الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مليكة مزان والربّ ( ظاهرة شعرية اسمها مليكة مزان )

جمان حلاّوي

2008 / 9 / 5
الادب والفن


تأكد لي بعد قراءاتي المتواصلة عن الإبداع الإنساني في كل مجالاته أن لايمكن وضع الإبداع في قوالب مرصوفة وضمن اطر ولوازم وفروض ،
وليس هناك ضوابط نسميها أخلاقية حددتها أدمغة سلفية جامدة ضيقة .
ولا يمكن للإبداع أن يكون إنتاج النخبة إذ ليس هناك مفهوم (الفن للفن)، هذه بلادة وضعف بصر وضيق أفق ، الفن للناس وللتغيير وللتقدم وفهم الواقع وتمثله وبالتالي تشكيله بصيغ فنية ، كيف يكون الفن للفن وأنت قد أخذت مادة الفن من الواقع ؟ لا يجوز ..
وبالتالي فالكتابة هو إبداع وفن لا يحد بقوالب وحدود ولا يكتب لتبرير نفسه، ولا تحتكره (النخبة )الزائفة فأن مسك القلم هو بحد ذاته خروج عن المألوف ألصنمي الجامد نحو فهم الواقع ومحاورته ..

هكذا الشاعرة مليكة مزان .. الشاعرة الامازيغية من الشمال الأفريقي كتبت وتكتب للناس .. للقضية التي تنادي بها ؛ للأرض التي سلبها المحتلون العرب الذين داسوا تراث هذه الأرض وكل أراضي الناس حتى في العراق والشام بغزواتهم الهمجية ، فارضين شوفينيتهم ودينهم الدوغمائي البليد الذي حطم طموح الشعوب في النهوض والتطور والتمدن بعيدا" عن بدوية المحتل الجلف !

من يقرأ للشاعرة ( مليكة مزان ) كأنه يغوص في بحر عميق إذ ربما يغرق إن لم يتهيأ له ..
ومن يكتب عن الشاعرة ( مليكة مزان ) كأنه ينحت في صخر ، وكلما ازداد الطرق كلما تثلـّمت قواطع المعول !!

( مليكة مزان ) شاعرة لها خصوصية في تمثـّل الواقع المفروض ؛ الواقع البوليسي الدامي ، وإخراج النتاج منصبا" في انقلابات الضد : السلطة القامعة السالبة للحق المشروع ذات الدساتير والفتاوى التي تخدم أغراضها تجسدها ( أي الشاعرة ) بالرب بكل غموضه وتخفيه ليمارس سطوته المتوارثة فوق الأرض المغتصبة ( بفتح الصاد ) المتمثلة بالمرأة المنتهكة التي تحارب بسلاحها الوحيد ( الجسد الجريح) لإظهار نتانة الرب : -

* الرب القوّاد :

( من قصيدة / أو أفتح بيتا" للعاهرات )
هو رهان ..
كان عليّ أن أكسبه
أو ..
أفتح بيتا" للعاهرات !
..................
الآن ..
وقد خسرت الرهان
ها الرب يقنع الزبائن ..
باحترام المواعيد ،
بالانتظام في الطوابير ....

فالمقدّس الغائب يكون ذا سطوة مبهمة الوقوع ، حاملة سوط الموت والنار والوعيد ، لكن ما أن ينكشف حضوره وتخرج نوازعه الشخصية بشبقه وخوائه المريض حتى نراه : -

* الرب المفلس المبتذل :

( من قصيدة / سلام هو حضن العاهرة )
آخر يقيناتي :
أن لابد للرب ..
من عاهرة مثلي ،
تحدس ما به ،
تحميه من نفسه ،
من صدماته ،
من إفلاساته ،
من كل المطاردات !

إنها سلطة الدولة الخاوية المتدرعة خلف البوليس والعصا الغليظة ، تخاف الحوار مع الشعب الحقيقي بمطالبه الشرعية ، إذ ما أن يجبر على التحاور حتى يظهر جبنه :-

* الرب الجبان :

( من قصيدة / الكفر ما يرفع نسبة الرب في دمي )
سبحان النار
إذ تأفل الأرباب ،
إذ يشهر عماه كل عمى :
إذ ينادي في كل عمى :
بردا" وسلاما" :
هي نار الشجعان ..
خاشعا" ،
متصدعا" ..
يخر لها أكثر من رب !

ويقيء خوفه وضعفه فيخلق نقيضه : الجسد ، المرأة ، الغواية ، الشيطان !
إذ لا وجود لوجوده دون النقيض ، ليذوب فيه فتتلاشى قدسيته ؛ ليخلق سلاح موته :-

* الرب الخائف :

( من قصيدة / ما لنيتشه أن يشبه عهري !)
كفرا"
بوحدانيته ..
اقترف الرب العالم ،
خوفا"
من وحدته ..
فرض الرب الخلود !

إن شعر السيدة ( مليكة مزان ) هو إبراز واقع الشرق العربي وشمال أفريقيا في تجسيد لسلطة الربّ / السلطة البوليسية / الدكتاتوريات المتوارثة / الممالك الممسوخة عن أباطرة دمويين أمام شعوب مضطهدة مسحوقة مسلوبة الإرادة واحترام الوجود الإنساني والحريات الشخصية والجمعية ،
مسروقة الأرض واللغة والثقافة ..
ويجب أن لا ينظر إلى شعرها من جانب واحد فما تحت الكلمات ، وما كتب بالماء السري خلف الأبيات الشعرية هو كثير .. كثير ، فالشاعرة لا تكتب عن الجسد حين ندقق ، بل أنها بكائية كبيرة وعنيفة .. ملحمة شعب مجروح يلطخ وجوه حكـّامه البغاة بالسخام والوحل في خلق هكذا مبدعين.

لم يكن للجسد يوما" في شعر ( مليكة مزان ) رعشة شبق بل رجفة بكاء ، أو ردّة خوف وكأن لسان الحال يقول :
" من هذا الذي سبقني وقدم جسده قبلي لرصاص
البوليس ؟!
إنها مليكة مزان !! "

هكذا أقرأ شعرها ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي