجيا تأسيسها. فعلى المستوى الثاني نجد أن واقعة خروج "على الهمة" من مؤسسة وزارة الداخلية التي لم يكن لها أي تفسير مادي حقيقي، ثم دخوله لغمار المنافسة الانتخابية وحصده لثلاث مقاعد بدائرة "الرحامنة" التي ترشح فيها، والتي تعتبر الحدث والنموذج الوحيد الذي لم يسبق أن عرفه المشهد السياسي المغربي. دخول العملية الانتخابية برره "على الهمة" بكونه جاء بمباركة من الملك، مشروعية السؤال تأتي هنا، في صيغة، ما الذي يبرر خروج "على الهمة" من خدمة الدولة من خلال مؤسسة الحكومة إلى خدمتها من خلال المؤسسة التشريعية؟ مشروعية الجواب تتضح من خلال خطابات هذا الأخير سواء للصحافة الوطنية أو من خلال اللقاءات التواصلية التي عقدتها الحركة في مختلف أرجاء المملكة. والتي يمكن تقسيمها للمستويين:
المستوى الأول: يتجلى في "مواجهة الإسلاميين" والتي ما فتئ أن عبر عنها على الهمة في غير قليل من المنابر الإعلامية، وهذا يعني شيء واحد هو مدى التهديد الذي أصبح يشكله الإسلاميين للنظام السياسي، خصوصا بعد "موت" المعارضة التقليدية والتي باتت رقما ضعيفا في معادلة الدولة. ومن هنا يمكن أن نرجع بالتحليل بإحلال المقارنة ما بين الدور الذي لعبته أحزاب الإدارة في السابق، والذي كان يتجلى بالأساس في مواجهة المعارضة اليسارية المتشددة تجاه السلطة القائمة، وهنا نستحضر نموذج "جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية" التي وظفت لمواجهة أحزاب الحركة الوطنية المتمثلة في "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية" وحزب "الاستقلال" اللذان كانا يتخندقان في محور معارضة سياسة الحسن الثاني في تدبير مغرب ما بعد الاستقلال، الفرق إذن فقط في الخصوم السياسيين اللذين استبدلوا بالإسلاميين عوض اليساريين.
المستوى الثاني: إذا كانت إيديولوجية "جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية" بزعامة "رضا اكديرة" ليبرالية التوجه، فإن حركة/حزب الهمة يقوم على أيديولوجية النظام السياسي المغربي، وهذا يتجلى من خلال ما عبرت عنه الحركة في لقاءاتها التواصلية التي كثيرا ما أشادت فيها بالحركية التي يشهدها المغرب بقيادة الملك محمد السادس، والأوراش التنموية التي فتحت في مختلف المستويات الاجتماعية والسياسية، والتي يقتضي تدعيمها ومسايرتها، كما كثيرا ما أثنى "على الهمة" على "تقرير الخمسينية" وتجربة "هيئة الإنصاف والمصالحة" بالإضافة إلى التأكيد على أهمية "مدونة الأسرة" التي حققت كما ترى الحركة نقلة نوعية في حقوق المرأة ووضعيتها داخل المجتمع. ربما إذا اختزلنا هذه الأمور جمعية سيتضح أن القيم السياسية التي يقوم عليها هذا "الوافد" الجديد هي القيم التي يتم تصريفها في المشهد العام في المغرب حاليا: المصالحة مع الماضي، والعهد الجديد، والمشروع الديمقراطي الحداثي...فالدولة أحست من خلال ضعف النتائج التي تخلفها منهجيتها التنموية على تحسين وضعية المواطن، ثم تصنيفات المؤسسات الدولية للمغرب في مراتب جد محتشمة ووقعها على نفسية المواطنين، بالإضافة إلى تصاعد وتيرة الإحتجاجات المجتمعية، إلى ضرورة البحث عن سند مجتمعي يمتص غضب المجتمع ومبشر بالمغرب الديمقراطي الحداثي ، وبالتالي محاولة إعادة الثقة في الدولة وفي استراتيجياتها لتدبير الملفات العامة في شتى القطاعات.
ومخلوص القول يعود بنا إلى سؤال مستقبل هذه الحركة/الحزب، هل من خلال الاستراتيجيات التي سيتبعها والتي تبررها القيم التي يقوم عليها قادر على إقناع الشعب المغربي بإختيارته؟ جوابنا سيكون بلا وذلك لاعتبارين:
الأول: كون حزب الهمة هو حزب أطر وليس حزبا جماهيريا، وبالتالي تغلغله في الأواسط الشعبية يقتضي منه الكثير من الانتظار والعمل القاعدي لاذي لا يتأتى بين ليلها وضحاها.
الثاني: الشعب المغربي من خلال انتخابات 7 شاتنبر 2007 أبرز على أنه وصل إلى حالة ليست بالضعيفة من اليأس بالمشهد السياسي، ولعل ذلك راجع إلى التراكم السلبي الذي أدت إليه السياسيات العامة المتبعة في القطاعات التي تمس المواطن مباشرة.فهل لقطار الهمة الآليات الكفيلة لإخراجه من هذا اليأس؟
سؤال فيه نظر
سؤال سيجيبنا عليه ما سيقدم من الأيام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار